تتغير موازين القوي بسرعة في المعارك الدائرة بكل من سورياوالعراق وليبيا, فقد تمكن الجيش السوري وحلفاؤه من تحقيق انتصار هو الأهم في صراعه مع الجماعات المسلحة منذ عام2011, وحرر نصف القسم الشرقي من مدينة حلب ثاني أهم مدن سوريا, ومركزها الصناعي والتجاري وسيكون لهذا الانتصار المهم تداعياته في سوريا والمنطقة, أهمها تسارع وتيرة المصالحة مع عدد من الجماعات المسلحة المحاصرة في ريف دمشق ودرعا وحمص, بعد انهيار معنويات المسلحين, واليأس من وصول إمدادات ذات قيمة من الدول الداعمة للجماعات المسلحة, رغم إعلان قطر أنها سوف تزود المسلحين في سوريا بالسلاح, بينما دعت فرنسا إلي عقد اجتماع عاجل لمجلس الأمن لبحث سبل احتواء المعارك في حلب, وأعدت مشروع قرار يقضي بوقف الأعمال القتالية بدون قيد أو شرط, بدعوي الاعتبارات الإنسانية, بينما قدمت مصر وإسبانيا ونيوزيلاندا مشروع قرار يطرح هدنة لمدة10 أيام لإنقاذ المدنيين, ولا تشمل الهدنة جماعتي داعش والنصرة, ويشترط مشروع القرار علي باقي الجماعات المسلحة المعارضة أن تنفصل عن الجماعتين الإرهابيتين الرئيسيتين في سوريا, ومن المتوقع أن يصطدم المشروع الفرنسي برفض روسي, يري في المشروع محاولة لإنقاذ الجماعات الإرهابية في سوريا, وتعبيرا عن ازدواجية معايير التحالف الأمريكي الذي لا يتعامل مع حلب مثلما يتعامل مع مدينة الموصل العراقية, التي تضم عددا أكبر من المدنيين, لكنها لا تطرح وقف قتال الإرهابيين في الموصل, ومن المستبعد أن يتمكن مجلس الأمن من التوصل إلي قرار في ظل الانقسام الدولي حول الصراع الدائر في سوريا, الذي يميل بقوة لصالح الجيش السوري وحلفائه. وفي العراق يواصل الجيش تحرير أحياء مدينة الموصل, في هجوم علي عدة محاور, بعد التطويق الكامل لمقاتلي داعش, وقطع جميع طرق الإمداد أو سبل الفرار, وهو ما سيجعل المعركة أكثر ضراوة, باعتبار الموصل أهم معاقل داعش, بينما تواصل قوات الحشد الشعبي تحرير مدينة تلعفر, وتطهير المناطق الغربية للموصل, وأكد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أن التحرير الكامل للموصل سوف ينتهي قبل نهاية العام الجاري. وفي ليبيا جاءت زيارة المشير خليفة حفتر إلي موسكو لتشكل نقلة نوعية في الصراع الدائر في ليبيا بين حكومة الوفاق المدعومة من التحالف الأمريكي وقطر وتركيا وحكومة طبرق المدعومة من البرلمان الليبي المنتخب, وطلب حفتر مساعدة موسكو في مواجهة الجماعات الإرهابية, وأعلنت موسكو أنها ستطلب إنهاء حظر تصدير السلاح إلي ليبيا لحاجة الجيش الليبي إلي الأسلحة الضرورية لمواجهة الجماعات الإرهابية, وقالت إن عقود توريد السلاح التي كانت موسكو قد وقعتها مع ليبيا قبل أحداث2015 لا يسري عليها قرار الحظر, وهو ما يعني أن موسكو تنوي تزويد الجيش الليبي بالسلاح, مما يعزز قوة الجيش الليبي, ويفرض علي حكومة الوفاق إجراء تعديلات تحظي بقبول برلمان وجيش ليبيا, مما يفتح باب إجراء مصالحة شاملة في ليبيا, تحظي بقبول جميع الأطراف, خاصة من جانب البرلمان الليبي الذي يرفض الإعتراف بحكومة الوفاق التي جري تشكيلها في مؤتمر الصخيرات في المغرب, ولم يشمل جميع الأطراف, ولهذا لم تحظ حكومة الوفاق بتأييد البرلمان الليبي المنتخب, والمؤيد لجيش ليبيا بقيادة المشير حفتر, والذي يسيطر علي معظم موانئ تصدير النفط, ومن شأن الدعم الروسي للجيش الليبي أن يجبر حكومة الوفاق علي سرعة التجاوب مع مطالب البرلمان الليبي بإجراء تعديلات علي تشكيلها, لتشمل باقي أطراف النزاع, مما يسهل التوافق الحقيقي الذي يمكن أن ينهي وجود الجماعات الإرهابية في ليبيا في وقت أسرع.