من حق إيران أن تحلم, وأن تتمادي في أحلامها كما يحلو لها, لا أحد يستطيع منعها من أن تفعل ذلك, سواء تعلق ذلك باستمرارها ودوام تطورها, أو بإظهار قدراتها علي العدوان من أجل القضاء علي خصومها. ولكن ما ليس بحق لها, أن تجعل من أحلامها حقيقة واقعة, علي حساب الوطن العربي,لأنها ستسقط لا محالة نتيجة لاصطدامها بواقع مخالف تماما, وهو الذي تخشاه في النوم واليقظة. كما من حقها الادعاء باستفادتها من الدروس والتجارب القاسية التي مرت بها, نتيجة برامجها السياسية الخاطئة, أو بسبب خطواتها العدوانية التي قامت بتنفيذها, وخاصة تلك التي قصدت بها تدميرالعراق وسوريا, ولكن ليس من حقها أن تمنع أحدا, من كيف يفشلون تلك الاستفادة؟ المهم أنه بفعل عاصفة الحزم بقيادة السعودية, أصبح حلم إيران في اليمن في طريقه إلي التبخر, كما أن ميليشيات الحوثي ستعود إلي كهوف صعدة وتنحصر هناك, كما حصرت إيران اليوم برا وبحرا وجوا. ولهذا ينبغي علي القوي اليمنية أن تستثمر الحدث لتحقيق ذلك الهدف وتحويله إلي واقع ملموس قبل أن يحدث ما لا نتوقع- وكل شيء وارد- فيقع ما لا نريد. و ألا يركبهم جنون الوحدة فيتوقفوا عن مشروع الأقلمة الذي شرعوه قريبا; فهو خير حل للتناقضات الدينية والعرقية والثقافية ليس لليمن وحدها, وإنما لكل دول العرب. لا أستبعد أن تمتد عاصفة الحزم إلي سوريا لإنهاء حكم بشار. لكن ما أخشاه أن تتوقف عند حدود اليمن. ويمكنني أن أتشاءم أكثر فأقول: ما أخشاه أن ينتهي الحدث عند الحوار مع الحوثيين علي وضع سياسي يكون هؤلاء المجرمون جزءا منه. وهذا ما يطبل له بعض أتباع إيران المتسترون بالوطنية ووحدة التراب وغيرهما من الشعارات الفاقدة للصلاحية مع ملالي طهران أينما كانوا وحلوا. علي أية حال, فإن المعركة الراهنة لم تحدث بين عشية وضحاها, بل كان لهذا الأمر خطوات ومراحل استحوذت علي أكثر من ثلاثين عاما أو يزيد, وتحديدا مع نجاح الثورة الإيرانية في طهران, حيث كان من أهم أهدافها تصدير الفكر الشيعي الثوري إلي دول المنطقة المحيطة بطهران وبغيرها من الدول الإسلامية. لهذا سعي الإيرانيون بكل دهاء, وبكل ما أوتوا من إمكانات إلي فرسنة أو طهرنة جانب كبير من شيعة اليمن( الزيدية), وعبثوا إلي حد كبير بتركيبته الإيدولوجية, بحيث أصبحت هذه الفئة أقرب إلي الاثني عشرية منها إلي الزيدية. وقد مثل الحوثي وجماعته هذه الذراع في اليمن, ثم تطور الأمر بعد ذلك, ورويدا رويدا حتي صار الحوثيون جبهة عسكرية قوية, تعمل بلا شك لمصلحة المشروع الإيراني, ولهذا لم تكف إيران أو تتوان يوما من الأيام عن دعم الحوثي وجماعته, وتمثل هذا في الدعم السياسي والمالي والعسكري واللوجيستي... الخ. إذن ليست الأطماع الإيرانية في اليمن هي الدافع الوحيد وراء دعمها للحوثي وجماعته, وتدفق المساعدات والإمدادات العسكرية عليه ليل نهار, بل للحوثية دور آخر بعيدا عن اليمن يتمثل في تهديدهم لأمن الخليج لا سيما المملكة العربية السعودية, وربما يكون هذا الدور هو الدور الأهم بالنسبة لقادة إيران. فإيران تسعي منذ زمن بعيد إلي تفجير بؤر معادية للدول العربية والإسلامية, وقد نجحت في لبنان واليمن, وهي الآن تحاول في البحرين, وما حدث في العام الماضي وما قبله من أعمال عنف من قبل شيعة اليمن لم يكن ببعيد عن خريطة الطريق الإيرانية التي وضعتها إيران وتسهر لرعايتها وتنفيذها. والأمر نفسه حاولت طهران تنفيذه في السعودية من خلال جبهتين; مثل شيعة المملكة الجبهة الأولي, أما الجبهة الثانية فتتمثل في التمركز الحوثي علي خط الحدود الفاصل بين المملكة واليمن. لهذه الأسباب يدعم الإيرانيون الحوثيين في اليمن, ولهذه الأسباب يدعمون كل قوي تخريبية ولو لم تكن علي مذهبهم وطريقتهم, شريطة أن تحقق أهدافهم, لهذا نراهم يتحالفون مع اليهود, ولهذه الأسباب يدعمون العلمانيين في مختلف البلدان العربية, ويدعمون كل المذاهب والأفكار والفلسفات المعادية لأهل السنة. [email protected]