لا يكاد يخلو يوم من أيامنا الحالية من خبر الكشف عن قضية فساد أو القبض علي فاسد وعلي قدر استيائنا من كثرة الفاسدين علي قدر فرحتنا بتطهير الوطن من فسادهم..فمصر بالفعل تحارب الفساد الآن كما تحارب الإرهاب..فمثلما الإرهاب لديه من يدعمونه بالمال والسلاح كذلك الفساد له أعوانه الذين خربت ذممهم وماتت ضمائرهم فلم يعد الوطن يمثل لهم سوي مرتع خصب لسرقة خيراته ونهب ثرواته..لذا فالحرب ضروس بالفعل علي الصعيدين ولكن ما يمنحنا الأمل في استئصال هذا السرطان الخبيث من جسد الوطن هو إصرار القيادة السياسية علي محاربته بكل ما لديها من قوة وعزيمة للقضاء عليه بقدر الإمكان..فالفساد كما قال الرئيس السيسي في حديثه مع رؤساء تحرير الصحف القومية..ليس مجرد الرشوة إنما هو أيضا الأداء المتواضع وإهدار الموارد والتقاعس والسلبية والإهمال.. وقياسا علي ما قاله الرئيس وهو صحيح مائة بالمائة يقع الغالبية العظمي من موظفي المؤسسات الحكومية تحت طائلة الفساد..فالتقاعس والإهمال والسلبية وتعطيل مصالح المواطنين سمة أساسية من سمات الموظف الحكومي منذ سنوات طوال إلا فيما ندر حتي بات منظومة كاملة تنخر كالسوس في جسد الجهاز الإداري للدولة.إن الفساد بجميع صوره التي ذكرها الرئيس في حديثه لن ينحصر ولن يتقلص إلا إذا تم تشريع قوانين صارمة وعقوبات رادعة لمعاقبة مرتكبيه.. سواء أكانوا من كبار الموظفين أم من صغارهم.. الأمر الذي يعد مسئولية البرلمان الحالي المنوط بتشريع القوانين اللازمة التي يحتاجها الوطن في الوقت الحالي والمستقبلي كذلك.. فالاستجوابات التي يتقدم بها البرلمان للحكومة لا تغني بمفردها عن قوانين صارمة.. كما أن عقوبة السجن وحدها لم تعد تكفي لردع الفاسدين.. فسجن وزير الزراعة السابق عشر سنوات لم يكن كافيا لردع بعض الوزراء الحاليين عن تورطهم هم أيضا في قضايا فساد وإهدار مال عام.. ففي الوقت الذي تحاول القيادة السياسية جاهدة بناء الوطن ودعم اقتصاده بكل السبل الممكنة لا يألو الفساد جهدا في تقويض دعائمه وإهدار كافة موارده.. لذا نحتاج من البرلمان الذي هو مصدر التشريع الآن في الدولة المصرية بأن يشرع لنا قوانينا تصل بالفاسد إلي عقوبة الإعدام.. فلو أعدم فاسد واحد من سارقي أموال هذا الوطن لارتدع كثيرون غيره ممن يظنون أنهم بمنأي عن المحاسبة.. ولو حوكم فاسد واحد من المتقاعسين عن أداء وظيفتهم بإتقان محاكمة ناجزة لاستقام جميع الموظفين الحكوميين ولأتقنوا عملهم.. فالفارق بين القطاع الخاص والحكومي هو المحاسبة والتقييم علي الأداء الوظيفي.. فموظف القطاع الخاص إن تأخر عن بدء مواعيد العمل الرسمية أو إن لم يؤد وظيفته كما هو مطلوب منه وعلي أكمل وجه لفقد وظيفته التي هي مصدر رزقه, أما موظف الحكومة فلا رادع له إن أمضي يومه كله دون أن ينجز ما هو مطلوب منه من أعمال أو حين يعطل مصالح المواطنين الموكل إليه القيام بمصالحهم.. فالفساد ضاربا بجذوره في الهيكل الوظيفي بأكمله في المؤسسات الحكومية من كبار الموظفين إلي صغارهم.. لذا بات ضروريا أن يصبح لدينا قوانين صارمة تمكن الأجهزة الرقابية والتنفيذية في الدولة من القضاء علي هذا الطاعون الذي بات يهدد أمن وسلامة البلاد والعباد.. إن مصر في هذه المرحلة الراهنة تحتاج إلي تضافر جميع الجهود المخلصة لحمايتها من كل فاسد.. وإننا جميعا بحاجة إلي التشبث بالأمل في وطن بلا فساد في ظل رئيسنا عبدالفتاح السيسي الوطني بحق يقظ الضمير.