أكدت الدكتورة فوزية العشماوي أستاذ التاريخ والحضارة الإسلامية بجامعة جنيفبسويسرا أن العملية التعليمية في مصر تراجعت بسبب تكدس الفصول بالتلاميذ في المرحلتين الابتدائي والإعدادي, رغم أنهما الأهم, مشددة علي أنه يجب أن يكون التعليم فيهما مجانيا وإجباريا, بل يتم توقيع العقوبة علي الأهل إذا قصروا في ذلك, أما المرحلة الثانوية فالهدف منها الوصول إلي الجامعة. وأشارت إلي أن المشكلة في المنظومة التعليمية في مصر أنها موجهة لتصب في التعليم الجامعي, كما لو كان النهرالأساسي الذي لابد أن يذهب إليه المصريون, وأهملنا التعليم الفني, بينما يجب أن يخصص التعليم الجامعي للنوابغ القادرين علي إحداث طفرة في الحياة, لافتة إلي أن سويسرا تفوقت في أدق صناعات مثل الساعات الدقيقة والشيكولاتة رغم أن القائمين عليها ليسوا جامعيين. وقالت خلال حوارها مع الأهرام المسائي خلال زيارتها للقاهرة: أنا ضد المجانية في التعليم الجامعي, وليس من الضروري أن يلتحق الطلبة بالجامعات, وأشجع التوجه للتعلم المهني والفني. وأرجعت تخلف مصر بعراقتها عن الترتيب في تصنيف الجامعات إلي ال140 علي مستوي العالم إلي مجانية التعليم.. وإلي نص الحوار: ما توصيفك للتعليم في مدارسنا؟ العملية التعليمية في تراجع بسبب الأعداد الهائلة وتكدس الفصول بالتلاميذ في الابتدائي والإعدادي مما يجعل المعلم لا يعرف أسماءهم أو توجهاتهم, ولا توجد فرصة لأي تلميذ للتعبير عن رأيه والحصة وقتها قصير, فضلا عن أن التلميذ لم يتعلم كيف يتكلم. والتعليم الجامعي؟ يجب أن يكون علي شكل الهرم متدرجا قاعدته المعلم والتعليم الابتدائي هو أهم مرحلة, ويجب أن تأخذ الاهتمام الأكبر, فالإنسان دائما يتذكر القديم وينسي الحديث, لذلك ما يغرس فيها من مبادئ وقيم يظل عالقا بالذاكرة, ثم المرحلة الاعدادية ويجب أن تكون مجانية وإجبارية, بل توقع العقوبة علي الأهل إذا قصروا في ذلك, أما المرحلة الثانوية فالهدف منها الوصول إلي الجامعة, أما التعليم الجامعي فيجب أن يخصص للنوابغ الذين يستطيعون إحداث طفرة في الحياة, حيث نجد في مصر إهمالا شديدا للتعليم المهني, لافتة إلي أن سويسرا تفوقت في صناعات كبري من الساعات الدقيقة والشيكولاتة رغم ان القائمين عليها ليسوا جامعيين. وكيف ترين خريجي الجامعات؟ أنا مندهشة جدا من خريجي الجامعات لا يعرفون صياغة الجمل البسيطة التي يكتبونها, وهذا واضح علي مواقع التواصل الاجتماعي, حيث توجد بها أخطاء إملائية وانشائية ونحوية, لماذا؟ لأنهم لم يتعودوا علي الكتابة, والمعلم لا يستطيع تصحيح60 موضوع إنشاء في يوم واحد. برأيك هل يجب أن يخضع التعليم الجامعي للعرض والطلب؟ نعم, لأن المنظومة التعليمية موجهة لتصب في التعليم الجامعي, كما لو كان النهر الأساسي الذي لابد أن يذهب إليه المصريون, وهذا لايتناسب مع احتياجات سوق العمل, ولايتناسب مع نظرية العرض والطلب, لذلك تجد الشهادات الجامعية لاقيمة لها أو علي الأقل انخفضت قيمتها, لأنه يوجد أعداد هائلة من العاطلين بسبب تلك النظرية. وماذا عن موقع مصر في تصنيف الجامعات علي مستوي العالم؟ أن يتراجع ترتيبنا إلي رقم140, فهذا شيء مخجل, ولعل الأسباب ترجع إلي أن الجامعة حدت عن مهمتها الأساسية بسبب الأعداد الكبيرة للطلبة, فلايمكن أن يستوي التعلم والمركز العلمي بمدرج به آلاف الطلبة, وربما ذلك يرجع أيضا إلي أن مصر لاتهتم بالبحث العلمي أو أن مراكز البحث العلمي لاتنتج بحوثا علمية علي المستوي الدولي والعالمي, وأن الباحثين لايتم نشر بحوثهم في المجلات الدولية لأسباب أنهم لا يلتزمون بالميعاد المحدد لإرسال البحث وكذلك المعايير الدولية لإعداد البحث وعدد الكلمات واللغة والمراجع, فكلها اسباب تؤدي إلي تراجع البحث العلمي المصري, فضلا عن سبب مهم وهو مجانية التعليم. أفهم من ذلك أنك لست مع مجانية التعليم؟ أنا ضد المجانية في التعليم الجامعي فقط, فليس من الضروري أن يلتحق جميع الطلبة بالجامعات, وأشجع التوجه للتعلم المهني والفني. ولكن هذه الثقافة السائدة, أليس كذلك؟! علينا تغيير العقلية وتلك الثقافة, وأناشد الإعلام العمل علي ذلك وتغيير النظرة الدونية والسلبية لغير الحاصل علي شهادة, لذلك يجب أن تغير عقلية المجتمع, فالطالب بدلا من أن يدخل الجامعة يدخل معهدا تأهيليا يكسبه خبرة بحيث توازي خبرة ال4 سنوات الجامعة فيكون مثل خريجي الجامعات. ما الحل في رأيك؟ مطلوب زيادة عدد المدارس والمدرسين وتوفير الوسائل الإلكترونية في الفصول ولا أطلب توفير جهاز كمبيوتر لكل تلميذ وهذا فوق طاقة ميزانية الحكومة ولكن علي الأقل يتوافر معمل في كل مدرسة يوجد فيه عدد من الأجهزة الإلكترونية يستطيع الطلبة الرجوع إليها لتوسيع مداركهم ولرؤية ما يدور في العالم من خلالها. هل أنت راضية عن المناهج التعليمية الموجودة حاليا؟ المناهج الحالية وضعها مفتشون أو تربيون مسئولون عن العملية التعليمية بتوجهات من الوزارة, وبصفتي خبيرة لدي اليونسكو وجامعة الدول العربية أستطيع القول إن هذه المناهج تفتقد إلي المعايير الدولية, لأنها تركز علي الإقليمية ولا تأخذ في الحسبان أن الطالب حاليا موسوعي الإدارك حتي في المرحلة الابتدائية لأنه يشاهد التليفزيون, ويتابع العالم من خلال المحمول, وهذا شيء من كثير, لذا يجب ان يكون محتوي المناهج الدراسية علي هذا المستوي, ويجب إعطاء فكرة عن حقوق الإنسان واحترام الآخر والمساواة. التعايش السلمي وقبول الآخر, وعن المساواة بين الجنسين وتكريم الإسلام للمرأة, فهذه كلها معايير يجب أن تؤخذ في الاعتبار لدي واضعي المناهج الدراسية, أضيف إلي ذلك أن التقدم التكنولوجي لايعتمد فقط علي المكتوب في المنهج, فلابد أن يضيف المدرس معلومات خارجية. في مصر انتشر وباء الدروس الخصوصية فهل لها حل لديك؟ ليس المهم في وضع قانون لذلك قدر أهمية تطبيقه, ولايمكن اتخاذ إجراء للحد من هذا الوباء الذي أصبح يمارس علنا من خلال السناتر أو المراكز, وليس لها حل, وأرجع انتشارها إلي أن المدرس لا يحصل علي الراتب الكافي الذي يجعله يستغني عنها, وأيضا لما لجأ أستاذ الجامعة لطبع ملزمات لزيادة دخله, فيجب أن تهتم الدولة بميزانية وزارة التعليم لزيادة الأجور.