يقول الأديب محمد الراوي عن الكابتن غزالي إنه نموذج للمثقف الثوري الذي خلع عنه قميصه الحرير وارتدي السترة الخشنة حيث أسرع إلي إنشاء فرقته التي شكلت مؤسسة بحد ذاتها. اتخذت ولاد الأرض منذ قيامها الخندق النضالي شعارا وراية, ونقطة انطلاق نحو رفض الهزيمة والصمود والمقاومة, وعاشت سنوات الاستنزاف بكل مرارتها وتبعات الهزيمة في الموقع النضالي المتقدم عند المدخل الجنوبي لقناة السويس, وعاشت قسوة اللحظات الموات فيها تبقي من عام67 وعلي امتداد عام1968 وشهدت كذلك دقائق وساعات الخروج من عنق الزجاجة, وعودة الروح إلي الجسد المثخن بالجراح وآلام الهزيمة الفاجعة. وعلي أنغام أغنياتها الحماسية تحركت طلائع المجموعات الفدائية نحو الشرق في أول تعامل مع العدو الإسرائيلي شرق القناة الذي استهدف رفع الروح المعنوية لأفراد الجيش ومجموعات المقاومة الشعبية أولا قبل أن يكون رسالة واضحة بأن الإرادة الحية لا تموت. ارتدت ولاد الأرض منذ انطلاقة ولحظة التجمع الأولي الملابس العسكرية الكاكي وحملت السلاح مشاركة في أعمال المقاومة طوال فترة النهار وخلال ساعات القصف الذي كانت تتعرض له المدينة علي نحو متواصل, حيث تعود إلي التجمع في الخندق النضالي في المساء ويبدأ أفرادها في المشاركة في الغناء الثوري الحماسي الذي يهز الأسماع ويحرك المشاعر معلنة في ذلك كله عن اختياراتها في ضرورة الثأر وأنه لا بديل عن المعركة وأن مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة.. واثقة من قدرة وطاقات هذا الشعب.. تستند إلي تراثه الفني العظيم وإمكاناته العبقرية التي عرفها في حركته النضالية والفكرية في التاريخ المصري القديم والمعاصر. وشهدت ولاد الأرض كذلك فترات اللا سلم واللا حرب علي الجبهة وكان لها رأيها الواضح والحي خلال هذه الفترة وإلي أن تم تحقيق نصر أكتوبر العظيم والذي كان مبلغ غاية الأمة وأكبر آمالها. كما كان بالنسبة للفرقة المناضلة هدف استراتيجي وأمنية خالصة لأفرادها في أن يشاركوا في صناعة هذا النصر.. هكذا كانت المعاني والكلمات تتردد في أغنيات ولاد الأرض. ونجيب النصر هدي لمصر وتحكي الدنيا علينا. إن استعادة دراسة مثل هذه الإبداعات سوف تثير ولا شك العديد من الأسئلة حول مدي الحاجة إلي العودة مثل هذه التجارب النضالية خصوصا بعد أن دخلنا مرحلة أو مراحل مغايرة تماما لما كانت عليه الأوضاع السياسية والاقتصادية في مصر ودول العالم طوال هذه السنوات حتي أكتوبر. لعل سر بقاء تجربة ولاد الأرض ماثلة في الذاكرة الشعبية يعود إلي أنها كانت الشرارة الأولي التي انطلقت في استجابة سريعة عقب الهزيمة لصوت الزعيم الراحل جمال عبد الناصر والذي أعلن رفض الهزيمة وتأكيداته الواضحة أن إرادة الشعوب لا تقهر فضلا عن انطلاقة الفرقة التي جاءت من موقع متقدم في المواجهة مع العدو مباشرة ويتعرض بشكل يومي للقصف الإسرائيلي المباشر. واختياراتها العبقرية للموقف من حتمية المعركة وشكل وملامح النصر الذي ترغب في تحقيقه.. والسلام المرتقب وموقفها منه فيما بعد وتحولها إلي بيان شعبي يومي يرفع إلي القائد صوت الشعب, وكذلك انضمام معظم أعضائها إلي المقاومة الشعبية وحملهم السلاح للدفاع عن المدينة وامتزاج الكلمة والبندقية في صوت المقاومة مما أعطي التجربة الكثير من المصداقية وزادتها الكلمة الحماسية والبسيطة والعبقرية حماسا وروعة مما سهل من مهمة انتشار وذيوع اسمها وصوتها.