غاب النجم البرلماني, عضو مجموعة جينز صاحب الرقم القياسي بين نواب برلمانات العالم, رحل كمال الشاذلي بعد رحلة طويلة من الصراع السياسي مقارنة برحلته القصيرة مع المرض الذي تمكن من هزيمته بعد ما فشل كل منافسيه و خصومه طوال رحلته السياسية والبرلمانية. لم يتوقع الراحل و هو يخوض انتخابات مجلس الأمة عام1964 أنه سيستمر نائبا تحت القبة طوال46 عاما, يشهد في بعضها و يقود في البعض الآخر متغيرات سياسية مهمة, أنجزها كلها و نصب عينيه المصلحة الوطنية التي ظلت مسيطرة عليه وتقوده وهو يبدل المواقع ويصعد المناصب. في مصر ثقافة الفرعون التي تبدل الولاء للملك الجديد فور توليه المسئولية ويغيب النجوم فور مغادرتهم المسئولية ومسرح الأحداث, إلا كمال الشاذلي الذي استقبله أعضاء الحزب الوطني بحفاوة بالغة وهو يرتاد قاعة المؤتمرات بعد مغادرته منصبه السياسي والحزبي بفترة طويلة, ليكسر بذلك قاعدة تخيم أجواؤها علي مسرح السياسة المصرية. اختلف معه الكثيرون, لكن أحدا لم يتمكن من أن يدلل علي التقليل من شأن الرجل الذي امتلك كفاءة ساعدته في أن يصنع للموقع مكانته و هيبته, بدلا من أن يمتلك هو مكانته و قدره من المناصب, فكان كما سماه معارضوه' كمبيوتر السياسة المصرية وحارس خزائن الحزب ووثائقه في عقله و ذاكرته'. عاصرت كمال الشاذلي قرابة15 عاما تحت القبة, تناقشت معه في الكثير من القضايا, شهدته يناقش ويحاورداخل مصر مع قادة الأحزاب وخارجها مع قادة البرلمانات في أوروبا و آسيا, ورغم الخلافات في كثير من الموضوعات لكنك لا تملك سوي احترام الرجل الذي كانت تحركه ثوابت ومصلحة الدولة المصرية. رغم قسوته السياسية, لكنه إمتلك قلبا طيبا حنونا تجاه مخالفيه في الرأي و معارضيه في السياسة, وأتذكرله مواقف عدة داخل وخارج مصر تؤكد أصالة معدنه وإيمانه العميق بالمصلحة الوطنية. رحم الله كمال الشاذلي.