أنت حي؟.. نعم.. هل تقرأ؟.. لا.. إذن يا عزيزي أنت ميت.. فالقراءة وحدها هي ما تمنح حياتنا متعة الإحساس بها وتمنحنا ألف عمر فوق أعمارنا.. فالكتب ليست جثثا من الورق الميت.. أو قطع ديكور نزين بها أركان منازلنا دون أن تقربها أيدينا يوما.. تماما كأمهات الكتب وتفاسير القرآن التي تملأ مكتبات المساجد دون أن تلمسها يد اللهم إلا نادرا.. لكن الكتب ببساطة شديدة نبضات حياة وعقول تعيش علي الأرفف وأنهار من المتعة تنتظر من يغتسل منها في اليوم ولو لمرة واحدة ليطهر عقله ونفسه وروحه. لكننا للأسف الشديد مجتمع لا يقرأ.. ولا حتي يرغب في ذلك ويمتلك من الأعذار ما يفوق عدد صفحات كل كتب العالم مجتمعة.. ويفسر البعض سر هذا العزوف بأن الكتاب لدي الكثير منا مرتبط ذهنيا بكتب الدراسة العقيمة بما تحتويه من حشو وتشويه وطريقة عرض ما أنزل الله بها من سلطان.. وفي هذا بلا شك قدر من الصحة لكن ذلك لا يعني أن المدرسة وحدها أو الكتاب المدرسي يتحملان مسئولية هذا الجرم.. بل أن البيت هو المسئول الأول وله الدور الأكبر في تنشئة الأبناء علي حب القراءة منذ نعومة أظفارهم.. لكن في ظل ظروف اقتصادية صعبة تمر بها أغلب الأسر المصرية بجانب غياب ثقافة زيارة مكتبات الأسرة المنتشرة في كل مكان.. من البديهي والطبيعي جدا أن ينشأ جيل لا يقرأ ولا يرغب ربما يأسا في الحصول علي الكتاب نفسه.. أو لعدم وجود من يوجهه إلي كيف يقرأ ومن أي الكتب يبدأ. وربما هذا ما يدفعني الآن لأن أثمن جدا وأعلي من قدر وقيمة المبادرة الرائعة وغير المسبوقة التي يتبناها وينفذها الصديق الصحفي الأستاذ فتحي المزين صاحب ومدير دار ليان للنشر والتوزيع تحت عنوان مبادرة الكتب بالمجان التي تقام علي مسرح رسالة بالمقطم ظهر يوم7 نوفمبر المقبل ويتم من خلالها توزيع40 ألف نسخة كتاب في شتي العلوم والمعارف علي الشباب مجانا بحيث يكون لكل شاب حق الحصول علي15 كتابا يختارها بنفسه. إنها بالفعل مبادرة تستحق أن نتوقف عندها طويلا وأروع في الأمر أن هذه المطبوعات تبرع بها عدد من كبار الكتاب لا يتسع المجال لذكرهم بجانب عدد من أصحاب المكتبات.. بما يعني أن هذه الكتب ليست مهملة أو يسعي أصحابها للتخلص منها ولكنها تحمل بين دفتيها فكرا وثقافة وإبداعا.. وأتمني الآن أن أري إقبالا كبيرا من الشباب خاصة الذين لا يمتلكون مكتبات في بيوتهم عسي أن تكون هذه المبادرة نواة حقيقية للشروع في تكوين مكتبة خاصة بكل منهم وبداية لتشكيل وجدانهم بما يعود علي المجتمع بنخبة مثقفة من الشباب قادرة علي مسايرة الحاضر بكل متناقضاته واقتحام المستقبل بأقدام ثابتة تعرف إلي أين تخطو. ويقيني أنك حين تنتهي من قراءة كتابك الأول ستشعر بمتعة لا توصفها كلمات وستري الدنيا بعين جديدة وستعرف كم أهدرت من عمرك حين ابتعدت عن القراءة متذرعا بحجج واهية كالتي تذرعنا بها قبل أن نفيق من غيبوبتنا ونلحق بالعربة الأخيرة من القطار. اقرأ.. فالقراءة ستصنع لك عالما يمكن أن يغنيك عن كل البشر.. اقرأ.. فالكتاب كما تقول إليزابيث براوننجهو المعلم الذي يعلم بلا عصا ولا كلمات ولا غضب.. بلا خبز ولا ماء إن دنوت منه لا تجده نائم وإن قصدته لا يختبئ منك.. إن أخطأت لا يوبخك.. وإن أظهرت جهلك لا يسخر منك. [email protected]