سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
قصة ال"تريليون" جنيه.. ديون الحكومة عند الحكومة.. التشابكات المالية بين الجهات الحكومية تؤثر سلبا على الموازنة العامة وتزيد حجم الدين المحلى.. ودمج المؤسسات وإعادة هيكلة الشركات هو الحل
نقلا عن العدد اليومى... «تريليون جنيه» هو المبلغ الذى حدده وزير التخطيط الدكتور أشرف العربى لديون الجهات الحكومية، المبلغ السابق الذى تحدث عنه وزير التخطيط فى أحد تصريحاته الصحفية السابقة يعبر عن حجم الأزمة التى تعانى منها المؤسسات الحكومية من ديون متراكمة لديها تؤثر سلبا على حجم الدين الداخلى ما يؤثر بدوره على الموازنة العامة. ديون المؤسسات الحكومية لدى المؤسسات الحكومية أو التشابكات المالية بين المؤسسات المختلفة أمر معقد، فكل مؤسسة حكومية لديها مستحقات لدى الأخرى وكل المحاولات بتصفيتها أو تسديدها لم تحل حتى الآن، رغم أهميتها وتأثيرها السلبى على الوضع الاقتصادى. البداية مع مستحقات وزارة الكهرباء لدى عدد من الهيئات الحكومية، وتبلغ حوالى 6 مليارات جنيه وتتنوع بين الشركة القابضة للمياه، ووزارة البترول وعدد من المؤسسات الحكومية الأخرى. ولدى الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحى ديون لدى المؤسسات الحكومية أيضًا، ووفقا للمتحدث الرسمى باسم الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحى العميد محيى الصيرفى فللشركة مديونية لدى الأجهزة الحكومية تبلغ قيمتها مليار و527 مليون جنيه، ضخامة هذا المبلغ لا تعنى أن الشركة غير مديونة فهى مديونة لوزارة الكهرباء بمبالغ قيمتها مليار و735، ويقول الصيرفى: «الحل الأمثل لهذه المشكلة هو تصفية الديون من الجانبين، وخصم أموال كل جهة من الأخرى لحل المشكلة نهائيا». ويضيف الصيرفى: «المديونية هى استحقاق للهيئة لدى عدد من الهيئات الحكومية، كما أن عمرها يزيد على عشرة أعوام ولم تحصل الشركة منها مبالغ حتى الآن، وتكتفى بإنذارها من وقت لآخر وبعضها قامت بقطع الخدمة عنها، كإنذار وبعضها لا تستطيع قطع الخدمة عنها باعتبارها مؤسسات حيوية». التشابكات المالية السابقة لا تقتصر على وزارة الكهرباء والشركة القابضة للمياه والصرف الصحى فقط، ولكنها تمتد لعدد من المؤسسات الحكومية أيضًا ومنها التأمينات والمالية. أزمة التأمينات والمالية يشرحها سعيد الصباغ، رئيس نقابة أصحاب المعاشات، قائلاً: «مديونية التأمينات لدى وزارة المالية تبلغ قيمتها 166 مليار مديونية غير مثبتة على الخزانة، ولا يتم ربطها بأى فوائد، كما أنها تمثل إهدارا واضحا لأموال التأمينات التى من المفترض استغلالها لتطوير الهيئة». ويضيف الصباغ: «المالية تقوم بتسديد الديون المتراكمة عليها فى صورة أقساط دون تسديد الالتزامات الخاصة بها، مما يتسبب فى تراكم الأموال عليها والفوائد المضافة، فكان الدين عام 2012 حوالى 142 مليار جنيه تم تسديد ثلاثة أقساط كل قسط بواقع 14.2 مليار، وبعد تسديد مبلغ 42 مليار جنيه، زادت المديونية بسبب الالتزامات التى لم تسدد حتى الآن. ويرى «الصباغ» أن الحل فى هذه الأزمة يكمن فى مبادلة الأموال بأصول منتقاة من المالية، على اعتبار أنها تخصص قيمتها لتسديد أموال الخزانة العامة للدولة، باستخدام أراض فى المناطق الجديدة. تعد التشابكات المالية واحدة من أهم المشاكل التى تؤثر سلبا على عمل وأداء المؤسسات الحكومية، وتزيد من عبء الديون عليها مما يؤثر بدوره على الموازنة العامة ويزيد نسب العجز فيها. يقدم عدد من خبراء الاقتصاد حلولا مقترحة للأزمة، كما يتحدثون عن أسبابها، حيث يقول الدكتور فخرى الفقى، الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية: «إن التشابكات المالية تؤثر سلبا على الموازنة العامة» موضحا أن التشابكات المالية تسبب عبئا على المؤسسات الحكومية. ويضيف «الفقى»: «تعود أسباب التشابكات المالية إلى قيام كل هيئة بالاستدانة للأخرى من أجل تيسير أمورها، فوزارة الكهرباء تحصل على الغاز لتشغيل المحطات من وزارة البترول ولا تستطيع الوفاء بالتزاماتها تجاهها». ويتابع «الفقى» حديثه قائلاً: «الأمر نفسه ينطبق على عدد آخر من المؤسسات الحكومية، ومنها اتحاد الإذاعة والتليفزيون الذى يحصل على الأراضى من مدينة الإنتاج الإعلامى لم تسدد أموالها حتى الآن، والسبب فى ذلك أن اتحاد الإذاعة والتليفزيون لا يحقق مكاسب مالية بل يخسر، وأيضًا مع بنك الاستثمار القومى والتأمينات والمعاشات مع وزارة المالية». ويستكمل «الفقى» قائلاً: «إضافة إلى مديونيات شركات قطاع الأعمال مع بعضها البعض، كما أن التشابك المالى بين المؤسسات يؤدى إلى عدم قراءة الموازنة بشكل صحيح»، مؤكدا أن الحل فى هذا يكمن فى إعادة هيكلة المنظومات الاقتصادية وإقامة صندوق يضم كل الشركات مع العمل على دمجها وهيكلتها. من جانبه يقول الدكتور رشاد عبده، الخبير الاقتصادى، إن التشابكات المالية بين المؤسسات الحكومية سببها باختصار أن عددا من الهيئات تتعامل مع بعض، ولكنها لا تستطيع الوفاء بالتزاماتها المالية لأنها لا تحقق مكاسب مادية. وأضاف «عبده» أن السبب فى استمرار هذه المشكلة وعدم حلها حتى الآن هو عدم تقديم حلول جذرية للمشكلة والاهتمام بالشأن السياسى أكثر من الاقتصادى، والاكتفاء بالنظر إلى المشكلة دون النظر إلى كل جوانبها. وأشار «عبده» إلى أن عدم وجود أفكار جيدة لحل الأزمة يتسبب فى تفاقمها، من خلال إجراء تغييرات شكلية لها فقط دون إحداث تغيير جذرى فى معالمها. الدكتور صلاح جودة، مدير مركز الدراسات الاقتصادية، قال، إن عدم قدرة الوزارات على الوفاء بديونها تجاه الأخرى أمر موجود منذ فترة طويلة، كما تبلغ قيمة ما هو مؤجل مليارات الجنيهات وأغلبها بين الاستثمار والمالية أو الكهرباء والبترول والحل فيها يتم من خلال إعادة تقييم السندات بين الجهات المختلفة.