المجال يتسع للأفكار الفاسدة تنتشر بسرعة، تحاصرك فى الصحف والبرامج التليفزيونية، ومواقع التواصل الاجتماعى، إذا أردت أن تتجاهلها وتسقطها من اهتماماتك وهذا مايليق بها ستجد من يسألك رأيك ويدخل معك فى مناقشة حول تفاصيل هذه الأفكار وأصحابها والمروجين لها، لا تقع فى الفخ ولا تساعد فى ترويجها وتعال نناقش معا الطريقة المثلى للتعامل مع هذه الأفكار وببساطة "دليل الصحفى المحترف والقارئ الذكى فى التعامل مع الأفكار الفاسدة التى تلوث المناخ العام". قبل أن نتناول طريقة التعامل نحاول معا فهم الدوافع وراء ترويج أفكار فاسدة. الهدف أن نظل دائما فى حالة "هرى" وخلاف كل طرف متحمس ومتعصب لوجهة نظر، استهلاك وقت وتركيز الناس وخسارة فى رأس المال الاجتماعى وبدلا من طرح قضايا تدعونا للتحرك والعمل الجماعى لمواجهة مشاكل حياتية، ندخل فى مناظرات وطحن فكرى لا ينته. فى الإعلام نظرية تسمى تحويل الانتباه، وذلك من خلال طرح قضايا مثيرة فى دوائر الجنس والدعارة خاصة لو ارتبطت بنجوم وفنانين، أو قضايا خلافية أو تمس الدين والعقيدة وطرحها للنقاش العام فى وسائل الإعلام، وغالبا ما تكون القضايا مختلقة ومفتعلة، والهدف تحويل الانتباه عن متابعة قضايا مهمة وحجبها مع المناقشة هذه النظرية الإعلامية كان يتم تنفيذها بحرفية خلال سنوات حكم مبارك، بهدف حجب قضايا أو تمرير قرارات وتشريعات. نعود إلى سؤالنا الصحفى المحترف المنتمى لمهنته والمؤمن برسالتها ودورها فى التغيير. على مستوى الأفراد والمستوى العام، والمنتمى لوطنه والحريص على مصالح مجتمعه كيف يتعامل مع الأفكار الفاسدة والقضايا المفتعلة التى تستهلك عمر الشعوب؟ التجاهل التام وهو الطريقة المثلى فالتجاهل يؤدى إلى موتها ويجهض الهدف من وراء إثارتها، التجاهل وليس المعارضة والتفنيد لأن ذلك يمنحها فرصة للبقاء، ولكن التجاهل وحده لايكفى فى ظل المنافسة وإنما عليه البحث عن قضايا مهمة قادرة على إثارة اهتمام الناس، ويحولها إلى مسائل شخصية قريبة من القراء، يذهب إلى المناطق الغائبة عن الاهتمام الإعلامى ويصحب القارئ معه ويجعله شريكا، يسعى إلى طرح الحلول وحث الجهات المسئولة على المتابعة، يحدد أولويات المسئول من خلال قضايا الناس ومشكلاتها وما أكثرها، يخلق حوارا مجتمعيا يشد من خلاله الجمهور ويخلق مساحات أخرى للاهتمام. أما المواطن الذكى الذى يحلم بالخروج الآمن من حفرة التخلف، فهو أيضا مطالب بمقاطعة الأفكار الفاسدة، فهى أخطر من السلع الفاسدة، لأنها تتلاعب بالعقول وتسعى لتمزيق المجتمع وخلق حالة "شتات فكرى" إذا فتحت "التلفاز" ووجدت أشخاصا يتصارعون مثل الثيران الهائجة اعلم أنهم على باطل وأنهم يروجون بضاعة فاسدة لأن صاحب الحجة والمنطق قادر على الإقناع بهدوء، حول وابحث عن قناة أخرى إذا وجدتهم منتشرين مثل الوباء فى بقية الفضائيات إغلق التليفزيون واشتر دماغك، وقاطع الموضوعات الصحفية التى تناقش الأفكار الفاسدة. عندما تتعامل مع مواقع التواصل الاجتماعى تجاهل أيضا الأفكار الفاسدة لا تمنح "البوستات" التى تتناولها بالتأييد أو النقد "لايكاتك" ولا تعليقاتك وبالطبع لن تدوس "شير". مقاطعة الأفكار الفاسدة التى تحاصرنا وتمزق نسيجنا الاجتماعى هو الحل مع البحث عن أفكار وقضايا تتعلق بمصالح الناس. ولنتذكر أن الأفكار الفاسدة لاتصدر إلا عن أشخاص فاسدين.