عندما تزداد سخونة الأوضاع الاقتصادية في بلاد مثل تركيا,تلجأ لسياسات الدفاع التقليدي,لتشعل لهيب حلف المصالح وغرام الأفاعي بين أنقرة وتل أبيب,بعد فترة من السكون كادت خلالها أن تهدأ وينطفئ بريقها,ولكنها بحاجة للاشتعال لمواكبة سخونة الأزمات وحدة الكارثة. فقد وصلت في الماضي العلاقات التركية-الإسرائيلية إلي نقطة الانهيار بعد أن اقتحمت قوات مشاة البحرية الإسرائيلية سفينة الحرية مرمرة,التي كانت تهدف إلي كسر الحصار البحري علي قطاع غزة الذي تسيطر عليه حماس في مايو2010, مما أسفر عن مقتل10 نشطاء أتراك علي متن الباخرة,أما الآن..فقد اعتذرت إسرائيل عن الهجوم بعد ست سنوات ودفعت20 مليون دولار تعويضات,كجزء من صفقة التقارب الموقعة بين البلدين في28 يونيو الماضي. وربما في ضوء الانخفاض الشديد في قيمة البيزو الأسبوع الماضي,لجأ البنك المركزي المكسيكي إلي احتياطياته الكبيرة لبيع أكثر من مليار دولار في أسواق آسيا وأوروبا والولايات المتحدة,غير أن تركيا التي تواجه هبوطا مماثلا في قيمة عملتها لا تملك رفاهية الاغتراف من احتياطياتها لتثبيت الليرة..ومع هبوط الليرة إلي مستوي قياسي جديد;لتصبح أسوأ العملات أداء في الأسواق الناشئة الكبري أمام الدولار الأمريكي,فربما رفع أسعار الفائدة هو الخيار الوحيد أمام البنك المركزي,لكن الحكومة تعارض بشدة اتخاذ أي خطوة من شأنها الإضرار بالنمو الاقتصادي. وظاهريا قد تبدو الاحتياطيات التركية من العملة الصعبة في مستوي صحي,إذ تظهر بيانات البنك المركزي أن إجمالي الاحتياطيات بلغ نحو106 مليارات دولار في نهاية..2016 غير أن الذهب يمثل14 مليارا من هذا المبلغ,كما أن البيانات التفصيلية للرقم الإجمالي تكشف صورة أقل وردية من ذلك,لاسيما عند مقارنة الأرقام بحجم المبلغ الذي يتعين علي تركيا سداده من ديونها الخارجية في الأشهر المقبلة. وتقدر حسابات أجراها بنك يو.بي.إس وبنوك أخري في لندن واسطنبول,أن المستوي الحقيقي للاحتياطيات القابلة للاستخدام أقرب إلي35 مليار دولار,وحرفيا يوجد جانب كبير من هذا المال لا يمكن للبنك المركزي استخدامه,وجانب كبير منه احتياطيات للبنوك التجارية مودعة لدي البنك المركزي,وبنسبة تقديرية فإن هناك42 مليار دولار تتمثل في ودائع احتياطية إلزامية بالعملة الصعبة أودعتها البنوك التركية لدي البنك المركزي مقابل ما تقدمه من قروض بالدولار داخل البلاد,و16 مليار دولار أخري,تتمثل في آلية خيارات الاحتياطيات,التي تسمح للبنوك بالاحتفاظ بجزء من احتياطياتها من الليرة بالنقد الأجنبي. وقدر بنك أوف أمريكا وميريل لينش,أن إجمالي الدين الخارجي التركي يبلغ421 مليار دولار,منها107.3 مليار دولار يحل أجلها في العام المقبل,ويتساوي هذا المبلغ الأخير تقريبا مع الرقم العام للاحتياطيات,لكنه يزيد ثلاث مرات عن مستوي الاحتياطيات القابلة للاستخدام,وبهذا المعيار تصبح ملاءة الاحتياطيات لدي تركيا أقل منها في دول مثل مصر وأوكرانيا. وبناء علي الأزمة الاقتصادية التي تشهدها أنقرة هذه الآونة..فحاجتها إلي فتح أفق واسعة وعلاقات تجارية جديدة مع تل أبيب سيتيح لها فرصة تخطي الأزمة بسلام, بينما يستفيد الجانب الإسرائيلي من تدعيم شراكاته الاقتصادية والتجارية وأهدافه السياسية بالمنطقة,وبالتالي تعمل إسرائيل وتركيا علي صياغة خارطة طريق لبرنامج تعاون مشترك,بعد التوصل إلي اتفاق لتطبيع العلاقات وتعيين سفراء في البلدين بعد تخطي قضية مجزرة أسطول الحرية مرمرة. وبالطبع فمن المتوقع أن وكلاء وزارات الخارجية في البلدين سيجتمعون في غضون شهر لعقد اجتماع مشاورات سياسية,من الزيارات رفيعة المستوي التي سيتم التخطيط لها وفق القرارات التي ستتخذ في الاجتماع,ويتم إيلاء اهتمام بالقضايا الاقتصادية والسياحية والسياسية في الزيارات المتبادلة,خاصة وأن تركيا ستشارك في معرض للسياحة في إسرائيل يومي7 و8 فبراير المقبل.