سؤال يبحث عن إجابة سريعة ودقيقة وحاسمة فى آن واحد، ماذا بعد تدخل روسيا العسكرى فى سوريا؟ هل سيسدل الستار على الأزمة التى تدمى القلوب وتمزق الأواصر بين أبناء ومدن البلد الواحد، هل من نهاية لتلك المأساة التى تعيشها سوريا الحبيبة منذ نحو خمس سنوات، لم ينج منها بيت ولا مدينة ولا أثر ولا تاريخ، ولماذا تتعثر المفاوضات بين الأطراف المتصارعة إن كان يهمهم وحدة سوريا ولم شمل شعبها، كل هذه الأسئلة وغيرها كثير يبحث عن إجابات، فالوقت يمر والأزمة تتعقد، والمتنافسون على كعكة حاضرة الخلافة الأموية يتزايدون، ويبدو أن المنتصر فيهم لن يجد من الكعكة ما يسد رمقه أو يمنحه الكنز المفقود. غير أن المواطن العربى البسيط المحب لأمته والمتألم لحالها وشتاتها وانقساماتها وصراعاتها، لم يعد يفهم ما يجرى على الساحة السورية، ولم يعد قادرا على الفرز ما بين من يدافع عن سوريا ومن يدمرها، فمن عجب أن دولا عربية شقيقة تدعى أنها هرعت لنجدة الشعب السورى الذى يتعرض لصنوف العذاب من النظام الحاكم بقيادة بشار الأسد، وقامت تلك الدول ومعها دول أجنبية بسكب الزيت على النار بإعلانها دعم العناصر المسلحة المعادية للنظام، وتبنى المعارضة التى أسقطت الأيام عنها القناع لنكتشف أنها تمثل الجماعة الإرهابية المنتشرة كالنار فى الهشيم فى بلدان عربية عدة، وكانت تمنى النفس بالاستحواذ على السلطة فى عدد من الدول وتنصيب أردوغان تركيا خليفة للمسلمين عليها، ومن بوابة المعارضة ظهر الجيش الحر، وكأن الهدف الأول لعدو العرب تفكيك جيوشه لتنعم ربيبتهم المحتلة لفلسطين بالاسترخاء والأمن، وإلا فبماذا نفسر الإصرار على تمزيق الجيش السورى وجره الى حرب عصابات تنهكه وتفتته، ليلحق بشقيقه العراقى الذى حل وتفرق رجاله، لتدخل حاضرة الخلافة العباسية دوامة لم تخرج منها رغم مرور عقد من الزمان منذ دخول الأمريكان لا سامحهم الله أرض الرافدين. ولم يكن ما يسمى بالجيش الحر وحده الذى يعبث بأرض سوريا ووحدتها، اذ ظهرت جماعات متعددة تحمل اسماء ما أنزل الله بها من سلطان، وليس لها من اسمها نصيب، وكلها تسيء الى الدين الإسلامى وهو منها براء، ومن عجب أن هذه العصابات تضم بين عناصرها جنسيات عديدة لم يكن بعضها يعرف أين تقع سوريا على الخارطة، لكن الأموال التى تغسل العقول فعلت المستحيل وقربت البعيد، وجيشت الجيوش، لتظهر داعش وتظهر النصرة وكل واحدة الى جانب الجيش الحر تبحث عن موطئ قدم على الأرض السورية، وعرف العالم أسماء المدن والقرى التى باتت عناوين ثابتة فى نشرات الأخبار، حتى كان تدخل روسيا العسكرى من أجل فرض المفاوضات السياسية أمرا واقعا على الجميع وطرد من ليس من أبناء سوريا ليعود الى دياره او يدفن فيها غير مأسوف عليه. وها هى روسيا تدخلت لدعم النظام الذى استقبلت رئيسه فى اول زيارة له خارج بلده منذ اندلاع الأزمة، لكن لم تتبلور فى الأفق ملامح لقرب الحل، بعدما وضح للجميع أن خيوط الأزمة لا يمسكها المعارضون السوريون وإنما من يدعمهم من الخارج وهنا تبدو الأزمة الحقيقية، ولا نملك هنا إلا الابتهال الى الله ان يهدى ابناء سوريا المتناحرين ويهدى قبلهم من يمولهم ليفيئوا الى رشدهم ويجلسوا الى مائدة المفاوضات لوضع كلمة النهاية لماسأة شعبهم ويحفظوا وحدة بلدهم. يا رب!