تمثل قضية التشابكات المالية تحديا متواصلا لحكومات مصر المتعاقبة لازمها ظواهر سلبية عديدة علي الاقتصاد تمثلت في ارتفاع عجز الموازنة وتضخم الدين المحلي, وعلي الرغم من تكليف المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء السابق وزير التخطيط الدكتور أشرف العربي بغلق هذا الملف قبل إعداد الموازنة العامة الجديدة إلا أن جهود العربي لم تفلح حتي الآن في إغلاق هذا الملف, حيث أعلن منذ أيام أن التشابكات المالية بين الجهات الحكومية بلغت في30 يونيو2014 نحو11 تريليون جنيه ويتوقع زيادتها. علي هذه الخلفية أكد عدد من الاقتصاديين أن التشابكات المالية بين الوزارات الحكومية وصلت لمرحلة الخطر بعد أن تجاوزت نسبة50% من الناتج المحلي الاجمالي, مطالبين الحكومة بإعادة هيكلة الجهاز الإداري, وإعادة تقييم الاصول يطريقة صحيحة, وتفعيل دور الصندوق السيادي لادارة أصول وأملاك الدولة للحد من تفاقم التشابكات المالية. تقول الدكتورة يمن الحماقي أستاذ ورئيس قسم الاقتصاد بجامعة عين شمس, أن التشايكات المالية بين الوزارات المختلفة تعدت مرحلة الخطر بعد تجاوزها50% من الناتج المحلي الاجمالي, وابدت تحفظها علي ادارة دولاب الدولة, مطالبة بإعادة النظر في الأداء الحكومي, وإعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة, ووضع معايير لكل إدارة. وقالت إن أساس المشكلة عدم مراعاة الأبعاد الاقتصادية في إتخاذ القرار, والإسراف الرهيب في استخدام الطاقة من جانب بعض المصالح الحكومية. واستنكرت رفض نواب البرلمان قانون الخدمة المدنية, وقالت أن سبب تضخم الديون بين الجهات الحكومية وبعضها البعض هو الاستهتار الشديد نتيجة عدم توضيح مطالب الوظيفة مما ترتب عليه زيادة عدد العاملين بالجهاز الاداري للدولة الي اكثر من6 ملايين موظف, وينبغي تقليصه ترشيدا للنفقات, مؤكدة أن مصر في حاجة إلي ثورة ادارية لتجنب اهدار المال العام في الموازنة العامة للدولة. وقال د. هشام إبراهيم أستاذ التمويل والاستثمار بجامعة القاهرة, أن التشابكات المالية تؤثر سلبا علي الاقتصاد وعلي عمل وأداء الأجهزة الحكومية, وتزيد من عبء الديون عليها, مما يؤثر بدوره علي الموازنة العامة ويزيد نسبة العجز, موضحا أن مديونيات هذه المؤسسات ليست مدرجة في الموازنة, مما يؤدي إلي عدم التقييم والتخطيط بأسلوب صحيح. وقال أن ديون الجهات الحكومية بين بعضها البعض يصعب حصرها خاصة بين الكهرباء والبترول والمالية وغيرها من الجهات, مشيرا إلي أن الحكومة عندما شرعت في رفع أسعار الطاقة في مايو2008 كان الهدف سداد الديون المستحقة علي وزارة الكهرباء للبترول والمالية, مؤكدا أن دعم الطاقة يذهب إلي المؤسسات الحكومية وليس إلي المواطن. وطالب وزارة التخطيط بضرورة عمل تقييم إداري واستثماري للأصول المعطلة وغير المستغلة وضمها إلي الصندوق السيادي أملاك لاستثمارها واستغلالها الاستغلال الأمثل. وقال د. حسن عودة أستاذ المحاسبة بالجامعة الألمانية, أن أحد أسباب هذه التشابكات, أن هناك اعتقادا سائدا في جميع مؤسسات الدولة بأن هذه الأموال مجانية ليس لها تكلفة ولا عائد. وقال, أن التشابكات المالية سببها عدم وفاء المؤسسات الحكومية بالتزاماتها المالية, تجاه بعضها البعض, وعدم عمل الوزارات ميزانيات لأنها تستخدم الأساس النقدي وليس أساس الاستحقاق, موضحا أن الأساس النقدي لا يمكن أي وزارة من عمل ميزانية توضح ما لها من استحقاقات عند باقي الوزارات وما عليها للوزارات الأخري, مما ينتج عنه عدم معرفة حجم الأصول الخاصة بكل وزارة ولا التزاماتها. وقال إن الحل يكمن في عمل تسويات سريعة بين الوزارات وبعضها البعض, وما يتبقي بعد التسويات يظل إيران فعليا للوزارة الدائنة, للوصول إلي الرقم الحقيقي الذي يعتبر ارادا حقيقيا يمكن استخدامه في الموازنة العامة للدولة, وتحديد مدي زمني بحيث يتم تسوية هذه التشابكات سنويا حتي لا تتراكم, وبالتالي يصعب تسويتها وقد تضيع نتيجة لعدم استخدام أساس الاستحقاق الذي يبين الأصول والالتزامات الفعلية لكل وزارة.