أكرمني ربي بزيارة بيته الحرام وبيت نبيه عليه الصلاة وازكي السلام, وبينما انا هناك أروي ظمأ الاشتياق الي الكعبة المشرفة, وبعد ان انتهيت من أداء العمرة جلست في بهو البيت العتيق اقرأ ماتيسر من كتاب الله, وكان عديد المعتمرين والزوار مابين طائف أو مصل وجالس, ولفت نظري بل وصدمني تصرف البعض بالاستخدام السيئ للهواتف المحمولة في هذا المكان المقدس الذي تهفو اليه افئدة المسلمين من شتي بقاع الأرض, وتتوق لزيارته كل وقت, حتي من زاره يتعلق به اكثر ويود التردد عليه كل يوم بل ويغبط من اكرمه الله بالإقامة في مكةالمكرمة أو المدينةالمنورة, فجلال وهيبة المكان الذي يتجه اليه المسلمون في صلاتهم من شتي بقاع الارض, بات في مقدمة الأماكن التي تلتقط فيها الصور علي مستوي العالم, ومن عجب أن بعض الطائفين يلتقطون الصور اثناء الطواف, ما يصرف القلب والعقل معا عن الدعاء والتأمل والخشوع والالتزام, وينسي هؤلاء انهم في ضيافة من لايغفل ولاينام, ويداه ممدودتان بالخير لزوار بيته, والدعاء فيه بإذن الله مستجاب والتسبيح اجره مضاعف كما تضاعف أجر الصلوات عن أي مسجد اخر, وهو أول بيت تشد إليه الرحال, كل ذلك تفسده آلة العصر التي ألهت العقول وسحرت الألباب, كل معتمر أو زائر يحمل هاتفه في يده يصور نفسه علي طريقة السيلفي, ويتصور مع أصدقائه وهم بملابس الإحرام بل وهم في الطواف أو السعي, ويقفون لالتقاط الصورة بينما غيرهم يسيرون في اتجاههم فيحتارون هل يستمرون في طريقهم أم ينتظرون حتي يفرغ اهل الصورة من التصوير!!... وليت الأمر توقف عند التصوير, بل امتد إلي تعدد رنات الهواتف داخل الحرمين, فتارة تسمع رنة في صوت دعاء وأخري ابتهال وثالثة أغنية, نعم أغاني تتردد من الهواتف داخل الحرمين, وتبلغ المأساة قمتها عند رفع الآذان لأي صلاة, فتجد هواتف انطلق منها صوت الآذان قبل ثوان من انطلاقه من المسجد الحرام أو المسجد النبوي, ومن أسف أن أصحاب الهواتف لايغلقونها أو يوقفون صوتها بل يتركونها تكمل مابدأته من آذان بأصوات مشايخ متنوعين فتستمع للآذان بصوت الشيخ عبد الباسط أو الشيخ الحصري أو الشيخ رفعت إلي جانب أصوات المشايخ الذين يؤذنون في الحرمين كل هذا يتعارض ويتقاطع مع صوت الشيخ الذي يؤذن في اللحظة ذاتها داخل المسجد. ونصل إلي مقام خاتم المرسلين سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم رزقنا الله واياكم جميعا زيارته مرات ومرات, فتجد البعض يتوقف أمام المقام يدقق النظر داخل الفتحة ويحمل هاتفه لالتقاط الصور للمقام ولنفسه, مهدرا فرصة عظيم للتفرغ للسلام علي الشفيع المشفع وصاحبيه ابي بكر وعمر رضي الله عنهما, وللأمانة فأن القائمين علي امر المسجد النبوي يبذلون جهدا يفوق الطاقة لتوعية الزوار وتنظيم زيارتهم ومرورهم من أمام المقام وداخل الروضة المشرفة.. أن الأمر جد خطير بعدما تراجعت درجات الخشوع وشغلت الألباب بالتكنولوجيا التي باتت في الأيدي وبإمكانها التواصل مع العالم من داخل الحرمين في التو واللحظة, وصرفت الناس عن الذكر والتسبيح والصلوات التي قطعوا آلاف الأميال من أجلها, لذا فإنني أتقدم باقتراح متواضع إلي حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز, بأن تبحث امكانية وضع أجهزة تشويش علي الهواتف داخل الحرمين, أو تصدر الجهات الشرعية فتوي بخصوص استخدامه فيهما, علي أن تقوم المؤسسات الدينية في الدول الاسلامية وفي مقدمتها مصر بتوعية أهلها بآداب زيارة الحرمين الشريفين, حيث إن السواد الأعظم ممن يستخدمون الهواتف من العرب وفي المقدمة منهم المصريون.