درة من درر السادة آل البيت النبوي المحمدي رضي الله عنهم وإمام الآئمة لفقهاء عصره ومن جاءوا بعدهم هو أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق, ولد بالمدينة النبوية المنورة, وسمي بمسمي جعفر تيمنا بجده سيدنا جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه, ولقب بالصادق لتحريه الصدق وبعده عن الكذب علي نهج جده الأكبر سيدنا محمد رسول الله صلي الله عليه وسلم وهو من التابعين لإدراكه بعض الصحابة رضي الله عنه. يتميز الإمام جعفر الصادق رضي الله عنه بأمور عديدة جعلته وأهلته دون نزاع أن يكون في أعلام المجددين, ويتضح هذا في تأسيسه لمدرسة فقهية وعقائدية كبري جامعة لكل طوائف المسلمين, وثقة علماء الطوائف الإسلامية بمروياته واجتهاداته فهو يعد المؤسس للتقريب بين المسلمين. منهجه العلمي الفريد ويتمثل ذلك فيما يلي: اعتماده علي الأصول والمصادر والأدلة النصية: القرآن الكريم والسنة النبوية, أخذه بالإجماع وإن كان يؤثر إجماع آل البيت رضي الله عنهم, الاجتهاد العقلي, قلة أخذه بالقياس فلا يقبل القياس ما لم يكن الحكم المقاس عليه معللا بعلة منصوص عليها, أما القياس المفتقر إلي علة منصوص عليها فيصبح رأيا عنده, نفوره من الرأي المجرد في الدين. للإمام الصادق رضي الله عنه فضل السبق بالمناظرات العلمية توصلا للحق, وليست للجدال ولا للتعصب ومناظراته في العلوم الإسلامية, ومن نماذج من مناظراته الشهيرة: مناظرته مع الملاحدة والزنادقة, مناظرته مع رؤساء فرقة المعتزلة, مناظرة الإمام الصادق مع علماء العقيدة, مناظرته مع تلميذه الإمام أبي حنيفة في القياس, وأخري في حكم التوسل بسيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم, مناظرته مع بعض علماء آل البيت رضي الله عنهم مثل عبد الله بن الفضل الهاشمي رضي الله عنه, مناظراته مع متأثرين بالفلسفة اليونانية في عصره. من سماته: عالم موسوعي من الربانيين, ابتعد سيدنا جعفر الصادق عن طلب الرئاسة في السياسة, واشتغل بالعبادة والعلم, ووثوق علماء السنة به فمن هؤلاء الآئمة: أبو حنيفة, ومالك, والنووي وابن سبط الجوزي وابن الصباغ المالكي, والذهبي, ومحمد بن طلحة الشافعي وغيرهم, ونتاجه الفكري بالأزهر الشريف من ألف سنة حتي الآن. من أعظم شمائل الإمام الصادق رضي الله عنه رفضه التبرؤ من سادتنا الخلفاء الثلاثة أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم وقال: أيسب الرجل جده, أبو بكر جدي, لانالتي شفاعة جدي محمد صلي الله عليه وسلم يوم القيامة إن لم أكن أتولاهما وأبرأ من عدوهما, وكان يدافع عن هؤلاء الخلفاء رضي الله عنهم رفضه المشاركة في الأحداث للعباسيين ضد الأمويين, صبره علي ظلم الاعتقالات من قبل العباسيين له وتحمله الضايقات. أثره في العلوم الإسلامية: أدت مناظرات الإمام جعفر الصادق رضي الله عنه إلي ظهور المذاهب الإسلامية الكبري المعتمدة فهو أصل ومؤسس ومنظر هذه المذاهب لمدارس علمية في علوم أصول الدين( الحديث النبوي, العقيدة) والشريعة الإسلامية( الفقه الإسلامي وعلومه), وتأصيله لأخلاقيات الخلاف العلمي بأدواته السليمة. ونوه الشيخ محمد أبو زهرة عنه في كتابه الإمام الصادق وبذلك نختم: ان للإمام الصادق فضل السبق, وله علي الأكابر فضل خاص, فقد كان أبو حنيفة يروي عنه, ويراه أعلم الناس باختلاف الناس, وأوسع الفقهاء إحاطة, وكان الإمام مالك يختلف إليه دارسا راويا, وكان له فضل الاستاذية علي أبي حنيفة فحسبه ذلك فضلا, وهو فوق هذا حفيد سيدنا علي زين العابدين رضي الله عنه الذي كان سيد أهل المدينة في عصره فضلا وشرفا ودينا وعلما, وقد تتلمذ له ابن شهاب الزهري وكثيرون من التابعين وابن محمد الباقر الذي بقر العلم ووصل إلي لبابه, فهو من جعل الله له الشرف الذاتي, والشرف الاضافي بكريم النسب, والقرابة الهاشمية, والفترة المحمدية.