أزعم أننى أمتلك قدرًا كافيًا من الشجاعة والجرأة الأدبية لأكشف عن هذه الجريمة التى ترتكب فى حق الاقتصاد الوطنى والصادرات المصرية، وكذا علاقاتنا التجارية مع العالم الخارجي وما أحوجنا إليه فى هذه السنوات العجاف.. يكاد جهاز التمثيل التجارى يلفظ أنفاسه الأخيرة ويتأهب «عشماوى» ليلبسه البدلة الحمراء ويعدمه شنقًا.. نعم قرار رئيس الوزراء بتخفيض حجم التمثيل الخارجى بنسبة 50٪ بمثابة إعدام لهذا الجهاز العتيق المرموق والذى يعمل به كتيبة كبيرة من خيرة شباب مصر المؤهل علميًا ويقودهم خبرات وعقليات رفيعة تعمل فى السلك التجارى منذ سنوات وسنوات. فى التاسع عشر من أكتوبر الحالى أرسل اللواء عاطف عبدالفتاح أمين عام مجلس الوزراء كتابا دوريًا إلى جميع الوزراء جاء فيه نصًا، «فى إطار خطة الحكومة للاصلاح الاقتصادى التى تستهدف رفع معدلات النمو وتحسين مستوى المعيشة لجموع المواطنين أرجو التفضل بالاحاطة أن اللجنة الوزارية الاقتصادية قد قررت بجلستها رقم «35» المنعقدة برئاسة السيد المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء بتاريخ 19/10/2016 ما يلى: ترشيد الانفاق الحكومى على جميع بنود الانفاق الواردة بموازنات جميع الوزارات والهيئات والمصالح الحكومية والشركات ووحدات الجهاز الإدارى للدولة وخفضه بنسبة 15 إلى 20٪ وذلك فيما عدا ما يخص بنود الأجور «الباب الأول»، والموازنة الاستثمارية «الباب السادس». خفض حجم التمثيل الخارجى فى المجتمعات الدبلوماسية بالخارج التابعة لوزارة الخارجية والوزارات الأخرى بنسبة 50٪ كحد أدنى، وتتم الاستفادة من الكوادر الموجودة بوزارة الخارجية فى انجاز جانب من أعمال هذه البعثات وتكون الأعداد والمقار التى يسمح لها بالتواجد بالخارج فى أضيق الحدود والضرورة القصوى...»!! «إسماعيل» يتراجع ويستثنى الخارجية فى صباح اليوم التالى من الكتاب الدورى الذى وزعته الأمانة العامة لمجلس الوزراء والخاص بالتقشف على جميع الأصعدة والمستويات والوزارات بما فيها المكاتب التجارية فى الخارج، ووزارة الخارجية، قام الأمين العام لمجلس الوزراء بتوزيع كتاب دورى جديد وحمل فقرة علوية على استحياء تقول «بدلا من الكتاب الدورى السابق توزيعه رقم 21979 المؤرخ فى 20/10/2016 وهو صورة كربونية من الكتاب الدورى السابق توزيعه ولكن الشيء المختلف هذه المرة هو فقرة «خفض حجم التمثيل الخارجى فى البعثات الدبلوماسية لجميع الوزارات عدا وزارة الخارجية؟! يعنى رئيس الوزراء تراجع واستثنى «بهوات» وزارة الخارجية من التقشف وما أدراك لو تقشفت الخارجية بأعدادها الغفيرة من السفراء والقناصل والسفرجية والسائقين والطباخين والسيارات الفارهة والمكاتب والفيللات والشقق الفاخرة التى يقطنها الكثيرون منهم فى الخارج. اغتيال التمثيل التجارى قرار رئيس الوزراء بخفض حجم التمثيل الخارجى واضح للضرير أنه سيسرى فقط على جهاز التمثيل التجارى والذى لا يتعدى عدد أفراده من وزراء مفوضين تجاريين وسكرتارية ومستشارين بأى حال من الأحوال 125 فردًا مقابل 5 آلاف موظف يتبع وزارة الخارجية بدءا من السفراء والقناصل وانتهاء بالسفرجية والطباخين والسائقين والذين يصل حجم الانفاق عليهم إلى أرقام تعادل تقريبًا المخصصات للمكاتب التجارية فى مختلف دول العالم!! ميزانية التمثيل التجارى هزيلة تبلغ ميزانية الخارجية نحو 835 مليون دولار شاملة 200 مليون دولار لصندوق المبانى، مقابل 21 مليون دولار هى الميزانية «اليتيمة» لجهاز التمثيل التجارى التابع لوزارة الصناعة والتجارة، ولا تزيد ميزانية الجهاز بأى حال من الأحوال على 5٪ من جملة حجم الانفاق الخارجى، مع الأخذ فى الاعتبار أن نفقات التمثيل التجارى تم خفضها على مدار السنوات الست الماضية!! وأزعم أننى كنت شاهد عيان على مدار 19 عامًا كصحفي متخصص فى الشئون الاقتصادية وخلال زياراتى للعديد من دول العالم وأنا أرى الموظفين بالتثميل التجارى وهم يوفرون المعلومات واللقاءات والدراسات وغيرها لكل الوزراء، وبمن فيهم رؤساء الوزراء أنفسهم، وكذا رجال الأعمال والمصدرون والجهات الحكومية فى أى دولة يذهبون إليها الأمر الآخر أن كل من توافد على وزارة الصناعة والتجارة كان لجهاز التمثيل التجارى وأعضائه الفضل الأول فى تعليمهم وتثقيفهم وتأهيلهم تجاريًا وأزعم أننى كنت محظوظًا وأنا شاهد عيان على ما يفعله أعضاء التمثيل مع 13 وزيرًا عاصرتهم عن قرب كصحفى متخصص فى شئون الصناعة والتجارة.. جملة القول إن إعدام جهاز التمثيل وتخفيضه فى الدول الخارجية يعد انتكاسة حقيقية للاقتصاد القومى وسيعلم «الجانى» عما قريب أى ذنب اقترفه فى حق هذا الجهاز العتيق والعظيم فى أهميته.