جامعة بنها ضمن أفضل 50 جامعة على مستوى العالم تحقيقا لهدف الطاقة النظيفة    "الرقابة النووية": نمتلك أجهزة رصد تعمل على مدار 24 ساعة لضمان سلامة المواطنين    نسبة خصم المصروفات المدرسية لأبناء العاملين بالتربية والتعليم 2026    إدراج 27 جامعة مصرية ضمن أفضل الجامعات العالمية ضمن تصنيف «U.S. News» ل2025–2026    الإسكان: اليوم ..آخر فرصة لسداد مقدم جدية حجز في "سكن لكل المصريين7"    وزير الاتصالات: تشجيع الاستثمار فى خدمات التعهيد لتعظيم الصادرات الرقمية    يوم حاسم في تاريخ الذهب .. ترقب في الأسواق لاجتماع الفيدرالي | فيديو    بدء اجتماع مجلس الوزراء برئاسة الدكتور مصطفى مدبولي    تراجع جماعى لمؤشرات البورصة في مستهل تعاملات اليوم    شركة VXI الأمريكية للتعهيد تستهدف زيادة استثماراتها بمصر إلى 135 مليون دولار    توقيع مذكرة تفاهم بين اتحاد الغرف السياحية وسياحة حلوان لتأهيل الخريجين    وزيرا خارجيتي العراق وفرنسا يبحثان الأوضاع الإقليمية والحرب الإسرائيلية الإيرانية    رئيس الطاقة الذرية الإيراني: المنشآت النووية بحالة جيدة رغم الهجمات الإسرائيلية    تعرف على جدول مباريات مانشستر سيتى فى الدورى الإنجليزى موسم 2025 - 26    الأمم المتحدة : الوقود في غزة ينفد ما يؤدي إلى انهيار شرايين الحياة الأساسية    موعد مباراة ريال مدريد والهلال في كأس العالم للأندية.. والقنوات الناقلة    رسالة من حسين الشحات بعد تعرضه للانتقادات    "شرط غير قانوني".. مفاجأة مدوية حول فشل انتقال زيزو ل نيوم السعودي    حقيقة العروض الأمريكية لوسام أبو علي    تفاصيل مصرع فتاة سقطت من الطابق العاشر بالدقهلية    «شبورة ونشاط رياح».. تفاصيل حالة الطقس حتى الإثنين المقبل    تراجع الحرارة ونشاط رياح.. الأرصاد تُعلن طقس الساعات المقبلة    محافظ أسوان ومدير صندوق مكافحة الإدمان يتفقدان مركز العزيمة العالمي    بدء جلسة محاكمة شركاء "سفاح الإسكندرية" ووصول المتهمين إلى المحكمة    تركيب رادارات ولوحات إرشادية لتقنين السرعات بطريق دائرى المنصورة    حبس معلمة 4 أيام بتهمة محاولة تسريب امتحان ثانوية عامة بالشرقية    قصور الثقافة تحتفي بالفائزين في مسابقتي "مصر ترسم" و"مصر تقرأ"| صور    مش بس نور الشريف.. حافظ أمين عاش بمنزل السيدة زينب المنهار بالدور الأرضى    دور العرض تستقبل 4 أفلام جديدة الشهر المقبل للمنافسة في موسم صيف 2025    سعد هنداوي: "فات الميعاد" تجربة مختلفة صنعتها الكتابة الصادقة.. خاص    أمين الفتوى: الأمانات بين الناس لا تسقط بالوفاة ويجب أداؤها لأصحابها أو لورثتهم    قوافل طبية وندوات جامعية لمواجهة التحديات السكانية في محافظة قنا    توقيع الكشف الطبي والعلاجي المجاني ل 1000 مواطن في قافلة طبية بأسوان    الصحة: علاج أكثر من 18 مليون حالة على نفقة الدولة خلال 5 سنوات    بقيمة 5 ملايين جنيه.. «الداخلية» توجه ضربات أمنية لمافيا الاتجار في الدولار    محافظ دمياط يناقش ملف منظومة التأمين الصحى الشامل تمهيدا لانطلاقها    تنفيذ 9264 عملية عيون للمرضى غير القادرين بأسوان    رئيس جامعة أسيوط يترأس اجتماع مركز استشارات الحاسبات لبحث تطوير الخدمات الرقمية    جامعة قناة السويس تطلق الدورة العاشرة في الاستراتيجية والأمن القومي    الأفضل بكأس العالم للأندية.. الشناوي يزاحم نجوم بايرن ميونخ في قائمة    المعركة بدأت.. ومفاجأة كبرى للعالم| إيران تعلن تصعيد جديد ضد إسرائيل    ترامب يجتمع بكبار المستشارين العسكريين لبحث تطورات الصراع الإسرائيلي الإيراني    السلطات الإيرانية تمدد إغلاق الأجواء في البلاد    الإيجار القديم.. خالد أبو بكر: طرد المستأجرين بعد 7 سنوات ظلم كبير    تياجو سيلفا: فلومينينسي استحق أكثر من التعادل ضد دورتموند.. وفخور بما قدمناه    مؤتمر إنزاجي: حاولنا التأقلم مع الطقس قبل مواجهة ريال مدريد.. ولاعبو الهلال فاقوا توقعاتي    مينا مسعود: السقا نمبر وان في الأكشن بالنسبة لي مش توم كروز (فيديو)    أطفال الغربية تتوافد لقصر ثقافة الطفل بطنطا للمشاركة في الأنشطة الصيفية    جاكلين عازر تهنئ الأنبا إيلاريون بمناسبة تجليسه أسقفا لإيبارشية البحيرة    نجم سموحة: الأهلي شرف مصر في كأس العالم للأندية وكان قادرًا على الفوز أمام إنتر ميامي    جدال مع زميل عمل.. حظ برج الدلو اليوم 18 يونيو    تجنب التسرع والانفعال.. حظ برج القوس اليوم 18 يونيو    ألونسو: مواجهة الهلال صعبة.. وريال مدريد مرشح للتتويج باللقب    الشيخ أحمد البهى يحذر من شر التريند: قسّم الناس بسبب حب الظهور (فيديو)    الأبيدى: الإمامان الشافعى والجوزى بكيا من ذنوبهما.. فماذا نقول نحن؟    اللواء نصر سالم: الحرب الحديثة تغيرت أدواتها لكن يبقى العقل هو السيد    فضل صيام رأس السنة الهجرية 2025.. الإفتاء توضح الحكم والدعاء المستحب لبداية العام الجديد    الشيخ خالد الجندي يروي قصة بليغة عن مصير من ينسى الدين: "الموت لا ينتظر أحدًا"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل تتراجع الحكومة عن المحكمة علي غرار قرارات‏5‏ آيار‏2008‏ ؟

لم يكن في الحسبان عند اندلاع الازمة في لبنان حول المحكمة الدولية عبر بوابة محاكمة شهود الزور في التحقيقات الخاصة بجريمة اغتيال رفيق الحريري
أن يكون تفاهم الرئاستين‏..‏ رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس مجلس النواب نبيه بري وعلي مقربة منهما قائد الجيش العماد جون قهوجي بديلا لفتور التفاهم السعودي السوري بشأن الاستقرار في لبنان‏(‏ منذ عام‏2008)‏ وربما حافزا لتشغيل هذا التفاهم من جديد بعد وقت يملأ فيه تفاهم الرئاستين الفراغ الذي جعل الأوساط السياسية تفتش عن مخارج أخري للأزمة تراهنت عليها لمنع فتنة سنية شيعية بسبب المحكمة‏.‏ فبعد تصريحات سعودية أوحت بأن الأمر خرج من يدها وأن التوصل الي تفاهم في شأن المحكمة بين الفرقاء اللبنانيين في يد الولايات المتحدة‏.‏ وبعد تسريبات أفادت بفشل حوار سعودي فرنسي حول تأجيل اصدار قرار ظني باتهام عناصر من حزب الله بتنفيذ الجريمة لمنع تفجير الوضع في لبنان‏,‏ في ظل اجواء تشي بتعطيل التفاهم السعودي السوري‏..‏ تتعلق الآمال بتشغيل هذا التفاهم بعدما بات كل من رئيس الدولة ميشال سليمان ورئيس البرلمان زعيم حركة امل نبيه بري اطرافا في ادارة الازمة ودخلا علي خط السجال بين الفرقاء‏.‏
فقد جاء إعلان سليمان ضمنيا أن المحكمة مسيسة وطالبها صراحة باستعادة مصداقيتها وبالتحقيق في فرضية اتهام اسرائيل بارتكاب الجريمة وب محاكمة شهود الزور أي تبني مطالب حزب الله الثلاثة في هذا الشأن ثم تهديد بري بسحب وزراء حركة أمل من جلسة الحكومة الثلاثاء القادم في حالة عدم المضي في ملف محاكمة شهود الزور‏,‏ إشارة إلي إمكان إسقاط الحكومة‏(‏ بعدما كان الرهان علي نواب اللقاء الديمقراطي بزعامة وليد جنبلاط لإسقاطها‏)‏ مؤكدا بري أن لديه مخارج قانونية من الأزمة ربما بحثها في لقائه مع سليمان بهدف منع قيادة البلد الي الخراب علي حد قوله وعلي مقربة من الرئاستين جاء إعلان قائد الجيش ان الامن سياسي بالدرجة الأولي والجيش سيتصدي لأي محاولة لإثارة الفتنة‏.‏
وسط هذه الأجواء ومساعي منع حدوث الفتنة والتوتر السياسي بسبب مذكرات التوقيف السورية‏(33‏ شخصية لبنانية‏)‏ وقبل اجتماع مجلس الوزراء الذي يترقبه اللبنانيون حدثت تطورات ذات دلالة‏,‏ فقد أعلن البطريرك الماروني نصر الله صفير قبل مغادرته إلي روما يوم الجمعة الماضي أن كل من يشهد زورا يجب أن يحاسب ما اعتبره المراقبون توفير صفير غطاء سياسيا لتراجع فريق‏14‏ آذار والمضي في محاسبة شهود الزور‏,‏ وبموازاة ذلك بدأ السفير السعودي في بيروت في عقد لقاءات مع قيادات قوي المعارضة‏(‏ فريق‏8‏ آذار‏)‏ كان احد تجلياته في الخطاب السياسي هو تأكيد السعودية مجددا حسب بيان السفارة أن لبنان يحتاج إلي مصالحة شاملة‏,‏ فيما عاد جنبلاط من زيارة لفرنسا لم يعلن عنها وينتظر الفرقاء نتيجتها علي الأرض‏,‏ ونشطت مفاعيل التهدئة بين فريق الحريري وحزب الله‏.‏
وعطفا علي ذلك جاء تدخل الامم المتحدة علي الخط برد فعل معاكس حتي داخل اوساط فريق‏14‏ آذار حيث بدا التدخل تأكيدا لفكرة التسيس‏,‏ وتمنت شخصيات من هذا الفريق لو أن الأمم المتحدة لم تدل بدلوها في السجال الداخلي‏,‏ فقد أثار تصريح مساعدة بان كي مون للشئون القانونية باتريشيا أوبدايان بأن المنظمة الدولية طلبت من المحكمة الدولية عدم تسليم أي وثائق تتعلق بإفادات شهود الزور برغم حوار القاضي فرانسيس بالمحكمة ردود فعل مستنكرة من جانب الوزراء المتوافقين في الحكومة أي من حصة الرئيس التوافقي في الحكومة فاعتبر وزير الدولة عدنان حسين‏(‏ شيعي محسوب علي الرئيس‏)‏ هذه التصريحات نوعا من التسييس وإزاء ذلك زاد بري باعتبار المزيد من التأجيل لملف شهود الزور تماديا في وضع لبنان في عين الخطر والفتنة وشدد في رسالة الي فريق‏14‏ آذار علي أن هذا الامر لم يعد يحتمل والبلد ذاهب للخراب اذا لم تتم محاسبة شهود الزور محملا‏14‏ آذار المسئولية عن هذا الخراب‏!‏
قنبلة بري الذي يعد رمانة الميزان بين فريقي‏14‏ و‏8‏ آذار وصاحب المواقف الحيادية المتوازنة بين الطرفين قلبت الطاولة واستدعت تشغيل التفاهم السعودي السوري حيث لوحظ مواكبة ذلك لتصريح وزير الخارجية السوري وليد المعلم الذي أشار فيه إلي أن سوريا ليست ضد المحكمة بالمبدأ ولكن ضد تسييسها‏,‏ موضحا أن هناك أيادي تتلاعب بالمحكمة ومحاكمة شهود الزور تصويب في الاتجاه الصحيح‏.‏
رهانات الخروج من الأزمة‏:‏
برغم طرح بري للخروج من الأزمة‏,‏ إلا أن الرهانات تتعدد علي مخارج أخري‏,‏ فما هو المخرج من الأزمة التي تكاد تعصف بلبنان إذن بعدما بات استقراره بين خيارين‏:‏ إما المحكمة الدولية أو فتنة سنية شيعية‏!,‏ وبعدما أصبح البلد نفسه بالأحري بين خيارين‏:‏ إما استمرار المقاومة أو الدولة؟‏!‏
تتراوح الرهانات بين الشعب وقواه السياسية وأغلبها رهانات علي الخارج بين الرهان علي الدور السعودي والتفاهم مع سوريا علي استقرار لبنان لجهة إقناع الطرفين بتسوية وحتي الرهان علي المدعي العام للمحكمة دانيال بلمار نفسه لتفهم حقائق الوضع الطائفي وخطورة صدور قرار ظني‏(‏ اتهام‏)‏ بحق عناصر من حزب الله يتهمهم باغتيال رفيق الحريري علي الوضع في البلد‏,‏ وبين هذا وذاك تتعدد الرهانات والأمنيات والتوقعات‏.‏
فهناك رهان رائع علي دو ر الزعيم الدرزي وليد جنبلاط لاستحضار تسوية بين الفصيلين الرئيسيين في الازمة حزب الله من جهة بزعامة السيد حسن نصر الله وتيار المستقبل بزعامة سعد الحريري من جهة اخري لجهة الاعلان رسميا عن الانضمام بنوابه في البرلمان الي المعارضة لتصبح هي الاكثرية او الاغلبية لتتخذ ما تراه بشأن الغاء المحكمة‏,‏ وخامس علي تشكيل المعارضة حكومة جديدة وان كانت المعارضة تفضل العمل من داخل الحكومة الحالية لالغاء المحكمة بوجود الحريري رئيسا لها علي غرار الغاء حكومة فؤاد السنيورة في مايو‏2008‏ قراراتها بشأن شبكة اتصالات حزب الله‏,‏ الأمر الذي يجعل قيادات في قوي‏14‏ آذار‏(‏ الاكثرية‏)‏ تري ان سقوط الحكومة ربما يكون أهون من إقدامها علي تكرار التجربة‏.‏
وهناك رهان سادس علي ان تشكل قوي‏14‏ آذار نفسها حكومة جديدة لكن برئاسة وزير الاقتصاد والتجارة أحد قيادات المستقبل محمد الصفدي‏,‏ وتسربت انباء عن ذلك كاحتمال وتسربت انباء مضادة تحذر الصفدي وتتوعده‏!,‏ وهناك رهان سابع علي فرنسا لإقناعها بخطورة الاستمرار في التحالف مع امريكا الذي بدأ بلبنان في عهد الرئيسين السابقين جاك شيراك وجورج بوش بعد غزو العراق‏2003,‏ وتفهمها ضرورة الاستقرار في لبنان وذلك بالتنسيق مع السعودية وهناك رهان ثامن علي سعد الحريري نفسه باتخاذ خطوة نحو محكمة شهود الزور الذين اعترف اخيرا بأنهم سيسوا اغتيال والده وضللوا التحقيقات والعدالة وأساءوا للعلاقات اللبنانية السورية وللبنان وللعائلة ورهان تاسع علي أسرة الشهيد الحريري خصوصا ارملته السيدة نازك الحريري وأشقاء سعد بدعوي عدم استغلال دم الشهيد لأغراض سياسية ولاستهداف المقاومة التي دعمها الشهيد فضلا عن تضليل العدالة وإفلات الجناة الحقيقيين‏.‏
وتتضمن الرهانات الرائجة في لبنان ايضا رهانا عاشرا علي إسرائيل نفسها لجهة تفجير نتانياهو الوضع في الأراضي الفلسطينية فتتراجع أهمية المحكمة والفتنة الطائفية تحت ضغط الرأي العام كورقة أمريكية تتحرج بعض الاطراف الاقليمية من الاستمرار في اللعب بها‏,‏ كما تتضمن رهانا علي الرئيس ميشال سليمان بالطلب من مجلس الامن الذي تشكلت المحكمة بقرار منه مراجعة نظامها الأساسي كون مجلس النواب لم يناقشه او يصادق عليه‏,‏ كما لم يوقع رئيس الجمهورية‏(‏ السابق اميل لحود‏),‏ وضرورة فتح المحكمة تحقيقا في فرضية اغتيال إسرائيل الحريري وهي الفرضية التي استبعدها التحقيق منذ اليوم الأول‏,‏ الي جانب حسم الرئيس مسألة محاكمة شهود الزور ومن ورائهم‏,‏ وهي المطالب الثلاثة لحزب الله والمعارضة‏,‏ لاسيما وأن سليمان اقترب من هذه المطالب وموقف المعارضة في هذا الصدد بتصريحاته التي اتهم فيها المحكمة ضمنيا بأنها مسيسة ودعاها فيها الي استعادة مصداقيتها ولغة الرأي العام اللبناني فيها‏.‏
آخر الرهانات تعول علي اقتناع حزب الله والمعارضة بأن القرار الظني لم يصدر بعد ولم يعرف أحد محتواه‏,‏ وبضرورة انتظار مطالعته لتحديد كيفية التعامل معه‏,‏ وبأن القرار الظني ليس حكما وإنما مجرد قرار ظني تنقصه الأدلة‏,‏ وأن الأكثرية لن تقبل باتهامات للحزب تفتقد الدليل القاطع‏,‏ وأن هناك مرحلة أخري من الدفاع والمرافعات‏,‏ وبأن هناك أكثر من‏200‏ شاهد في القضية وليس‏2‏ أو‏3‏ فقط شهود زور‏,‏ وبأن المحكمة غير مسيسة فهي نفسها التي أطلقت في أبريل‏2009‏ سراح الضباط الأربعة بعد شهر واحد من بدء عملها وقبل شهرين من الانتخابات النيابية حيث كان يمكن لهذا الإفراج أن يؤثر سلبيا علي قوي‏14‏ آذار انتخابيا‏,‏ و هي أيضا التي منحت اللواء جميل السيد أحد الضباط الأربعة حكما بالاطلاع علي التحقيقات التي تضمنت شهادات الزور التي وضعته في السجن‏4‏ سنوات حيث حصل علي هذا الحق بالقانون وعبر المحكمة وليس بيده وهي ايضا التي أعلن رئيسها انطونيو كاسيزي عن وجود شهود زور في التحقيقات‏..‏ فكيف تكون مسيسة؟‏!‏
لكن هذا الرهان الأخير يبدو مستحيلا لسببين‏,‏ الأول‏:‏ أن الحزب والمعارضة اتخذا خطوات عملية نحو محاولة العمل علي إلغاء المحكمة التي وصفاها بأنها محكمة إسرائيلية أمريكية تستعمل كأداة لضرب الحزب والمقاومة وذلك بقرارهما رفض الموافقة في مجلس الوزراء والنواب علي رفع حصة لبنان‏(40‏ مليون دولار سنويا‏)‏ مجددا في موازنة تشغيل المحكمة‏,‏ واعتبار صرف وزارة المالية بناء علي مرسوم من مجلس الوزراء لهذا المبلغ قبل اقرار الموازنة العامة للدولة في البرلمان مخالفة قانونية ودستورية‏.‏ والسبب الثاني‏:‏ هو مناخ الحملات الإعلامية المتبادلة المسيطر علي البلد والتي بلغت حدود التهديد والوعيد والتخوين والتحريض المذهبي‏.‏
الانفجار
كانت أجواء البلد هادئة إلي حد ما بعد توتر إثر أحداث برج أبي حيدر الشهر الماضي‏,‏ إلي أن تفجر الوضع‏,‏ وجاءت الشرارة من حديث لسعد الحريري مع إحدي الصحف العربية الذي وصفه مراقبون بأنه حديث مفخخ حيث اعترف الحريري فيه بارتكاب أخطاء في السنوات الخمس الماضية من جانب قوي‏14‏ آذار وتيار المستقبل وبوجود شهود زور سيسوا اغتيال والده‏,‏ وكانوا وراء اتهامه سوريا باغتيال والده‏,‏ واعتذر من سوريا‏,‏ والتقطت قوي‏18‏ آذار‏(‏ المعارضة‏)‏ اعترافات الحريري بعدما كان وفريقه السياسي يسخر من كلام المعارضة عن وجود شهود زور وينفي وجودهم‏,‏ واعتبرت أن الخطوة الطبيعية التالية هي محاسبة شهود الزور وكشف من ورائهم‏,‏ وهو كشف سيؤدي حسب اعتقاد المعارضة إلي تحديد ما تسميه بعناصر المؤامرة علي المقاومة من حاشية الحريري وأطراف خارجية‏.‏
وعبثا حاولت قوي‏14‏ آذار اقناع قوي الثامن منه بانتظار تقرير وزير العدل إبراهيم نجار‏(‏ من حزب القوات اللبنانية بزعامة سمير جعجع‏)‏ لمجلس الوزراء بشأن ملف شهود الزور‏,‏ حيث كان المجلس كلفه بمتابعة الملف‏,‏ وقفز النائب عن كتلة المستقبل عقاب صقر إلي وصف تقرير مجلة دير شبيجيل الألمانية الذي كان أول من تحدث عن اتهام حزب الله باغتيال الحريري بأنه تقرير مفبرك‏.‏
فقد دشن اللواء جميل السيد الحملة التصعيدية بتهديده بأنه سيأخذ حقه بيده في حالة عدم محاكمة شهود الزور‏,‏ وأعلن قادة الحزب أن المحكمة أداة اشعال للفتنة بين السنة والشيعة‏,‏ وأن نظرية الفوضي البناءة لا تزال تعمل في لبنان‏,‏ واتهموا الفريق الآخر باستخدام دم الشهيد لأغراض تنفيذ المؤامرة‏,‏ وطالبوا القضاء بمحاسبة من يتفاخرون بعلاقتهم مع إسرائيل‏(‏ النائب سامي الجميل‏)‏ بتهمة العمالة واعتبروا استهداف المقاومة استهدافا للبنان‏.‏ وزاد نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم‏,‏ بإعلان أن الحزب مستعد لأي مواجهة تفرض عليه‏,‏ وفصل الخطاب جاء من النائب حسن فضل الله في رسالة لقوي‏14‏ آذار مفادها أن المعادلة تغيرت وفريق‏14‏ آذار لم يعد قادرا علي فرض خياراته‏..‏ ونحن جاهزون للدفاع عن الدولة أما الحزب الديمقراطي بزعامة طلال أرسلان فقد حمل الحريري مسئولية تداعيات عدم محاكمة شهود الزور‏,‏ وقررت المعارضة المضي أكثر من ذلك بطلب تمويل المحكمة والقضاة اللبنانيين منها مالم يتم التحقيق مع شهود الزور وبدء المحكمة تحقيقا حول فرضية اتهام إسرائيل باغتيال الحريري الأب‏.‏
واستنفر الفريق الآخر فوصف زعيم حزب الكتائب الرئيس السابق أمين الجميل حزب الله بأنه خارج القانون‏,‏ واتهم سمير جعجع المعارضة بأنها تعد انقلابا علي الدولة‏,‏ وزادت الأمور اشتعالا باعتبار نائب المستقبل محمد كبارة من يعتبر المحكمة عدوا له عدو لنا‏,‏ وتهديد من سيتعرض لزعيم السنة في لبنان‏(‏ سعد الحريري‏)‏ بأن الطائفة السنية سترد عليه‏.‏ في حلقة جديدة من التحريض المذهبي تلت استقبال جميل السيد في مطار بيروت عند عودته من باريس وسط حشود سياسية وحماية أمنية من حزب الله أوصلته إلي منزله‏,‏ حيث كان في انتظار وصوله طلب النائب العام سعيد ميرزا بمثول السيد للتحقيق بتهمة تهديده الحريري ب أخذ حقه بيده‏,‏ ذلك المشهد الذي وصفه وزير البيئة محمد رحال‏(‏ المستقل‏)‏ بأنه يشبه طريقة العصابات المسلحة‏,‏ ووصفه تيار المستقبل بأنه تحد لسلطة الدولة‏,‏ معتبرا أنه بقي علي اللبنانيين الاختيار بين الاعتدال الذي يمثله التيار وبين القاعدة في إشارة إلي الأصولية الإسلامية الأمر الذي رفضته بشدة قطاعات عديدة من السنة‏,‏ مؤكدة أن التلويح بمسألة القاعدة اساءة إلي الطائفة السنية الكريمة من داخلها ولا يقدر من يلوح بها خطورتها‏.‏
واللافت وسط هذا السجال الحاد هو اقتراب الرئيس السابق لحزب الكتائب كريم بقرادوني من موقف حزب الله وإعلانه أنه لا مصداقية للمحكمة من دون محاكمة شهودالزور‏.‏
ودخلت القيادات الروحية للطوائف علي الخط فمنهم السني والماروني اللذان اعتبرا المحكمة وسيلة إلي الوصول للحقيقة‏,‏ ومنهم الشيعي الذي وصفها بأنها أداة للفتنة‏,‏ ومنهم الدرزي الذي اتخذ موقفا وسطيا باعتبار المحكمة أداة للعدالة لكنها ليست في أيد أمينة‏.‏
لقد كانت تصريحات الحريري في حديثه لإحدي الصحف العربية فتحا مبينا لتأجيج الحملة علي المحكمة بعد خمسة أسابيع من الاتفاق في القمة الثلاثية السعودية السورية اللبنانية علي التهدئة‏,‏ فقد تفاعلت التداعيات بدخول الرئيس سليمان علي الخط واقترابه هو أيضا من موقف حزب الله‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.