قرار غريب صادر من اللجنة الوزارية الاقتصادية برئاسة المحترم المهندس شريف إسماعيل..القرار يقول إنه تم اتخاذ إجراءات لخفض التمثيل الخارجي للبعثات الدبلوماسية التابعة لوزارة التجارة والصناعة بنسبة50% والاعتماد علي كوادر وزارة الخارجية.. القرار سيسري فقط علي جهاز التمثيل التجاري والذي لا يتعدي عدد أفراده من وزراء مفوضين تجاريين وسكرتارية ومستشارين بأي حال من الأحوال125 فردا مقابل5 آلاف موظف يتبع وزارة الخارجية بدءا من السفراء والقناصل وانتهاء بالسفرجية والطباخين والسائقين والذين يصل حجم الإنفاق عليهم إلي أرقام تعادل تقريبا المخصصات للمكاتب التجارية في مختلف دول العالم!. إذا كان هذا الوفر(250 مليون دولار) سيتم الحصول عليه بعد تخفيض المكاتب الفنية بنسبة50%, فما هو قدر التخفيض الذي سيتم, لو خفضت وزارة الخارجية حجم سفاراتها وبعثاتها الدبلوماسية في الخارج, وكذا جيش العاملين بها, خاصة وأن هناك بعثات في دول ليس لنا علاقات مباشرة معها؟!. أزعم أنني أمتلك قدرا كافيا من الشجاعة والجرأة الأدبية لأكشف عن هذه الجريمة التي ترتكب في حق الاقتصاد الوطني والصادرات المصرية, وكذا علاقاتنا التجارية مع العالم الخارجي وما أحوجنا إليها في هذه السنوات العجاف..يكاد جهاز التمثيل التجاري أن يلفظ أنفاسه الأخيرة.. نعم قرار رئيس الوزراء بتخفيض حجم التمثيل الخارجي بنسبة50% بمثابة إعدام لهذا الجهاز العتيق المرموق والذي يعمل به كتيبة كبيرة من خيرة شباب مصر المؤهل علميا ويقودهم خبرات وعقليات رفيعة تعمل في السلك التجاري منذ سنوات. أعرف ان هناك أزمة وان الدولة منذ اكثر من ثلاثة أشهر لا تسدد مرتبات البعثات التجارية بالخارج نتيجة لأزمة الدولار ولكن هذا لا يعني ان نتخذ مثل هذه القرارات ولكن من الممكن ان نفكر كيف يحقق الجهاز الاكتفاء الذاتي من الموارد.. بالمناسبة جهاز التمثيل التجاري يتعامل مع المصدر المصري منذ أن يبدأ في التفكير في التصدير الي ان تنتهي الصفقة وكل هذه الإجراءات بالمجان وبدون اي رسوم فمن الممكن ان يتم تعديل القوانين او الإجراءات لتقوم مكاتب التمثيل بتحصيل ما قيمته1% او2% من قيمة كل صفقة لصالح صندوق الجهاز ويتم من خلال هذه الأموال الإنفاق علي البعثات الخارجية لو كانت الأزمة هي توفير العملة.. اما اننا نتخذ قرارات متسرعة لتخفيض عدد البعثات وإسناد المهام لأعضاء السلك الدبلوماسي فهذا يعني اننا نعود للخلف.. بالمناسبة, تبلغ ميزانية الخارجية نحو835 مليون دولار شاملة200 مليون دولار لصندوق المباني, مقابل21 مليون دولار هي الميزانية اليتيمة لجهاز التمثيل التجاري التابع لوزارة الصناعة والتجارة, ولا تزيد ميزانية الجهاز بأي حال من الأحوال علي5% من جملة حجم الإنفاق الخارجي, مع الأخذ في الاعتبار أن نفقات التمثيل التجاري تم خفضها علي مدي السنوات الست الماضية. وخلال زياراتي للعديد من دول العالم وأنا أري الموظفين بالتمثيل التجاري وهم يوفرون المعلومات واللقاءات والدراسات وغيرها لكل الوزراء, وبمن فيهم رؤساء الوزراء أنفسهم, وكذا رجال الأعمال والمصدرون والجهات الحكومية في أي دولة يذهبون إليها, الأمر الآخر أن كل من توافد علي وزارة الصناعة والتجارة كان لجهاز التمثيل التجاري وأعضائه الفضل الأول في تعليمهم وتثقيفهم وتأهيلهم تجاريا, وأزعم أنني كنت محظوظة وأنا شاهد عيان علي ما يفعله أعضاء التمثيلفي شئون الصناعة والتجارة.. جملة القول إن إعدام جهاز التمثيل وتخفيضه في الدول الخارجية يعد انتكاسة حقيقية للاقتصاد القومي وسيعلم الجاني عما قريب أي ذنب اقترفه في حق هذا الجهاز العتيق والعظيم في أهميته..والله المستعان.