تخبط واضح.. فشل ذريع.. غياب المعايير.. سوء الإدارة.. كلمات تصف الحالة التي آلت إليها الكرة المصرية حاليا بعد أن بات خضوع الأندية إلي نجومها والموافقة علي مطالبهم المالية أمرا واقعا لا هروب منه. والحالة المأساوية هنا دخول الاندية فصلا جديدا من فصول الزحف وراء الافلاس المالي في زمن يطالب فيه الفيفا اتحاد الكرة ويجبره علي تنظيم مسابقة دوري المحترفين في المستقبل.. ووقتها لن يكون هناك مجال للخسارة أو لظهور عجز مالي.. وفي المقابل تعيش الاندية الآن حالة فزع بسبب متطلبات اللاعبين المالية الضخمة التي ظهرت مع التصاعد الرهيب والمخيف في الرواتب السنوية, وهناك مبررات يسوقها الكثيرون في حالة التصاعد الرهيب في الرواتب السنوية للاعبين أبرزها الغلاء المستمر في المعيشة بمصر بل ان الأخير يعد المبرر الاقوي لأي لاعب عند الحديث عن راتبه الضخم في مصر وتفريطه في المقابل بفرض الاحتراف الخارجي.. وهو مبرر زائف لاتعبر عنه الارقام التي تكشف عن نسب الزيادة في رواتب اللاعبين في مصر وأوروبا. ففي مصر بدأ تطبيق نظام الاحتراف عام1990 ووقتها كان أعلي مقابل مالي يناله أي لاعب هو25 ألف جنيه سنويا.. والآن أعلي مقابل مالي سنويا هو5.3 مليون جنيه يحصل عليه حسني عبدربه لاعب الإسماعيلي, ومن بعده عمرو زكي في الزمالك وينال5 ملايين وسيتفوق عليهما في الموسم المقبل محمود عبدالرازق شيكابالا أي أن نسبة الزيادة خلال20 عاما تصل إلي200 مرة, في المقابل وبنفس الفترة في أوروبا لايزيد الارتفاع علي4 مرات.. ففي صيف عام1990 كان أعلي راتب سنوي يتقاضاه لاعب كرة في العالم من نصيب دييجو ارماندو مارادونا مع نابولي الإيطالي ويصل إلي3 ملايين دولار. ويملك موسم2011/2010 الرقم القياسي في الاجر السنوي بالنسبة للاعبي الكرة لكل من ليونيل ميسي وكريسيتيانو رونالد نجمي برشلونة وريال مدريد قطبي الكرة الاسبانية علي الترتيب وكلاهما ينال من ناديه12 مليون دولار سنويا بخلاف حصته وتعاقداته من الإعلانات. وهو ما يعكس تخبطا واضحا في مفاهيم الاحتراف لدي الاندية وعجزا كاملا لاتحاد الكرة في تطبيق سياسة واضحة لتحديد أرقام مالية ينالها اللاعبون عبر20 عاما. وبدأ نظام الاحتراف في الملاعب المصرية عام1990 بعد عودة المنتخب الوطني من إيطاليا عقب المشاركة في بطولة كأس العالم من خلال ورقة عمل تقدم بها محمود الجوهري المدير الفني للمنتخب الوطني لاتحاد الكرة كان مضمونها الأول تنفيذ قرار تطبيق نظام الاحتراف. وكان ولايزال العنصر الوحيد المنفذ في نظام الاحتراف هو حصول لاعب الكرة علي عقد يمنحه راتبا سنويا ثابتا دون أي التزامات حقيقية. وأول تفعيل حقيقي لنظام الاحتراف كان ضرورة ابرام الاندية عقودا مع اللاعبين الذين أمضوا6 مواسم بعد القيد في سن21 سنة أو السماح لهم بالرحيل المجاني.. وهو ما حدث بالفعل واضطرت الاندية لابرام العقود لأول مرة في تاريخها. وأعلي عقود عرفتها مصر وقتها كانت في الأهلي والزمالك وكلاهما منح لاعبيه الكبار25 ألف جنيه في الموسم الواحد.. وبرز في الأهلي هنا ثابت البطل وأحمد شوبير بعد فشل احترافه في ايفرتون الانجليزي, وطاهر أبوزيد وربيع ياسين ومحمود صالح وعلاء ميهوب وحمادة صدقي.. وفي الزمالك كان الرقم المالي من نصيب جمال عبدالحميد وأشرف قاسم وإسماعيل يوسف وهشام يكن وأحمد رمزي وتراوحت الارقام المالية في باقي الاندية بين10 آلاف إلي20 ألف جنيه في الموسم الواحد. وظل رقم ال25 ألف في الموسم مسيطرا لثلاثة مواسم متتالية حتي تضاعف بنسبة100% عندما أثار رضا عبدالعال نجم وسط الزمالك وأفضل لاعبي الكرة المصرية وقتها أزمة رفضه التجديد لناديه واختار اللعب للأهلي الذي سدد625 ألف جنيه للزمالك بقرار من اتحاد الكرة.. وجاء انتقال رضا عبدالعال إلي الأهلي ليحدث ثورة في رواتب اللاعبين بعد أن نال50 ألف جنيه في الموسم.. وجري تعديل عقود عدد لا بأس به من لاعبي الأهلي في مقدمتهم أحمد شوبير والتوءك حسام وإبراهيم حسن لمساواتهم بعبدالعال وطبق الأهلي قرار حصول لاعبي الفئة الأولي علي50 ألف جنيه سنويا في صيف عام1994... وسار الزمالك علي نفس المنهج في ذات العام ومنح لاعبيه الكبار نصف الأرقام.. في حين لم تكن تزيد علي30 ألف جنيه في باقي الاندية. وبعد4 اعوام وتحديدا في صيف عام1997 بدأ الرقم في التضاعف والوصول إلي100 ألف جنيه سنويا في الأهلي والزمالك.. بينما لم يكن ينال الرقم في الإسماعيلي سوي لاعبين فقط هما محمد صلاح أبوجريشة ومجدي طلبة واعتبارا من عام1998 لكنها في النهاية بقت زيادة لابأس بها وليست بمضاعفات تتخطي ال300% فالتسعينيات كانت أفضل للاندية من الألفية الثالثة التي شهدت تضخما رهيبا في الرواتب السنوية ووصولها إلي ارقام فلكية. وتبدأ اثارة المضاعفات الخرافية في الرواتب بالالفية الثالثة وتحديدا عام2000 أي قبل10 أعوام من الآن لم يكن يزيد أعلي تعاقد مالي في مصر علي300 ألف جنيه سنويا.. وحاز علي هذا الرقم وقتها حسام حسن وتوءمه إبراهيم حسن بعد انتقالهما إلي الزمالك. وكانا هما الأغلي في مصر لمدة عام كامل وانضم إليهما في الحصول علي نفس المقابل المالي حازم امام بعد عودته إلي الزمالك قادما من أودينيزي الإيطالي منهيا مشواره الاحترافي.. وظل الثلاثي حسام وإبراهيم حسن وحازم امام هم أغلي لاعبين في مصر من حيث الرواتب في الفترة بين يوليو2000 حتي اغسطس لعام2001 وهو التاريخ الذي شهد تصاعدا كبيرا في الرواتب السنوية. والأهلي لم يكن يمنح لاعبيه أكثر من200 ألف جنيه في الموسم الواحد وهذا الرقم حاز عليه لاعبو الفئة الأولي, وهم عصام الحضري وهادي خشبة وسيد عبدالحفيظ وسمير كمونة وخالد بيبو ووليد صلاح الدين. في المقابل كان كبار النجوم بالإسماعيلي الذي كان يعيش أزهي فتراته الكروية وقتها لاينالون أكثر من150 ألف جنيه في الموسم الواحد وهو الرقم الذي حاز عليه محمد بركات ومحمد صلاح أبوجريشة وعماد النحاس وإسلام الشاطر وكان ال150 ألف جنيه هي الفئة الأولي ماليا المحددة من جانب المهندس إبراهيم عثمان نائب رئيس النادي والمشرف العام علي الكرة في ذلك الوقت. وفي أغسطس2001 شهدت الصفقات ارتفاعا جنونيا ونقطة تحول في أسعار لاعبي الكرة المصرية من خلال العقد الاسطوري الذي حازه إبراهيم سعيد مدافع الأهلي بعد الصلح بينه وبين مسئولي الأهلي ورفع الايقاف عنه عقوبة هروبه الشهير إلي بلجيكا في إبرايل.. وقتها جري تعديل تعاقد إبراهيم سعيد مع الأهلي ووقع لمدة موسمين ورفع المقابل المالي له من100 ألف جنيه الي600 ألف جنيه في الموسم الواحد.. وكان المقابل المالي المخصص لإبراهيم سعيد ضعف ما يتقاضاه ثلاثي الزمالك الكبار التوءم حسام وإبراهيم حسن وحازم إمام.. ومع هذا العقد الجديد تصاعدت الأرقام المالية للاعبي الكرة في مصر فيما بعد.. وكانت البداية بالأهلي معقل إبراهيم سعيد فحاز خالد بيبو مهاجم الفريق علي عقد لمدة3 مواسم مقابل1,8 مليون جنيه بواقع600 ألف في الموسم وبدأ تفعيله في صيف عام2002 وجري تعديل عقود هادي خشبة ووليد صلاح الدين اللذين حصلا علي500 ألف جنيه في الموسم وانضم لهما سيد عبدالحفيظ عند انتهاء عقده وتجديده في عام2003. وفي صيف عام2002 أيضا تجديد عقدي التوءم حسام وإبراهيم حسن لموسمين في الزمالك مقابل600 ألف جنيه في الموسم وهو نفس الرقم الذي حاز عليه حازم إمام كابتن الفريق وعاد من خلاله ياسر رضوان ومحمد عمارة من هانزاروستوك الألماني لارتداء قميص الأهلي.. في المقابل لم تحظ باقي الأندية بتلك الطفرة حيث كان الإسماعيلي بطل الدوري الممتاز لموسم2002/2001 يمنح لاعبي الفئة الأولي بعد تعديل العقود250 ألف جنيه في الموسم وهم: عبدالحميد بسيوني وعماد النحاس وإسلام الشاطر ومحمد حمص وسيد معوض.. وظل رقم ال600 ألف جنيه هو أغلي راتب سنوي لأي لاعب كرة في مصر حتي عام2005 الذي شهد دخول لاعبي الكرة حاجز المليون جنيه لأول مرة.. وكان صاحب الرقم هنا حازم إمام صانع ألعاب وكابتن الزمالك الذي حاز علي أول عقد بمليون جنيه في الموسم الواحد.. وهو عقد جاء في الوقت الذي بدأ مردوده في الملاعب يتراجع فنيا ويتواري تأثيره. ومع مطلع عام2006 بعد تحقيق الأهلي لقب دوري الابطال الإفريقي وخوضه منافسات كأس العالم للأندية في اليابان ظهر المليون جنيه في الأهلي وكان من نصيب الثنائي محمد أبوتريكة ومحمد بركات نجمي الفريق ورائدي انتصاراته المذهلة في تلك الحقبة.. ووقتها جري تعديل عقديهما وزيادة مدته مع منح كل منهما مليونا وربع المليون جنيه في الموسم الواحد.. وظل هذا الرقم يفرض نفسه حتي صيف عام2007 الذي شهد تعديل آخر ومنح كلا منهما مليوني جنيه كراتب سنوي. وعودة الي الزمالك نجد أنه بعد واقعة حازم إمام بدأ لاعبي الفريق الابيض في المطالبة بالمليون جنيه سنويا وحاز عليها في صيف2006 طارق السيد ومحمد أبوالعلا وعبدالواحد السيد عند تجديد التعاقدات ومن بعدهم أنضم الي فئة المليون عمرو زكي بعد التعاقد معه قادما من لوكوموتيف موسكو الروسي وبشير التابعي العائد من الاحتراف عام2007 من شيكارايز سبورت التركي ثم محمود فتح الله وجمال حمزة. في المقابل زادت تعاقدات لاعبي الأهلي المالية وتخطت حاجز المليون جنيه بين عامي2008/2006 وكان ابرز من نالوا الرقم المالي واكبر منه قليلا عصام الحضري وعماد النحاس وإسلام الشاطر ومحمد شوقي قبل احترافه في ميدلسبره الانجليزي. ولم يتخط لاعب من نجوم الدراويش حاجز المليون جنيه في تلك الفترة سوي لاعب واحد هو حسني عبدربه العائد في صيف عام2009 من تجربة احتراف في ستراسبورج الفرنسي الذي منحه المسئولون وقتها1,3 مليون جنيه في الموسم الواحد وتفوق به علي لاعبي الفريق الكبار امثال محمد حمص وسيد معوض وهاني سعيد ومحمد فضل ومحمد صبحي ومع حلول صيف عام2008 بدأت طفرة خرافية ومرحلة جديدة من تعاقدات اللاعبين مع الأندية.. وهي طفرة قياسية تضخمت فيها الرواتب السنوية بمعدلات رهبية ولعل من أهم أسبابها إغراء لاعبين للعودة من الاحتراف الخارجي والبقاء في مصر. وفي هذا الصيف وافق الزمالك والإسماعيلي علي رحيل عمرو زكي وحسني عبدربه للأحتراف في ويجان اتليتك الانجليزي وأهلي دبي الإماراتي علي سبيل الإعارة لكن في المقابل وقع كلاهما علي عقد جديد هو ما نشاهده حاليا ويتمثل في حق عمرو زكي الحصول علي5 ملايين جنيه في الموسم الواحد وحسني عبدربه المصاب حاليا بقطع في الرباط الصليبي علي5,3 مليون جنيه.. والاخير هو أغلي لاعب كرة في مصر وصاحب الراتب السنوي الأكبر علي الاطلاق بين لاعبي فرق الدوري الممتاز في الموسم الحالي.. ولم يتم تفعيل عقد ال5 ملايين لكليهما سوي في موسم2011/2010 بعد ما لم يستكمل زكي مشواره مع الزمالك في الموسم الماضي للعب في هال سيتي الانجليزي معارا ل6 أشهر لكن جري تفعيل رقم آخر في صيف عام2008 هو 3 ملايين جنيه سنويا وهو رقم حاز عليه أحمد حسن كابتن المنتخب الوطني عند انتقاله الي الأهلي قادما من اندرلخت البلجيكي وبعد صراع عنيف مع الزمالك وقتها.. وفي المقابل كان هاني سعيد مدافع المنتخب الوطني بدوره صاحب رقم مالي مماثل بعد انتقاله للزمالك قادما من الإسماعيلي بعد صراع عنيف مع الأهلي.. وهو نفس العقد الذي كان مفترضا أن يناله أيمن عبدالعزيز كابتن الزمالك المستبعد من قائمة الموسم الحالي والذي انضم للفريق برفقة هاني سعيد في نفس التاريخ.. وحاز علي نفس الرقم محمد أبوتريكةه بعد تعديل تعاقده مع الأهلي عقب انضمام أحمد حسن. ومنذ صيف عام2008 بات الحد الأدني لتعاقدات كبار النجوم في الأهلي هو مليونا جنيه سنويا ويحوز محمد ناجي جدو القادم من الاتحاد السكندري علي نفس الرقم.. ونال حسام غالي ومحمد شوقي العائدان هذا الصيف بعد احتراف في النصر السعودي وقيصري سبورت التركي علي2,5 مليون جنيه في الموسم الواحد لكل منهما هذا بخلاف حصة الإعلانات المضافة الي هذه الأرقام للثلاثي.. وتمت زيادة عقد محمد بركات لاعب الأهلي المخضرم الي3 ملايين جنيه اعتبارا من الموسم الحالي وتفوق عليه عماد متعب رأس الحربة العائد بعد فسخ التعاقد مع ستاندرلييج البلجيكي دون أن يلعب مباراة واحدة هناك الذي سينال4 ملايين جنيه في الموسم.. وسيتساوي معه حال تجديد تعاقده أحمد فتحي نجم خط الوسط.. وفي الزمالك لا يختلف الوضع كثيرا وهناك عدد لا بأس به من اللاعبين ينالون أكثر من مليوني جنيه في الموسم أبرزهم ثنائي حراسة المرمي عصام الحضري وعبدالواحد السيد.. وسينال محمود فتح الله قلب الدفاع حال تجديد تعاقده ما لا يقل عن3,5 مليون جنيه في الموسم الواحد بالاضافة الي العقد الخيالي الذي منحه الزمالك لمحمود عبدالرازق الشهير بشيكابالا اعتبارا من الموسم المقبل ومنذ صيف عام2008 أصبح المليون جنيه سنويا رقما متداولا في الأندية الجماهيرية التي تعاني في الأساس من إفلاس مستمر وصعوبة في توفير رواتب لاعبيها.. فالإسماعيلي تجد في قائمتهة الان ما لا يقل عن6 لاعبين تتخطي رواتبهم السنوية حاجز المليون وابرزهم محمد حمص وشادي محمد وعبدالله السعيد ومحمد جمال ومن قلبهم كان يوجد عصام الحضري وإبراهيم سعيد.. هذا الي جانب الأرقام المالية الضخمة التي يحصل عليها محترفوه الأجانب. وهناك المصري البورسعيدي الذي لديه نفس العدد تقريبا ممن تتخطي رواتبهم السنوية حاجز المليون جنيه وأبرزهم هاني سعيد وعبدالسلام نجاح.. وكذلك الاتحاد السكندري الذي بدوره دخل تلك الفئة قبل عامين فقط.. وهي أرقام أجبرت عليها لأندية للصمود في منافسات الدوري الممتاز بعد دخول فرق تابعة لمؤسسات وشركات كبري في السباق لديها امكانيات مالية ضخمة وساهم تضخم عدد فرق الشركات والمؤسسات في منح لاعبين أرقام مالية ضخمة تتجاوز المليون جنيه في الموسم الواحد مثل الجونة الذي يمنح حارسه الدولي السابق محمد عبدالمنصف مليوني جنيه سنويا ويحصل مهاجمه جمال حمزة علي2,5 مليون جنيه سنويا وهناك إنبي الذي لديه الفئة الأولي تنال ما بين مليون الي مليوني جنيه في الموسم وهم وليد سليمان القادم من بتروجت ومحمد أبوالعلا لاعب الزمالك والانتاج الحربي السابق وعبدالظاهر السقا قلب الدفاع المخضرم العائد من تجربة احتراف طويلة في الملاعب التركية.. ويبرز من أصحاب الرواتب الضخمة خارج الأندية الجماهيرية اسم أحمد بلال مهاجم الأهلي السابق وسموحة السكندري الحالي الذي يتقاضي2,5 مليون جنيه سنويا.