وثائق ويكيليكس فتحت الباب مرة أخري حول علاقة إيران بالمنطقة مع ما ذكرته بعض الوثائق من أن بعض الدول المجاورة شجعت أمريكا علي ضرب إيران وفي مقال مهم للكاتب كريم سدجدبور في فايننشال تايمز يقول: إن قوة إيران تكمن بشكل أساسي في نفوذها السياسي, وليس في براعتها العسكرية, لا تبلغ ميزانية طهران العسكرية حتي ربع ميزانية منافستها في المنطقة, إلا أن قوتها الناعمة إلي جانب دعمها الميليشيات قد يزعزعان الحكومات التي تتفوق كثيرا عليها بجيوشها, كما تبين للولايات المتحدة في العراق. تكشف تسريبات ويكيليكس أن المسئولين العرب يعتقدون فعلا بأن إيران مخادعة وخطيرة, ولعل هذا الشعور متبادل لكن التسريبات هذه تخفي ربما مسألة شائقة, وهي التساؤل عن نوع الحكم في إيران الذي يخدم مصالح دول الخليج علي أفضل وجه. قد لا يحظي الرئيس محمود أحمدي نجاد والجمهورية الإسلامية بالشعبية الواسعة, لا بل يحصدان كراهية واسعة النطاق, لكن نشوء دولة إيرانية أكثر تقدمية وديمقراطية سيمكن طهران من أن تخرج من العزلة التي أنزلتها بنفسها إلي حد كبير, وأن تدرك قدرتها المهولة في لعبة السياسة في الشرق الأوسط حيث لا غالب ولا مغلوب, تطرح إيران الديمقراطية تحديات واسعة علي دول الخليج العربي. واليوم لم تصل إيران بالطبع إلي مصاف القوي العظمي بأي معيار كان, فالاقتصاد الإيراني يشوه سوء إدارة مستوطن, والميزانية العسكرية الإيرانية لا تشكل حتي2% من الميزانية العسكرية الأمريكية, وباستثناء كوريا الشمالية وفنزويلا وسوريا لم تنسج إيران أي حلف استراتيجي موثوق سوي مع قلة قليلة من البلدان. والحالة أنه فيما تظهر إيران أكثر فأكثر علي شاشة الساحة العالمية, يبدو أن وتيرة ضمورها الداخلي تتسارع, لقد بلغ السخط الملموس للشباب الإيراني أوجه بعد الانتخابات الرئاسية المثيرة للجدل في عام2009 أجبرت الانشقاقات الداخلية المتعمقة النظام علي الاعتماد علي الإكراه والترهيب بهدف الحفاظ علي سلطته. لكن يصب إرساء استقرار طويل الأمد في العراق وأفغانستان ودول المشرق والأراضي المقدسة في غياب التعاون مع إيران, وفي الوقت نفسه يبدو أن السلام والازدهار في المنطقة يتعارضان ومصالح الجمهورية الإسلامية الحالية. لذلك قليلة هي الأسباب التي تخفف من خشية دول الخليج العربي القلقة, فما من بوادر صداقة تلوح في أفق العلاقات الأمريكيةالإيرانية, وكما قال أحد الدبلوماسيين الإيرانيين في يوم من الأيام: إن إيران تستمد شعبيتها في المنطقة والعالم الإسلامي من مواجهتها الولاياتالمتحدةالأمريكية وإسرائيل. كما قال جنرال أمريكي: إن إيران لا تعرض مساعدتها سوي في حل المشكلات التي أسهمت هي في وقوعها, لكنه لربما كان يشير أيضا إلي أنه في ظل الأزمات والمجازر في المنطقة, ولاسيما تلك المرتبطة بالولاياتالمتحدة أو إسرائيل, تلقي إيران الناعمة وأيديولوجيتها الرواج الأكبر. [email protected]