سعر الذهب اليوم الخميس 2-10-2025 يصل لأعلى مستوى وعيار 21 الآن بالمصنعية    متى يبدأ العمل بالتوقيت الشتوي 2025 رسميًا؟ استعد ل تغيير الساعة في مصر    البيت الأبيض: مناقشات حساسة تجري الآن بشأن خطة غزة    "الاحتلال "يهاجم أسطول الصمود وكولومبيا تطرد البعثة الدبلوماسية الإسرائيلية ومظاهرات حاشدة بعدة عواصم عالمية..وحماس: نحيي شجاعة النشطاء    85 شهيدًا فلسطينيًا حصيلة الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة خلال 24 ساعة    خطة ترامب لغزة.. قراءة تحليلية في وهم السلام وواقع الوصاية    «رحلة إسقاط الكبار مستمرة».. المغرب يضم البرازيل إلى قائمة ضحاياه    «قولاً واحدًا».. خالد الغندور يكشف رحيل فيريرا عن تدريب الزمالك في هذه الحالة    مصرع أمين شرطة وإصابة آخر فى حادث تصادم بالنوبارية    الداخلية: القبض على مدرس اُتهم بالاعتداء على طالب ابتدائي في الهرم    عبدالله مجدي الهواري: «بحب الفن ونفسي أبقى حاجة بعيد عن اسم أمي وأبويا»    مدير مستشفى معهد ناصر: نستقبل مليوني مريض سنويًا في مختلف التخصصات الطبية.    دعاء صلاة الفجر ركن روحي هام في حياة المسلم    4 أهداف.. تعادل مثير يحسم مواجهة يوفنتوس أمام فياريال بدوري أبطال أوروبا    رياضة ½ الليل| هشام يسلف الزمالك.. إيقاف تريزيجيه.. قائمة الخطيب.. والموت يطارد هالاند    زكريا أبوحرام يكتب: الملاك الذي خدعهم    رئيس مجلس المطارات الدولي: مصر شريك استراتيجي في صناعة الطيران بالمنطقة    إصابة 4 عمال في حادث تصادم نقل وميكروباص أمام كارتة ميناء شرق بورسعيد    قرار هام بشأن شخص عثر بحوزته على أقراص منشطات مجهولة المصدر بالجيزة    السيطرة على حريق شب داخل مخلفات بعين شمس    شهادة صحفي على مأساة أفغانستان الممتدة.. جون لي أندرسون يروي أربعة عقود في قلب عواصف كابول    أكاديمية «أخبار اليوم» في ثوبها الجديد.. وفرحة الطلاب ببدء العام الدراسي| صور وفيديو    اللجنه العامة توافق على اعتراض رئيس الجمهورية على مواد الإجراءات الجنائية    نقل الفنان السوري زيناتي قدسية إلى المستشفى بعد أزمة صحية مفاجئة    3 أيام متواصلة.. موعد إجازة 6 أكتوبر 2025 للموظفين والبنوك والمدارس بعد قرار رئيس الوزراء    حماية العقل بين التكريم الإلهي والتقوى الحقيقية    وصول وفد رسمي من وزارة الدفاع السورية إلى موسكو    مرض اليد والقدم والفم (HFMD): عدوى فيروسية سريعة الانتشار بين الأطفال    تحذير لهؤلاء.. هل بذور الرمان تسبب مشاكل في الجهاز الهضمي؟    أكلة مصرية.. طريقة عمل محشي البصل خطوة بخطوة    الخارجية التركية: اعتداء إسرائيل على "أسطول الصمود" عمل إرهابي    مايولو: سعيد بالتسجيل أمام برشلونة.. نونو مينديش قام بعمل كبير    جوارديولا: لدينا نقطة وسنحصل عليها    «مقتنعوش بيه».. ماجد سامي: كنت أتمنى انتقال نجم الزمالك ل الأهلي    حل 150 مسألة بدون خطأ وتفوق على 1000 متسابق.. الطالب «أحمد» معجزة الفيوم: نفسي أشارك في مسابقات أكبر وأفرح والدي ووالدتي    محافظ الشرقية يكرّم رعاة مهرجان الخيول العربية الأصيلة في دورته ال29.. صور    الجيش الإسرائيلي: إطلاق 5 صواريخ من شمال غزة واعتراض 4 منها دون إصابات    انقطاع مؤقت للاتصالات قرب المتحف المصري الكبير.. فجر الخميس    سعر الذهب اليوم في السودان.. وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الخميس 2 أكتوبر 2025    هيئة مستقلة للمحتوى الرقمي ورقابة بضمانات.. 4 خبراء يضعون روشتة للتعامل مع «البلوجرز» (خاص)    ستاندرد آند بورز: إغلاق الحكومة الأمريكية يفاقم عدم اليقين في التوقعات الاقتصادية    المطبخ المصري في الواجهة.. «السياحة» ترعى فعاليات أسبوع القاهرة للطعام    السكر القاتل.. عميد القلب السابق يوجه نصيحة لأصحاب «الكروش»    اعتراضات على طريقة إدارتك للأمور.. برج الجدي اليوم 2 أكتوبر    أول تعليق من رنا رئيس بعد أزمتها الصحية: «وجودكم فرق معايا أكتر مما تتخيلوا»    ماذا كشفت النيابة في واقعة سرقة الأسورة الأثرية من المتحف المصري؟    الإسكان عن أزمة قرية بحر أبو المير بالفيوم: تحركنا لدراسة الوضع ميدانيا    أحمد موسى يوجه رسالة للمصريين: بلدنا محاطة بالتهديدات.. ثقوا في القيادة السياسية    أولى هجمات أكتوبر.. الأرصاد تحذر من حالة الطقس اليوم: أمطار رعدية تضرب منطقتين    «التضامن الاجتماعي» بالوادي الجديد: توزيع مستلزمات مدرسية على طلاب قرى الأربعين    إصابة 9 أشخاص في انقلاب ميكروباص على طريق شبرا - بنها    التجربة المصرية في الاستزراع السمكي محور برنامج تدريبي دولي بالإسماعيلية    أرسنال بالعلامة الكاملة في الإمارات ينتصر بثنائية على أولمبياكوس    تسليم 21 ألف جهاز تابلت لطلاب الصف الأول الثانوي في محافظة المنيا    مدير معهد ناصر: اختيار المعهد ليكون مدينة طبية لعدة أسباب ويتمتع بمكانة كبيرة لدى المواطنين    تعرف على مواقيت الصلاه غدا الخميس 2 أكتوبر 2025فى محافظة المنيا    مجلس الدولة يقرر إعادة توزيع اختصاصات دوائر محكمة القضاء الإداري    مجلس حكماء المسلمين: العناية بكبار السن وتقدير عطائهم الممتد واجب ديني ومسؤولية إنسانية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإخوان‏..‏ والصعود إلي الهاوية‏(‏ الحلقة الاخيرة‏)‏

ويقدم حازم الكيلاني أحد نشطاء شباب الإخوان المسلمين حزمة من التساؤلات رفض المرشد العام الإجابة عنها والكثير من هذه الأسئلة تتماس مع إشكالية الديمقراطية الداخلية
وما اصطلح علي تسميته بأزمة هيمنة رموز النظام الخاص علي مقدرات الجماعة‏..‏ وإليكم أسئلة الكيلاني‏:‏
السؤال الأول‏:‏
بعد سبعين عاما هي عمر الجماعة لماذا لم تقم الجماعة بعملية تقويم ونقد لممارستها التاريخية وعملية مراجعة لأهدافها ووسائلها؟ ولماذا لا تقدم الجماعة إلي الرأي العام وإلي أبنائها تفسيرا مقنعا لمسلسل الفشل الذي منيت به علي مدار تاريخها الطويل‏,‏ حيث إن حجم الإنحازات البسيطة التي حققتها الجماعة لا يتناسب مطلقا مع الإمكانات الهائلة المتوفرة لها ماديا وبشريا ومع حجم الخسائر والتضحيات التي قدمها أبناء الجماعة؟ أم أن الجماعة لا تفعل ذلك لأنها تري نفسها فوق الرأي العام وفوق المساءلة وفوق مستوي الخطأ؟‏.‏
السؤال الثاني‏:‏
لماذا لا تقيم الجماعة تاريخها بما فيه من نقاط سلبية مثل موضوع النظام الخاص‏(‏ السري‏)‏ وما حدث به من تجاوزات بل ومن جرائم امتدت حتي شملت المستقيلين من هذا الجهاز مثل حادثة مقتل السيد فايز وغيرها من الحوادث؟
لماذا لا تدين الجماعة مثل هذه التجاوزات؟ بل لماذا التكتم عليها؟ وهل صحيح أن السكوت عن هذه الممارسات الخاطئة نتيجة أن القيادة الحالية للجماعة متمثلة في شخصكم يقصد المرشد السابق السيد مصطفي مشهور أو في أشخاص بعض أفراد مكتب الإرشاد كانوا أعضاء وقيادات في النظام الخاص الذي ارتكب هذه الجرائم؟
وإذا كنتم تورطتم باعتباركم قيادة بالنظام الخاص في أعمال إرهابية فكيف تبقون علي رأس الجماعة مع أن هذا التاريخ يسهم في تشويه صورة الجماعة لدي الرأي العام؟‏..‏
السؤال الثالث‏:‏
لماذا تبقون في منصبكم رغم ما تواجهون به من انتقادات شديدة أحيانا من أبناء الصف وكانت النتيجة أن أبعد هؤلاء المنتقدون عن الجماعة وبقيتم أنتم علي رأس القيادة‏...‏
وكذلك يشكك البعض في شرعية وجودكم علي رأس الجماعة فيما عرف بالحديث عن بيعة المقابر‏!‏ وكذلك يعتبركم الكثيرون مسئولين عن توريط الجماعة في كثير من المآزق مثل التصريح الشهير الخاص بالأقباط‏..‏ فلماذا تبقون في منصبكم رغم كل هذا؟ وما هو سر الاستمساك بهذا الموقع؟
السؤال الرابع‏:‏
هل توجد آليات ديمقراطية داخل الجماعة تنظم انتخاب المسئولين وعزلهم إن أساءوا ومحاسبتهم إن أخطأوا؟ وهل محاسبة القيادة أمر متاح لكل أبناء الصف؟
وإذا كانت الديمقراطية غائبة داخل الجماعة حيث تفرض قيود علي حركة الأفراد بل أحيانا علي نوعية الكتب التي يقرأونها حيث يمنعون من قراءة كتاب معين ينتقد بعض سلبيات الحركة فهل مع هذا الجو الخانق للحرية يحق للجماعة أن تطالب الحكومة بقسط أكبر من الحريات والديمقراطية؟ وكيف تطالب الجماعة بالتداول السلمي للسلطة في الدولة بينما بقي المرشد العام السابق للجماعة في منصبه حتي الموت رغم أنه ظل يعاني من الغيبوبة الطويلة لعدة سنوات في آخر حياته‏.‏
فمن المسئول عن هذه الأخطاء التي أضرت بسمعة الجماعة وتكاد تفقدها مصداقيتها؟
السؤال الخامس‏:‏
من المسئول عن الفجوة القائمة بين الجماعة وعدد كبير من المفكرين الإسلاميين المهتمين بترشيد الصحوة الإسلامية؟ ومن المسئول عن تسرب العقول والمواهب والطاقات من الجماعة بسبب الكبت الذي يعانونه داخل الجماعة؟
السؤال السادس‏:‏
هناك خلط واضح بين الدين والتنظيم الإخواني‏,‏ فمثلا النصوص التي تتحدث عن وجوب السمع والطاعة لرئيس الدولة وأولي الأمر فيها يستشهد بها في خلط واضح علي وجوب السمع والطاعة للمسئولين في الجماعة مهما كانت أوامرهم خاطئة‏..‏ فهل تعتبرون أنفسكم دولة داخل الدولة بحيث تسري عليكم أحكام خاصة بكم؟
ومثال آخر‏:‏ تطالب الناخبين في الانتخابات أن يصوتوا لصالح مرشحيها باسم نصرة الإسلام‏..‏ فهل من لا ينتخب مرشحي التيار الإسلامي وينتخب مرشحا آخر يري أنه أقدر من غيره يعتبر ناكصا عن نصرة الإسلام؟
السؤال السابع‏:‏
تعلن الجماعة أحيانا كثيرة أنها من المسلمين وليست جماعة المسلمين‏,‏ لكنها في واقع الأحداث تكاد ممارساتها تنطق بخلاف ذلك‏..‏ فمثلا إذا انتقد إنسان الجماعة واستقال منها بسبب من أخطائها كما يتراءي له فإنه يوصف بالوقوع في الفتنة‏,‏ ولا يذكر اسمه بين أفراد الصف إلا مشفوعا بقولهم أعاذنا الله من الفتنة ويوصف خروجهم من الجماعة بأنه تطهير من الله للصف المؤمن من الخبث‏,‏ ويستشهد بالآية التي تتحدث عن المنافقين والمرجفين‏(‏ وقد ورد ذلك في حديث لفضيلتكم‏)‏ لمجلة الوسط حيث وصفتم المستقيلين من الجماعة بأنهم كفرع الشجرة الذي إذا قطع من شجرته فإنه يذبل ويموت وانهم هم الذين سيخسرون والجماعة لن تخسر شيئا‏,‏ واستشهدتم بالآية ليميز الله الخبيث من الطيب مما يعني اعتقادكم بأنكم علي الحق الذي لاشك فيه‏,‏ وان غيركم علي الباطل الذي لا أمل فيه‏,‏ وهو ما ينافي عمليا ما تحاولون به دائما تجميل صورتكم علي عكس وضعها الحقيقي‏.‏
‏(‏حازم الكيلاني‏:‏ اسئلة حصلنا عليها منه وارسلناها للمرشد العام آنذاك‏(‏ الحاج مصطفي مشهور ورفض الرد عليها‏).‏
ومازالت هذه الاسئلة الشائكة بدلالاتها التاريخية والحاضرة‏..‏ قائمة وملحة‏..‏ تنتظر ردودا واضحة‏..‏ وصريحة‏..‏ وحقيقية‏..‏ دونما التفاف أو تهويم‏..‏ او مراوغة‏..‏ فهل يملك قيادات الإخوان‏..‏ من الحرس القديم‏..‏ تلك الإجابات؟
الإجابة المطلوبة لن تتحقق بمعزل عن وقفه تحليلية امام الأزمة الفكرية التي يعانيها الإخوان‏,‏ ولعل آراء واجتهادات المفكر الإخواني سيد قطب هي المسئولة عن الجانب الأكبر من هذه الأزمة‏.‏
ونستطيع ان ندرك قوة نفوذ رجال النظام الخاص داخل الجماعة من قراءة بعض من كتابات وآراء رجال الإخوان السابقين الذين لم يستطيعوا التعايش مع سيطرة فكر العمل السري علي الجماعة‏.‏
ويعتبر د‏.‏ عبدالستار المليجي واحدا من هؤلاء الذين وصلوا إلي مناصب قيادية رفيعة داخل الجماعة وعلي الرغم من ذلك لم يستطيعوا ادراك مدي تغلغل رجال النظام الخاص الا متأخرا ويقول في كتابه تجربتي مع الإخوان من الدعوة إلي التنظيم السري يقول المليجي ان وجود السريين في موقع القيادة جعلتنا جماعة مغايرة للجماعة التي حلمنا بها وتبايعنا علي نصرتها وعملنا لها‏,‏ لقد افتقدنا الإخوان وجماعة الإخوان وفقدنا الحب في الله الذي جمعنا وفقدنا خشوع القلب الذي ذقنا حلاوته واصبحنا قطعانا من الموظفين الجامدين المتناحرين الفاقدين لأدني مراتب الحب في الله وهي سلامة الصدر واتصفت جماعتنا اليوم بصفات تحول بينها وبين نصر الله المأمول‏.‏
رجل آخر من رجال الإخوان ادرك مدي سيطرة فكر التنظيم الخاص علي الجماعة في وقت متأخر‏,‏ هذا الرجل هو ثروت الخرباوي والذي عرض تجربته مع الجماعة في كتابه قلب الإخوان محاكم تفتيش الجماعة‏.‏
ويشرح الخرباوي في كتابه ان بداية احساسه بسيطرة النظام الخاص كانت خلال المناظرة التي حدثت عام‏1992‏ بين مأمون الهضيبي وفرج فودة في معرض القاهرة الدولي للكتاب والتي قال فيها الهضيبي نصا نحن نتعبد لله بأعمال النظام الخاص للإخوان المسلمين قبل الثورة‏.‏
إخوان أم قطبيون؟
لاشك ان سيد قطب هو المفكر الأكبر والأشهر والأكثر تأثيرا والأعظم نفوذا في تاريخ جماعة الإخوان المسلمين‏,‏ ولعل السؤال الجدير بالمتابعة والاهتمام عند التوقف امام الإطار الفكري الذي يحكم حاضر الجماعة ويتحكم في مستقبلها‏:‏ هل تخلص الإخوان المعاصرون‏,‏ الكهول والشباب منهم‏,‏ من مؤثرات سيد قطب؟ وإذا كانت الإجابة بالنفي‏,‏ فإن السؤال التالي هو‏:‏ متي يتخلصون من هذه الأفكار لكي تستقيم معادلة انخراطهم في الحياة السياسية المصرية؟
المأزق الحقيقي الذي يواجهه الإخوان‏,‏ علي الصعيد الفكري‏,‏ هو في تمسكهم غير المنطقي بالجمع بين نقيضين لا يجتمعان‏:‏ قراءة سيد قطب والتشبع بأفكاره وتربية الكوادر الشبابية عليها من ناحية في حملة اعتقالات قامت بها أجهزة الأمن المصرية في صيف‏2006,‏ وطالت مجموعة من الشباب الإخواني خلال تجمعهم في أحد المعسكرات‏,‏ تم ضبط المجموعة الكاملة لمؤلفات سيد قطب‏,‏ واتضح أنها تمثل الركيزة الأهم في الإطار التثقيفي لهؤلاء الشباب‏,‏ والتنكر العلني الأشبه بالتقية السياسية لما يبشر به قطب ويدعو إليه من ناحية أخري‏.‏
وليس أدل علي ذلك التناقض مما شهده أكتوبر سنة‏2006‏ من احتفالات إخوانية صاخبة بمئوية ميلاد حسن البنا‏,‏ مع التجاهل الكامل المقصود من قبل الإخوان لمئوية ميلاد سيد قطب‏,‏ التي تحل في الشهر نفسه‏!‏
إذا كان حسن البنا هو الزعيم المؤسس لحركة الإخوان‏,‏ فقد انتهت قيادته التنظيمية والسياسية والفكرية قرب نهاية النصف الأول من القرن العشرين‏,‏ اما سيد قطب فقد بدأ تألقه وتصاعد نفوذه وتأثيره في بدايات النصف الثاني من القرن‏,‏ وتحول إلي مرشد روحي وفكري لآلاف من الشباب المسلم المنتمي إلي جماعة الإخوان وغيرها من الجماعات التي خرجت من معطفها‏.‏
ويبدو ان القائد الإخواني الدكتور عبدالمنعم ابوالفتوح‏,‏ الذي ينتسب إلي الاتجاه الأكثر تسامحا وعصرية‏,‏ هو واحد من الذين يشعرون بالمأزق الذي يواجهه الإخوان عند التعامل والتفاعل مع أفكار سيد قطب‏,‏ وهذا ما دفعه إلي النقد العلني لهذه الأفكار الداعية إلي التطرف والتكفير بل أنه بررها بالحالة الصحية والنفسية للمفكر الإخواني‏,‏ وما تعرض له من معاناة في السجون الناصرية‏,‏ وصولا إلي القول بإنها أفكار مريضة انتجها رجل مريض‏!(‏ أخبار الأدب‏,‏ عدد‏11,12‏ سنة‏2005).‏
ولقد تعرض عبدالمنعم أبو الفتوح إلي حملة عاتية في صفوف الإخوان‏,‏ الذين رفضوا تصريحاته جملة وتفصيلا‏,‏ وتطرف بعضهم إلي حد مطالبته بالتوبة النصوح‏!(‏ موقع إخوان أون لاين ديسمبر‏2005).‏
وإزاء هذه الحملة الشرسة‏,‏ اضطر أبو الفتوح إلي التراجع عن تصريحاته دون أن ينكرها‏!!‏ وقال إن صياغة المحرر لم تكن دقيقة‏!!‏ المستخلص مما سبق أن الإخوان لا ينكرون الأفكار التي يتبناها سيد قطب ولا يتنكرون لها‏,‏ لكن مجمل الأفكار التي يدعو سيد قطب اليها لا تناسب طبيعة العصر‏,‏ ولا تتوافق مع الثوب الجديد الذي يرتديه الإخوان‏,‏ خطاب سيد قطب تكفيري عنيف‏,‏ ومثل هذا الخطاب من العلانية والوضوح بحيث يستعصي علي كل محاولات التأويل والتجميل والتبرير‏.‏ جوهر الفكرة القطبية تدور حول مصطلح الحاكمية الإلهية‏,‏ وما يترتب علي فهمه لذلك المصطلح من تكفير مزدوج‏,‏ يطول السلطة الحاكمة من ناحية والمجتمع المحكوم من ناحية أخري‏!.‏
لا يملك الإخوان المسلمون إنكار حقيقة أن الرجل من كبار مفكريهم ومنظريهم‏,‏ ويتجلي ذلك واضحا في الصفات الجليلة التي يضفونها عليه‏,‏ وتجعل منه مرشدا ومفكرا معتمدا في تاريخ الجماعة‏.‏ وعلي سبيل المثال‏,‏ فهو الشهيد الحي و الشهيد الغائب و الإمام الأمين و المجاهد الكبير الشهيد و الأستاذ الإمام و المجاهد في سبيل الله و الوارث المحمدي‏!.(‏ حلمي النمنم‏:‏ سيد قطب وثورة يوليو‏).‏
الصفات السابقة الموثقة منسوبة إلي قيادات ورموز الجماعة‏,‏ لكنهم يحاولون الآن غسل أيديهم من أفكاره التكفيرية لأنها تسيء إليهم وتشوه خطابهم العصري الذي يصرح برؤي مختلفة جذريا‏.‏ إن أفكار سيد قطب هي التي مهدت لظهور جماعات أخري منافسة‏,‏ أكثر عنفا من الإخوان‏,‏ وزايدت عليهم وسحبت البساط من تحت أقدامهم‏.‏ وكنموذج لهذا التوجه‏,‏ يعترف الدكتور عبد الله عزام بأن سيد قطب هو أستاذه وملهمه‏.(‏ عبد الرحيم علي‏:‏ حلف الإرهاب الجزء الأول مركز المحروسة طبعة أولي‏2004).‏
كان كتاب دعاة لا قضاة‏,‏ الذي ألفه المرشد الثاني للجماعة المستشار حسن الهضيبي‏,‏ هو أشهر المحاولات الإخوانية للتبرؤ من تداعيات ونتائج الأفكار التي دعا إليها سيد قطب‏,‏ دون تبرؤ من المفكر صاحب الأفكار‏!.‏ إن قارئ كتاب الهضيبي يعاني من حيرة حقيقية عندما يكتشف الغياب الكامل لاسم سيد قطب في صفحات الكتاب‏,‏ الذي يتضمن مجموعة من البحوث الفقهية التي ترفض مبدأ التكفير‏,‏ وتطالب بالدعوة السلمية البعيدة عن العنف‏.‏ لايشير الهضيبي إلي كلمة واحدة مما كتبه سيد قطب‏,‏ ويقنع بالهجوم علي المفكر الباكستاني المعروف أبو الأعلي المودودي‏,‏ وهو الذي استقي منه سيد قطب وأضاف إليه‏.‏
هل يمكن التمييز بين المودودي وسيد قطب‏,‏ وهل من تناقض بينهما؟‏!‏ الإجابة عن هذا السؤال يقدمها الدكتور محمد حافظ دياب في قوله‏:‏ إن قارئ الخطاب القطبي لا يملك إلا أن يسجل حضور أغلب مفردات النسق المفهومي كما أورده المودودي‏,‏ بنوع من إعادة الانتاج الذي يحكمه الموقف الفكري الراهن لهذا الخطاب‏,‏ لتقوم بدور جديد في البنية الأيديولوجية التي اتخذها‏.‏
فقطب عندما يتحدث عن الجاهلية‏,‏ فإنه لا يترجمها بلغتها التي قدمها المودودي‏,‏ فهي لدي قطب مطلقة‏,‏ فيما هي عند المودودي ليست بهذا الإطلاق‏,‏ وإنما هناك جاهليات بحتة وجاهليات مختلطة وجزئية‏,‏ وتلك الأخيرة منها في رأي المودودي تحاول أن تعلن الإيمان‏,‏ وفي نفس الوقت تشرع بما أنزل الحاكم البشري وليس بما شرع الله‏.‏ فإذا كانت الجاهلية البحتة تنكر الله انكارا تاما‏,‏ فإن الجاهليات المختلطة توفق بين الدين والكفر‏.(‏ محمد حافظ دياب‏:‏ سيد قطب‏..‏ الخطاب والأيديولوجيا‏,‏ ص‏148).‏
ويضيف الدكتور دياب‏:‏ ويلفت النظر إلي أن المودودي في حديثه عن الحاكمية والتكفير والجاهلية قد وقف عند القول بارتداد المجتمع دون الأمة‏,‏ أما قطب فيري أن الأمة قد كفرت بالإسلام‏,‏ فالأمة المسلمة قد انقطع وجودها منذ انقطاع الحكم بشريعة الله من فوق ظهر الأرض حميعا‏,‏ لأنها قد أخذت كل مقومات حياتها من الطواغيت‏,‏ وهو ما يحمل شبهة أن الخطاب القطبي يزكي وربما من حيث لا يدري نفس الأوهام الأيديولوجية التي تروجها الصهيونية عن أمة يهودية تقوم علي حجج دينية‏.(‏ المرجع السابق‏,‏ ص‏149).‏
إن سيد قطب يقف علي يمين المودودي ويزايد عليه‏,‏ فأي منطق في تصدي حسن الهضيبي لأفكار المودودي دون قطب؟‏!.‏
يذهب اللواء فؤاد علام إلي أن حسن الهضيبي ليس مؤلف الكتاب الذي يحمل اسمه‏,‏ والمؤلف الحقيقي مجموعة من علماء الأزهر‏,‏ وبعض المعتقلين من الإخوان‏:‏ والحقيقة انه لم تكن له أدني علاقة بهذا الكتاب من قريب أو بعيد‏.(‏ فؤاد علام‏:‏ الإخوان وأنا‏,‏ ص‏222).‏
وسواء صحت هذه الرواية أم لم تصح‏,‏ فإن الثابت يقينا أن الكتاب لا يتعرض بكلمة واحدة لسيد قطب‏,‏ ولا يفند رؤيته من منظور شرعي يحتاج إلي علم فقهي يتجاوز معارف سيد قطب نفسه‏.‏
لم يكن سيد قطب‏,‏ علي الرغم من الهالات الدعائية التي يحيطه بها تلاميذه ودراويشه‏,‏ من العاملين المتخصصين في الفقه‏,‏ والتشكيك في قدراته يصدر عن عالم في وزن الدكتور يوسف القرضاوي‏,‏ الذي يقول ما نصه‏:‏ أحسب أن الشهيد سيد قطب رحمه الله لو أتيحت له دراسة الفقه الإسلامي والعيش في كتبه ومراجعه زمنا‏,‏ لغير رأيه‏,‏ ولكن تخصصه ولون ثقافته لم يتح له هذه الفرصة‏,‏ خاصة أن مراجع الفقه بطريقتهاوأسلوبها لا تلائم ذوقه الفني الرفيع‏.(‏ يوسف القرضاوي‏:‏ ملاحظات وتعقيبات علي آراء الشهيد سيد قطب‏,‏ جريدة الشعب‏,1986/11/18).‏
إن سيد قطب ليس فقيها متخصصا‏,‏ لكنه قدم مجموعة من الأفكار الخطيرة التي ألهمت شباب الإخوان خلال المرحلة‏,‏ وأسهمت في صناعة اتجاهات جديدة أكثر تطرفا وعنفا‏.‏ وكل محاولة لإدراك خطورة الأفكار القطبية‏,‏ لابد أن تبدأ باستعراض سريع للمرتكزات الأساسية لهذه الأفكار‏,‏ ومن خلال كتب سيد قطب نفسه‏.‏
إن العالم يعيش اليوم في جاهلية من ناحية الأصل الذي تنبثق منه مقومات الحياة وأنظمتها‏.‏ جاهلية لا تخفف منها هذه التيسيرات الهائلة وهذا الابداع المادي الفائق‏.‏ هذه الجاهلية تقوم علي أساس الاعتداء علي سلطان الله علي الأرض‏,‏ وعلي أخص خصائص الألوهية وهي الحاكمية‏.‏ إنها تسند الحاكمية إلي البشر فتجعل بعضهم لبعض أربابا‏.‏ لا في الصور البدائية الساذجة التي عرفتها الجاهلية الأولي‏,‏ ولكن في صورة ادعاء حق وضع التصورات والقيم والشرائع والقوانين والأنظمة والأوضاع بمعزل عن منهج الله للحياة‏,‏ وفيما لم يأذن الله به‏,‏ فينشأ عن هذا الاعتداء علي سلطان الله‏,‏ اعتداء علي عباده‏.(‏ سيد قطب‏:‏ معالم في الطريق‏,‏ ص‏6).‏
إن القانون الوضعي لا يستحق السيادة والسمو به فهذه المنزلة حققها الله بقانونه الذي يجب علي الناس اتباعه‏.‏
إن مدلول الشريعة لا ينحصر في التشريعات القانونية أو في أصول الحكم ونظامه‏,‏ فالشريعة تعني كل ما شرعه الله لتنظيم الحياة البشرية‏,‏ وهذا يتمثل في أصول الاعتقاد وأصول الحكم والأخلاق والسلوك والمعرفة ويتمثل في الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية‏.(‏ المرجع السابق‏,‏ ص‏135).‏
ليست مهمتنا أن نصطلح مع واقع هذا المجتمع الجاهلي ولا أن ندين له بالولاء‏,‏ فهو بهذه الصفة الجاهلية غير قابل لأن نصطلح معه‏.‏ إن أولي الخطوات في طريقنا هي أن نستعلي علي هذا المجتمع الجاهلي وقيمه وتصوراته‏,‏ وألا نعدل من قيمنا وتصوراتنا قليلا أو كثيرا لنلتقي معه في منتصف الطريق‏.‏ كلا‏,‏ إننا وإياه علي مفرق الطريق‏,‏ وحين نسايره خطوة واحدة فإننا نفقد المنهج كله‏,‏ ونفقد الطريق‏.‏ نفسه‏,‏ ص‏146‏
إن الإسلام لا يقبل أنصاف الحلول مع الجاهلية‏,‏ لا من ناحية التصور ولا من ناحية الأوضاع المنبثقة عن هذا التصور فإما إسلام وإما جاهلية‏.‏ نفسه‏,‏ ص‏146‏
والمسألة في حقيقتها هي مسألة كفر وإيمان‏,‏ مسألة شرك وتوحيد‏,‏ مسألة جاهلية وإسلام‏,‏ وهذا ما ينبغي أن يكون واضحا‏.‏ إن الناس ليسوا مسلمين كما يدعون وهم يحيون حياة الجاهلية‏,‏ وإذا كان فيهم من يحب أن يخدع نفسه أو يخدع الآخرين فيعتقد ان الإسلام يمكن أن يستقيم مع هذه الجاهلية فله ذلك‏,‏ ولكن انخداعه أو خداعه لا يغير من حقيقة الواقع شيئا‏.‏ فليس هذا إسلاما‏,‏ وليس هؤلاء مسلمين‏.‏ والدعوة اليوم إنما ترد هؤلاء الجاهلين الي الاسلام ولتجعل منهم مسلمين من جديد‏.(‏ نفسه‏,‏ ص‏134).‏
إن هناك حزبا واحدا لله لا يتعدد‏,‏ وأحزابا أخري كلها للشيطان والطاغوت‏.‏ إن هناك دارا واحدة هي دار الإسلام التي تقوم فيها الدولة المسلمة فتهيمن عليها شريعة الله‏,‏ وتقام فيها حدوده‏,‏ ويتولي فيها المسلمون بعضهم بعضا‏.‏ وما عداها دار حرب علاقة المسلم بها إما القتال أو المهادنة علي عهد أمان‏,‏ ولكنها ليست دار إسلام ولا ولاء بين أهلها وبين المسلمين‏.(‏ نفسه‏,‏ ص‏68)‏
والذي يدرك طبيعة هذا الدين يدرك معها حتمية الانطلاق الحركي الإسلامي في صورة الجهاد بالسيف إلي جانب الجهاد بالبيان‏.(‏ نفسه‏,‏ ص‏162).‏
ما سبق يمثل جزءا يسيرا من رؤي وأفكار سيد قطب‏,‏ ولا يحتاج القارئ إلي عناء كبير ليدرك أن المفكر الإخواني يركز علي العناصر التالية‏:‏
‏1‏ سيادة الجاهلية في العالم المعاصر لأنه يخاصم منهج الله
‏2‏ الاستهانة الكاملة بالقوانين الوضعية ورفضها
‏3‏ رفض التصالح والتعايش مع معطيات الواقع‏,‏ والمطالبة بالثورة عليه والتمرد ضده‏.‏
‏4‏ الاختيار الوحيد المطروح لابد أن يكون بين الإسلام الخالص أو الجاهلية الكاملة
‏5‏ المسلمون المعاصرون في جملتهم ليسوا مسلمين‏,‏ وهم في حاجة إلي تبني الإسلام الصحيح من جديد
‏6‏ الحزب الواحد المعترف به هو حزب الله وما عدا ذلك فهي أحزاب شيطانية تنتمي إلي الطاغوت‏.‏
‏7‏ الخلاص المطروح في الخطاب القطبي هو إشهار السيف‏,‏ فضلا عن الحرب الفكرية‏,‏ لإعادة تشكيل العالم علي أسس إسلامية
هل يوافق الإخوان المسلمون علي الأفكار السابقة‏,‏ أم أنهم يرفضونها؟‏.‏
الموافقة تتمثل في تشبثهم بالإعلاء من شأن المفكر الشهيد‏,‏ والرفض يتمثل في تنكرهم العلني‏,‏ لأنهم يحاولون تقديم خطاب بديل‏.‏
علي الإخوان أن يتخلصوا من هذه الازدواجية‏,‏ وإلا فإنهم يمهدون لأنفسهم طريق السقوط من جديد‏.‏
انتهي‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.