غفوت لحظات.. لم أشعر بعدها بالنوم حائرا بين زمني والزمن الذي أعيش فيه. زمني أطير فيه بقلب عصفور صغير.. أدخل في كل بيت بلا استئذان أبتسم وأتكلم بلا استئذان... أشاهد جارتنا تصنع الخبز توعدني برغيف صغير لي. جلست أمامها أكلمها بعيني( كم اشتقت إليكي حبيبتي عاتبتني عتابا طويلا.. أمسكت بثوبها الذي تركته معلقا أشم راحتها هائمة بعيني في كل مكان حتي أحسست بجدرانا تتهاوي حولي وان رأسي أنزلق ليعانق قلبي.. فتحت الشرفة وجدت أغصان شجرتها الذي ذبل ومات كأنه يعلم بموت صاحبته) أطير لتتكئ عليا صديقة أمي لكي نذهب سويا إلي السوق.. أرفع رأسي لأجد جارنا العجوز.. أنحني لأقبل يديه أحس بدفء حين يضع يده الأخري علي رأسي أطير بأرجوحتي التي صنعتها من حبال علقتها في باب منزلنا.. أظل هائما أحلم بعمري بعد عشرين عامل أنزل حافي القدمين تحت قطرات من مطر أرفع وجهي لأتلقفها دون أن أحس ببرد ولا هواء أطير فوق سطح منزلنا لألعب مع خروف العيد أنزل بجناحي لأسكن في حضن أمي أغمض عيني لأشم راحتها.. أفتح عيني أجد نفسي في زمن لا أتحمل أن أعيش فيه.. نهضت من مكاني أبحث عن مفتاح منزلنا القديم.. استقليت سيارتي كلما اقتربت أحسست بنسيم هواء قديم.. نزلت بقلب يخفق أرفع عيني لأتلمس شرفتنا.. نظرت إلي الباب الذي كان ليس له باب. بدا باب من حديد يتخلله زجاج صعدت ببطء أنظر إلي السلم الذي تغير من سلم بسيط إلي رخام.. الأبواب. الأبواب تغير أشكالها دخلت شقتنا أحسست بدفء زماني أتلمس الجدران نظرت إلي سجادة الصلاة تخيلت أمي جالسة حول أصابعها مسبحة جلست أمامها أكلمها بعيني( كم اشتقت إليكي حبيبتي), أفزعتني يدا وقعت علي كتفي وجدت صديقي( ابن الرجل الذي انحنيت مرارا لأقبل يده), حينما نظرت إلي وجهه احتضنت كأني أحضن عمري الذي ولي دون الرجوع.. عرفني بأولاده وزوجته التي أصرت أن أدخل لتناول الغداء.. دخلت باستحياء لكن بترحابه أحسست أنني في بيتي. افترشنا الأرض حول مائدة عامرة بطعام بسيط أكلت بنهم.. كأني لم أذق طعاما منذ أيام.. قامت زوجته لتصنع الشاي لكنه أصر أن ننزل علي المقهي الذي هو أسفل البيت جلسنا نتناول الشاي كلما مر صديق من أصدقائنا القدامي يذكرنا به يسلم علي بحب شديد واشتياق حتي صنعنا دائرة كبيرة حول مائدة واحدة.. سألت عن السيدة التي كنا نذهب معها إلي أسواق نحمل أغراضها قال ماتت وحول صاحب البيت شقتها إلي هذا المقهي. نظرت إلي باب منزلنا تكلم دون أن أسأل أن بعد الثورة تغير كل شيء.. سكت فجأة لخبطة جاءت برأسية كرة قدم لأطفال يلعبون.. نظر بغضب ثم أبتسم لي عرفت نظرته القديمة تركت كوب الشاي وقفت لأتلقف الكرة قام أصدقاؤنا واحدا تلو الآخر تعالت أصواتهم جلس الأطفال الذين كانوا يلعبون ليشاهدون كيف نمرر الكرة.. كيف تطير بنا إلي السماء لم أشهر إلا برنات زوجته تتوعدني بقلقها لأن الوقت تجاوز منتصف الليل.. أخذت نفسا عميقا استأذنت بعد أن وعدت نفسي ووعدتهم برجوعي دائما. استقللت سيارتي وأنا مبتسم لتجدد ذكرياتي وألمي بحب جديد بزمن كنت لا أتحمل أن أعيش فيه.