ماذا يدور فى سوريا ، والى اين ستصل تلك الحرب الطاحنة المتعددة الاطراف والجنسيات على ارض الشام ، ولماذا تتكالب تلك الحشود وتلك الجماعات وتلك الجيوش على بلد عاصمة الخلافة الاموية ، وكيف يبقى الحل فى سوريا رهنا بموافقة هذا الطرف او ذاك من غير ابناء البلد المتقطع الاوصال والذى تعيث فيه جماعات الخزى والعار فسادا بدعم بعضه عربى وبعضه الآخر اجنبى، فسوريا العربية توأم مصر وشريكتها الرئيسية فى نصر اكتوبر 73 ، وقبلها فى تجربة الوحدة العربية التى لم يكتب لها الاستمرار بفعل تدخل الاعداء من الغرب ، الذين ازعجهم ان تتوحد دولتان عربيتان تحت راية واحدة ، وها هوالغرب يعود من جديد ليقسم المنطقة ، ويكمل مخططه الذى بدأه قبل عقد من الزمان عندما غزت امريكاالعراق ولم يتحول كما زعموا الى جنة الشرق الاوسط ، فبحور الدم التى اريقت لم تجف ، غاب الامن وضاع الامان وتشتت البشر بين بلاد الله، والان تقف سوريا فى مفترق طرق تتداعى عليها الامم من كل جانب ، الكل يدعى انه يبحث عن مصلحة شعبها دون ان يفوضه احد من الشعب المغلوب على امره ، سواء الذى بقى صامدا فى بلده او الذى هرب من مناطق الصراع مع العصابات الداعشية وغيرها الى العاصمة او من هجر قسرا الى دول الجوار، لتأجيج الصراع وفتح الباب امام تدخل عسكرى امريكى اوروبى بغطاء عربى كما حدث فى ليبيا التى دمروها ثم تركوها وحدها تتصارع وتتقاتل وتختلف ولايبدو فى الافق القريب ملمح يتشكل لحل ولو مبدئى للازمة الليبية التى تتعقد يوما بعد يوم. هؤلاء المتداعون على سوريا ارادوا بها ما فعلوه بالعراق وليبيا ، مالوا الى جانب طرف من اطراف الصراع، ولم يستمعوا للشعب الذى غادر منه والذى لايزال مرابضا فوق ارضه لم يغادرها ، والاعجب انه يقدم درسا فى الصمود عجز أعداؤه عن فهمه حتى الآن، فالحياة فى دمشق وفى المدن التى تخضع لسيطرة النظام لاتزال تعيش حياتها الطبيعية متغلبة على كل المعوقات والصعاب من انقطاع للتيار الكهربائى او الحواجز فى الميادين ، او السيارات المفخخة والتفجيرات فى اماكن متفرقة ، لم يستسلم الشعب السورى وهو يرى الدمار فى عديد المدن وحتى زبدانى وبودان التى كانت مصيف نجوم الفن الكبار، لم يرفع الشعب الراية للارهاب ، وانما صمد وتحامل على نفسه وعاش حياته وفق المتاح، ومن عجب أن الدورى الكروى لم يتوقف ، ومشاركات المنتخبات وفرق الاندية السورية فى المنافسات القارية والدولية منتظمة، ويكفى القول إن منتخب سوريا للناشئين هو الممثل العربى الوحيد فى كاس العالم التى استضافتها شيلى الاسبوع الماضي، وفى هذا دليل على الصمود والتحدى الذى يحسب للشعب السورى ويؤكد انه لن يفرط فى بلده ابدا، اهل الفن كذلك مستمرون حتى وان نقل بعضهم نشاطه الى مصر الا انهم متواصلون مع بلدهم وقضيته وهناك من اختار أن يبقى على ترابها مثل القدير دريد لحام وغيره الكثير من نجوم الفن السورى. لم يتوقف المتداعون على سوريا ممن يذرفون الدموع الاصطناعية على شعبها عند مايجرى على الارض هناك، لم يفكروا فى الحل السلمى للأزمة تجاهلوا كل الندءات الراشدة التى اطلقها اهل الحكمة فى الوطن العربى من أمثال الرئيس عبد الفتاح السيسى الذى أكد اهمية ان يكون الحل السياسى هو مفتاح الخروج من الازمة السورية وبمشاركة كل الاطراف دون اقصاء ودون شروط مسبقة، لتكون الكلمة الاخيرة والفاصلة للشعب السورى وليس لجوقة المتعاونين مع الخارج التركى او الاوروبى او الامريكى او حتى النفر العربى المتداخل فى الازمة والداعم لبعض الفصائل المتناحرة بالمال والسلاح. ونسمع بين الفينة والاخرى ان وزراء خارجية دول كذا وكذا يجتمعون لبحث الازمة السورية وسبل الخروج منها ولايوجد بين المجتمعين من يمثل الشعب السورى وكأن سوريا باتت ضيعة يتحكم فى مصيرها هذا الطرف او ذاك ، والا فكيف تتصدر الاخبار فى كل العالم اجتماعات اطراف لبحث الازمة السورية دون مشاركة اطرافها الحقيقية فهل باتت سوريا تدار بالوكالة وهل روسياوايران تتحدثان نيابة عن نظامها وينقسم بقية المشاركين فى الاجتماعات مابين داعمين لمعارضى النظام ، و مراقبين للحوار مابين داعمى النظام وداعمى المعارضة ، ولذا يتحطم الحوار على صخرة الاصرار والتشبث بالمواقف مابين رحيل فورى لبشار الاسد تطلبه الدول الداعمة للمعارضة او اجراء اصلاحات سياسية دون اقصاء لاطراف الصراع وفى المقدمة منها راس السلطة بشار الاسد كما ترى ايرانوروسيا ، وهكذا يهدر الوقت فى الخلاف حول هذه النقطة فقط وكانها كل الحوار ، لينتهى اللقاء دون نتائج ، وينتظر الجميع نزهة اخرى فى بلد جديد بداعى الحوار حول سوريا ، كأن الوقت فيه متسع من الرفاهية مايمنح الطرفين المتحاورين لتقرير مصير بلد وشعب متسع للتعدد اللقاءات دون ادراك ان اليوم الذى يمر دون وصول الى اتفاق يرضى الشعب السورى ويوافق عليه يسهم فى زيادة المعاناة اليومية وإراقة مزيد من الدماء التى تعجز الارض السورية عن امتصاصها لتفوح رائحة الدماء فى كل مكان لكنها لاتزكم انوف المتحاورين حول الازمة، أن الحل الممكن لازمة سوريا لابد ان يعتمد على خريطة المستقبل التى اقرتها اجتماعات المعارضة السورية التى عقدت فى القاهرة منتصف العام الحالى والتى اقر فيها المعارضون المجتمعون والممثلون للمعارضة المعتدلة ان الحل العسكرى مستحيل بينما الحل السياسى هو السبيل الوحيد لانقاذ سوريا وعلى الجميع ممن يدعون اهتمامهم بسوريا وشعبها العمل على انفاذ هذا الحل من خلال اجتماع المعارضة والنظام برعاية اممية ومشاركة عربية لضمان التوصل لاتفاق ان الضمير الانسانى والتاريخ لن يغفرا لمن عبث بمعاناة شعب وبلد عربى . لمزيد من مقالات أشرف محمود