الشقاوة فينا بس ربنا هادينا عبارة علي ضوئها تحاول الحكومة المصرية أن تظهر في ثوب محتشم يداري سوآتها خاصة بعد اطلاق قرار تعويم الجنيه كي تبدو ملمة بزمام الأمور وأن كل شيء تحت السيطرة,رغم أن الثوب مهلهل والحال مكشوف للجميع;خاصة بعد تأكيدها لحتمية اتخاذ اجراءات حاسمة للإصلاح الاقتصادي. وبعد أن خرج رئيس الوزراء عن صمته معلنا خطة ينظمها في اجتماع المحافظين الأخير لمتابعة الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها الحكومة علي مدار الأيام القليلة الماضية من حيث تحرير سعر الصرف,وتحريك أسعار الوقود,ومشددا علي أهمية ضبط الأسواق والحملات الميدانية والمراقبة وتحديد تعريفة المواصلات حفظا لماء الوجه أمام غضب الشارع. ومن الضروري أن تعي الحكومة أن حتمية وجود الرقابة والحملات الميدانية علي الأسواق والمواصلات لمواجهة جشع المستغلين وتخفيض حدة الغضب والسخط في الشارع المصري لا تقل أهمية عن حتمية الإجراءات التي تري فيها خطوة من خطوات الإصلاح;حيث إن تفعيل الأجهزة والآليات الرقابية في مجالات التعامل اليومية كافة هو السبيل الوحيد لتحسين أوضاع المواطنين بعد أن ملت النداءات وجفت الأحبار في محاولات الاستغاثة المستميتة للسيطرة علي مخالفات المستغلين والمتاجرين باحتياجات المواطن اليومية,دون جدوي. وقد نتفق جميعا علي أهمية اتخاذ اجراءات حتمية للإصلاح الاقتصادي,وقد يختلف البعض علي آلياتها خشية آثارها السلبية,إلا أن الحكومة في كلتا الحالتين بحاجة إلي النظر إلي محاور كثيرة لحماية المتضررين منها,حيث إن الإجراءات التي أعلنتها الحكومة لمواجهة الآثار السلبية للإصلاح تحتاج إلي المزيد من الاستهداف للطبقات الأكثر احتياجا لتمكينهم اقتصاديا وتحسين أحوالهم,والمزيد من النظر لحال الشارع المصري,وذلك من خلال مجموعة قرارات حاسمة وجادة لضبط الأسواق ومواجهة الممارسات السلبية للمستغلين,فلن تحتمل أوضاعنا الاقتصادية المزيد من المسكنات وإنما تطرقت الأزمة لتمس الكبير والصغير والغني والفقير,ولابد من اتخاذ اجراءات فعلية وحملات ميدانية دورية ومتوالية,لتحجيم الأزمة. وقد تكون الحكومة بحاجة ملحة للتفكير خارج الصندوق في كيفية تخفيض ميزان العجز التجاري عن طريق زيادة الصادرات,وخفض الاستيراد,وبحث سبل قدرة المنتج المصري علي التنافسية,مع ضرورة طرح رؤية متكاملة لمستهدف التصدير والسعي السريع لفتح أسواق جديدة,مع حل المشاكل الحالية مع استحداث طرق جديدة لجذب الاستثمارات الأجنبية,مع عودة السياحة,مع ضرورة عودة تحويلات المصريين بالخارج للقطاع المصرفي;فالحكومة تستهدف من تحرير أسعار الصرف,استعادة تداول النقد الأجنبي داخل القطاع المصرفي,من خلال عودة الاستحواذ علي تحويلات المصريين في الخارج,والتي بلغت نحو20 مليار دولار العام الماضي,ولكن تم تحويل أكثر من نصفها عبر السوق السوداء,وتستهدف الحكومة عودة ثقة المصريين بالخارج في الجهاز المصرفي,وعودة إجراء تحويلاتهم عبر البنوك العاملة في مصر,وليس عبر السوق السوداء.. ولكن في حال استمرار السوق السوداء يعني القضاء علي كل الإصلاحات الاقتصادية التي تمت. وعلي الحكومة أن تنظر في كيفية تطبيق استراتيجيات تدريب وتمكين الشباب واستغلال طاقاتهم الإنتاجية في تحسين الإنتاج,كاستهداف خريجي المدارس الفنية الذين يعانون البطالة بشكل كبير,وربما خريجو الجامعات, وذلك لتشغيل منافذ التدريب التابعة للوزارات,خاصة وزارة القوي العاملة والتي لا يزيد عدد المتدربين فيها سنويا علي30 متدربا في المتوسط,ويسمح ذلك بإتاحة العمالة الماهرة بالتخصصات التي تعاني عجزا في هذه العمالة,بما يسمح ليس فقط بمكافحة الفقر للخريجين,ولكن أيضا لإتاحة العمالة للصناعات التصديرية,مما يسهم في زيادة الإنتاج,وبالتالي خفض الأسعار,مع أهمية دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة,كما يجب تنقية بطاقات التموين من غير المستحقين واستهداف الطبقات التي تعاني الفقر بشكل أكبر كمحاولة لإرضاء المواطن البسيط الذي يتحمل أعباء تفوق قدراته وتعيق توفير حياة آدمية له ولأسرته.