ليس هناك من شك فيما أصاب الضمير الإنسانى، وليس فقط المصرى، من صدمة القتل المروع الذى صبه سفاحو جماعة داعش بليبيا على المصريين الشهداء العزل. وعلينا أن ندرك ظلامية القادم من الأيام، ليس فقط فى ليبيا، بل فى غيرها من بلدان الجوار الجغرافي، وعلى رأسها مصر، إن لم تهب هذه الدول فى وقفة جادة، لإيقاف هذه الجموع التترية عن التقدم فى منطقتنا العربية. والمؤسف أن من بين العرب. من مازال يراهن على أمريكا، وهؤلاء سوف يفجعهم، بعد أن يكون الأوان قد فات. أن أمريكا لن تغوص فى وحل داعش أو غير داعش، لخاطر عيون العرب. بل العكس ربما هو أقرب للحدوث. من مصلحة أمريكا أن تنتظر وتري. وتسوف وتدعو لحكومة وطنية توافقية فى ليبيا وهى تعلم علم اليقين أن الجماعات المسلحة، وهى ليس لها عمق شعبي، لن ترضخ لتفاوض قد يملى عليها التخلى عن مكاسب جغرافية ونفطية وقعت بالفعل فى أيديها. خاصة أنها تدرك يقينا أن الحكومة التوافقية تعنى بعد قليل إجراء انتخابات حرة وعادلة، وأنها فى سياق هذه الانتخابات، سوف تخرج صفر اليدين. فلا هى طالت عنب درنة. ولا بلح طرابلس، بعد أن انكشف الغطاء الشعبى عن معظم تلك الجماعات. ولذلك فإن مستقبل مثل تلك المفاوضات محكوم عليه بالفشل الذريع. ولن ينال المجتمع الليبى المسكين من جرائها إلا تأخير العلاج الحاسم. القائم على تقديم الدعم العربي، إن لم يتوافر الدولي، للجيش الشرعى، الذى كلفه البرلمان الشرعى المنتخب من الشعب الليبى. وبين منحى الدول الكبرى، وعلى رأسها الولاياتالمتحدة فى اعتيادهم النفخ فى إحدى مواطن التأثير الإقليمى، حتى يقدموا للعالم منطقا للعبث فى المنطقة، ويقدموا لدول المنطقة عدوا لا يقهر يبرر لهم- الغرب- مزيدا من التغلغل والتشبث بالتواجد العسكرى والسياسى والاقتصادى الكاسح فى المنطقة.. أخذا فى الاعتبار أن المجتمعات العربية بطبيعتها مجتمعات لا زالت ترنو للمؤسسية القوية، ويسهل الإيقاع بها من خلال فخ التدين والعقيدة فى فخ الخلافات العقائدية التى تتحول وبسرعة البرق إلى مواجهات دامية بين الطوائف والجماعات وبين السلطات الرسمية فى المنطقة. علينا فى المنطقة العربية أن نحذر من أن خطر السيطرة الدولية للقوى العظمى على سياساتنا لا يقل شأنا وخطرا ودمارا عن خطر جماعة داعش أو غيرها ممن هم على شاكلتها، وهم كثير من عرائس الماريونيت، التى تؤدى دورا هاما فى تفتيت الوحدة العقائدية والسلام الروحى لمنطقة السنة العربية. وتنفخ كل ساعة فى روافد التهييج والإثارة فى الإقليم البائس بضحالة التعليم وغيبة الثقافة والتنوير وسيادة السلطوية التاريخية التى لم تقدم بدائل تنويرية تعصم شباب الأمة من الوقوع فى حبائل داعش ومن على شاكلتها. على العرب، وعلى رأسهم مصر والسعودية والإمارات والكويت، أن يدعموا الجيش والقيادة الشرعية الليبية، وألا يلتفتوا إلى التحالفات الدولية، وأن يكون ذلك فى القريب العاجل. قبل أن تسقط ليبيا، مثلما سقطت اليمن. فى حبائل السيطرة الخارجية. وعندها لن ينفع الندم. اللهم فاشهد.