قد تتأخر أحيانا في تناول طعامك وقد تنسي أن تتناول الكمية التي يحتاجها جسدك من الماء يوميا وتكتفي بقدر بسيط تمنحه له كل بضع ساعات, ولكن لا يمكن أن تنسي أو تتأخر عن موعد الدواء لتأثير ذلك علي سلامة جسدك وصحة العضو الذي يشكو الألم. ولكن ماذا لو لم تنس الموعد المحدد للدواء وكان التأخير عن تناول الجرعة رغما عن إرادتك ؟ ماذا لو قمت بكافة المحاولات للحصول عليه وانتهت كلها بالفشل ؟ ماذا لو كان السبب والرد الذي تتلقاه بشكل متكرر في نقص في الدوا ده ؟ هذه التساؤلات ترصد السيناريو الذي يحدث بالضبط مع مجموعات كبيرة من المرضي الذين يعانون من آلام وأزمات مختلفة بأعراض وأمراض متعددة تشترك فقط في درجة أهمية الانتظام والدقة في مواعيد تناول جرعات الدواء, ورغم التصريحات المنسوبة لوزارة الصحة والتي تنفي وجود أزمة أو علي الأقل ليست بالأزمة الكبيرة والوعود التي تقدمها بشأن توفير الحل, ودون التشكيك في ذلك أو محاولة إنكاره إلا أن هناك واقعا يفرض نفسه علي الجميع ويثير علامات الاستفهام حول تلك التصريحات, واقع يشير إلي وجود نقص في بعض الأصناف وتأخر صرفها مما يتسبب في أزمة لدي بعض المرضي الذين يتأثرون بغياب هذه الأدوية أو تأخرها أو تغييرها بآخر بديل. وعلي سبيل المثال لا الحصر جاء اختيار مرضي التصلب المتعدد أوMS رغم انخفاض عدد مرضاه نسبيا مقارنة بأمراض أخري يقدر أعداد المصابين بها بملايين ولكن مرضي التصلب المتعدد تحديدا من أكثر الفئات التي تتأثر بتأخر الدواء لأنهم أمام عدو مجهول غير مضمون ولا محسوب الخطوات. مرض التصلب المتعدد الذي لم يكن مدرجا ضمن الأمراض التي تتلقي العلاج علي نفقة الدولة بعد سنوات من المطالب والأمنيات بإدراج المرض والاعتراف به خاصة مع ازدياد الحالات المصابة به واختلاف النتائج التي وصلوا إليها, هذا الخبر الذي جاء منصفا لهم ومحاربا لذلك العدو الذي يحتاج إلي أسلحة مكلفة لمقاومته. أسلحة متمثلة في مجموعة عقاقير طبية وحقن يحتاجها مريض الMS بجرعات كبيرة ومستمرة لا تتناسب مع حجم دخول معظمهم, ولكن أن يأتي الأمل ثم ينقطع من جديد أو تحدث الانفراجة وتليها أزمة هو ما يشعر مرضي الMS الذي يعانون أثناء صرف الدواء علي نفقة الدولة إما للتأخير أو النقص أو البحث في سلسلة البدائل. بنبرة تحاول مواساة نفسها قبل أن يواسيها غيرها تحدثت نشوي ربيع مريضة الMS البشوشة التي صادف حديثها عودتها من أحد المستشفيات التي تصرف منها الدواء الخاص بها والتي حاولت بقدر الإمكان التغلب علي أي مشاعر سلبية, فهي أم لطفلين لا ترغب في أن يتأثر أحدهما بالظروف المحيطة, ولكنها في الوقت نفسه عادت بدون الحصول علي الدواء المطلوب. مش موجودة هذا هو الرد الذي تلقته نشوي عند السؤال عن الدواء المقرر لها صرفه, لتقاطع حديثها قائلة طالعة من8 الصبح لآخر النهار علي الفاضي, مشيرة إلي أن تكرار الكشف في كل مرة رغم الكشف عليها في المرة الأولي غير مقبول خاصة وأن المريض يكون في حالة صعبة عندما تطول ساعات انتظاره. وتوضح أنها مصابة بالمرض منذ ما يقرب من17 عاما وتعلم جيدا تأثير تأخر تناول العلاج علي الحالات مشيرة إلي أن هناك حالات أكثر صعوبة من المرضي الذين يذهبون إلي المستشفيات لتلقي العلاج, وتنتقد تأثر صرف الأدوية بالظروف والقرارات الاقتصادية التي صدرت مؤخرا بشأن الدولار كما ربط البعض قائلة: المرض ملوش علاقة باللي بيحصل في البلد, العيا ملوش دعوة بالدولار. وتشكو عدم الاهتمام بأزمة نواقص الدواء الخاصة بمرضي الMS علي غرار أمراض أخري تعاني نفس المشكلة, مفسرة شكواها بتساؤل: ولا إحنا عشان عددنا قليل ومش ظاهرين فمش عاملين مشكلة؟!, مشيرة إلي الأبحاث التي تجريها الدول الأجنبية بشأن اكتشاف علاج للمرض في الوقت الذي يعاني مريض الMS في مصر في صرف الدواء الذي يصنف في النهاية كمسكنات لمقاومة شدة الهجمات والانتكاسات. وتطالب بضرورة مساعدة المرضي أثناء صرف العلاج, مؤكدة أنها رحلة شاقة علي أي مريض خاصة إذا انتهي به الأمر لسماع عبارة: تعالي بعد يومين تلاتة أو عبارة كالتي تتردد علي مسامع مرضي الMS أسبوعين وشوف هيأثر ولا لأ أو روح للدكتور بتاعك يكتبلك بديل. وعن أزمة الدواء البديل تحدثت مريضة, فضلت عدم ذكر اسمها, مؤكدة أن التحويل من دواء لآخر ليس بالأمر اليسير أبدا علي الجسد خاصة للمرضي الذين اعتادوا أحد أنواع الأدوية, وهو ما حدث معها حيث إنها تقوم بصرف علاجها علي نفقة الدولة, ولكن هناك أزمة دائمة في تأخير صرف الدواء حيث أصبحت كلمة مش موجود معتادة في كل مرة. أما عن التحويل لدواء بديل فهي مسألة واردة في قاموس مرضي الMS رغم صعوبة وخطورة ذلك لأن اعتياد الجسم علي أحد العقاقير الطبية يتطلب وقتا فتأتي مسألة التأخير أو يكون غير متوافر بالمرة فيبدأ الجسم في الاعتياد علي غيره, وهو ما تكرر معها ثلاث مرات بحثت فيها عن البديل. وتقول عن مرضي الMS: إحنا مش نسبة قليلة عشان يكون في تهميش للأزمة, وتشير إلي صعوبة توفير البعض للعلاج علي نفقتهم الخاصة بعيدا عما تصرفه لها الوزارة فهو أمر في غاية الصعوبة نظرا لزيادة تكاليف الأدوية بالإضافة إلي أنها لا تعمل وغيرها الكثير, خاصة وأن هناك أصنافا أخري من الأدوية تقوم بصرفها بالفعل بعيدا عن نفقة الدولة مشيرة إلي أنها تتناول سبعة أنواع من الأدوية وأنهت حديثها مطالبة الحكومة بضرورة حل أزمة الأدوية والتأكد من صرفها في موعدها المحدد والالتزام تجاه المرضي. أما آلاء الصفي فتحدثت عن نقص الأدوية بنبرة حزينة قائلة: الوضع ده صعب جدا, في ناس متصرفلهاش أدوية من أكتر من شهرين, مشيرة إلي الآثار الجانبية التي يشعر بها المريض من جراء هذا التأخير. وتحدثت آلاء عن التكلفة الباهظة لأدوية الMS ووصفتها بخراب البيوت مفسرة قولها بأنه لا يمكن لأي مريض تحمل نفقات علاجه كاملة, وتساءلت عن كيفية عدم توفير الأدوية لمرضي الMS المعروفين بقلة عددهم مقارنة بأصحاب أمراض أخري. وانتقدت ما وصفته بالروتين القاتل الذي يتسبب في معاناة المرضي أثناء صرف الدواء حيث يبدأ برقم ودور علي الشباك ثم كشف يقوم به أحد الأطباء وأخيرا الصيدلية, مشيرة إلي تكرار نفس السيناريو والمشوار كل مرة وتوقيع الكشف الطبي علي المرضي والتوجه إليهم بنفس الأسئلة مسألة قاسية علي النفس والجسد معا, مستطردة حديثها قائلة: مرضي الMS تعبانين حتي لو مش باين عليهم. وتوضح أن المرضي الذين مازالوا في المراحل الأولي بعد الإصابة بالمرض تتطلب التزاما صارما بمواعيد الأدوية, مشيرة إلي أن لفة كل شهر التي تتسبب في إرهاق المرضي, وأضافت قائلة: ابني عنده10 شهور ولازم آخد الدوا بتاعي في معاده عشانه قبل عشاني, مشيرة إلي عدد الأمهات المصابة بمرض الMS وتأثير ذلك علي حياة أسرة كاملة لأن الأم هي المسئولة عن المنزل بأكمله. أما شيماء عاطف فقد تأذت بالفعل من تأخير صرف الدواء فقد تم حجزها بأحد المستشفيات لمدة أربعة أيام ومازالت تشكو من بعض التعب, وتشير إلي ضرورة المواظبة علي مواعيد الحقن يوما بعد يوم في الوقت الذي تستمع فيه في كل مرة تذهب لصرف الدواء لنفس العبارة الدوا مش موجود. وتقول: إن الأدوية التي يلجأ إليها بعض المرضي في حالة عدم توافر الأدوية الخاصة بهم تكون غير مجدية لأنها مجرد مسكنات عادية يتناولها الكثيرون بخلاف الحقن وتأثيرها الواضح والفعال. ونفس الأزمة عاشها أحمد شاهين الذي عاني من هجمتين من هجمات الMS خلال عشرة أيام وذلك بعد فترة من تغيير الدواء والاستعانة ببديل مضطرا بسبب عدم توافره, وتساءل عن الوضع الحالي بعد أن اختفي البديل أيضا قائلا: المفروض أعمل إيه دلوقتي ؟!. ويوضح أن قرار نفقة الدولة الذي حصل عليه بستة أشهر لم يصرف خلالها ولا حقنة, لذلك تطرق للحديث عن سعر إحدي الحقن قائلا: مينفعش حد يجيبها علي حسابه لأن زادت من1180 جنيها وهو سعر غالي في الأصل إلي1500 جنيه, أنا كشاب أجيب منين تمنها علما بأني مبشتغلش. ويخاطب مسئولي الوزارة قائلا: في ناس غيرت أدويتها وجابت بديل ودلوقت البدايل مش موجودة, هل هنفضل كده ولا هيتحركوا؟, لينهي حديثه بنبرة حزينة مستنكرة: شباب زي الورد لا لاقي شغل ولا علاج هل إحنا عبء علي الدولة رغم إن عدد مرضي الMS أقل بكتير من مصابين أمراض تانية ؟. ويشير عمرو سعد, أحد المرضي, إلي أن مشكلة نقص الأدوية موجودة وتعاني منها نسبة كبيرة من المرضي لأن الأدوية التي يحتاجونها مستوردة, موضحا أنه يتواصل مع المستشفي الذي يصرف منه الدواء من آن لآخر لمعرفة إذا ما وصل الدواء من عدمه. ويقول أحمد درويش والذي يعتبره غالبية مرضي الMS الأب الروحي لهم إن هناك نماذج وحالات مختلفة من مرضي الMS لأنه يختلف من شخص لآخر, مشيرا إلي أن دخول المرض ضمن قائمة العلاج علي نفقة الدولة جاء بعد سنوات من الإلحاح والمطالبة حيث جاء الأمر بمثابة الاعتراف به ولكن ورغم هذا الجهد يعاني مريض الMS الآن من أزمة نقص الأدوية والحقن مما يتسبب في حدوث انتكاسات للكثير من المرضي بسبب عدم الانتظام في موعد تناول الدواء أو الحقنة. واستطرد حديثه قائلا: ينبغي أن يكون هناك التزام في مواعيد الصرف مراعاة لهذا الاختلاف بين حالات مرضي الMS, ولفت النظر إلي مشكلة أخري علي هامش أزمة نقص الدواء وهي مشكلة شعور المريض بأنه مخير بين علاجه ومستقبله حيث يضطر بعض الطلاب من المصابين إلي اختيار استمرارهم في الدراسة لسنوات عديدة بدلا من التخرج لضمان صرف الدواء خاصة وأن فرص العمل غير متاحة بالشكل الكافي للمرضي لأنه لو اشتغل مش هيلاقي شغل يدفع له كل تكاليف علاجه علي حد قوله, لذلك يطالب بضرورة مساعدة مرضي الMS وغيرهم من المرضي الذين يحظون بفرصة العلاج علي نفقة الدولة حتي تكون فرصة بالفعل وليست عبئا جديدا يضاف علي كاهل المريض. وعلي جانب آخر يأتي عبد الرحمن محمد بمشكلة أخري يعاني منها عدد من مرضي الMS بخصوص العلاج وهي زيادة أسعار بعض الأدوية بشكل جنوني لدرجة وصولها للضعف حيث يتناول بعض المرضي عقاقير وحقنا مستوردة تساعدهم في الحصول عليها بعض الجمعيات الخيرية بسبب ارتفاع تكلفتها وعدم وجودها علي نفقة الدولة أو التأمين الصحي بسبب سعرها ولكنها في النهاية الدواء المناسب للحالة, وضرب مثلا بالحقنة التي يحصل عليها حيث كان سعرها قبل زيادة أسعار الدواء20 ألف جنيه وأصبحت41 ألف جنيه, تلك الزيادة التي قد تتسبب في تراجع بعض الجمعيات التي كانت تقوم بمنحها لبعض المرضي. ويشير إلي أنه سواء تأخر صرف الدواء للمرضي الذين يتلقون العلاج علي نفقة الدولة أو زادت أسعار الأدوية والحقن خارج نفقة الدولة والتأمين فالأزمة واحدة والمريض هو الضحية الوحيدة حيث يتم حرمانه من تلقي العلاج المناسب لحالته والذي تأقلم عليه وتقبله جسده لسنوات. .. ومرضي عن خط شكاوي الصحة: زي المسكنات بعد الإعلان عن رقم لشكاوي نقص الدواء قام بعض المرضي بمحاولات لتوصيل شكواهم أولا والإبلاغ بالطريقة التي حددتها الوزارة وقد اتفقت الإجابات علي نفس النتيجة وإن كان محتوي المكالمة الهاتفية مختلفا, في الآتي بعض الردود التي تلقاها المرضي عند السؤال عن نواقص الأدوية: معندهمش فكرة عن المرض وكررت اسمه أكتر من مرة. نصحوني بالكورتيزون لكن ده مش حل مناسب لمريض الMS. خدوا رقم تليفوني علي أساس يتواصلوا معايا ومفيش تواصل رغم مرور3 أيام قبل كتابة ونشر الموضوع أي أن الفترة زادت عن الأيام الثلاثة. بيديني مشغول علي طول بس ممكن يكون العيب من تليفوني عشان الشبكة في البيت وحشة هذه الإجابات إن كانت تخرج من الجهة المسئولة عن تلقي شكاوي نواقص الدواء وهي تقوم بعملها فماذا يفعل مريض ينتظر إجابة وافية عن سؤاله بخصوص دوائه المتأخر أو غير الموجود في الوقت الذي تتطلب فيه حالته جرعة عاجلة من الدواء أو الحقن؟ سؤال يطرح نفسه علي وزارة الصحة التي إن كانت قد قامت بتفعيل هذه الخدمة للتسهيل علي المرضي إلا أن إجابات هؤلاء المرضي وغيرهم ممن لم يتسع المجال لذكرها تؤكد أن الرد الشفهي وحده لا يكفي وأن كثيرا من المرضي لا يمكن لهم أن ينتظروا طويلا.