img border='0' alt='عائلة ميكي'.. تأشيرة دخول أكرم فريد عالم السينما الجيدة' title='عائلة ميكي'.. تأشيرة دخول أكرم فريد عالم السينما الجيدة' src='/MediaFiles/7065_67m_31_8_2010_24_21.jpg' بفيلمه الجديد' عائلة ميكي', الذي عرض لأول مرة في إطار قسم' نظرة علي سينما العالم' بمهرجان أفلام العالم بمونتريال(27 أغسطس?7 سبتمبر2010), يقدم المخرج أكرم فريد أخيرا عملا سينمائيا جيدا بعد سلسلة من الأفلام التافهة المبتذلة من نوعية' حاحا وتفاحة' و'أيظن' و'عمر وسلمي مستلهما أعمال مخرجين كبار مثل فطين عبد الوهاب في' عائلة زيزي' وحسين كمال في' إمبراطورية ميم', ومستعينا بخبير لغة وسلوكيات شباب هذه الأيام السيناريست عمر جمال, مؤلف' أوقات فراغ', يعيد أكرم الأسرة المصرية المتوسطة' العادية' إلي شاشة السينما, بعد سنوات عانينا خلالها من الخيال المريض لمراهقي السينما ومهاويس العشوائيات الذين حققوا الملايين من المتاجرة بآلام سكانها من دون أن يفكروا في التبرع بجزء منها لتحسين ظروفهم. أثناء مشاهدة' عائلة ميكي', لابد أن تتذكر تحديدا' عائلة زيزي', الذي يبدو استلهامه هنا واضحا, بدءا بالاسم المقتبس منه.. وبلغة الشعر, يعتبر الفيلم الجديد' معارضة' لرائعة فطين عبد الوهاب, علي نفس الوزن والقافية, لكن بمعطيات ونتائج مختلفة, وهموم أخري, وسخرية مريرة لها أحيانا طعم العلقم.. لابد أن تتذكر الفنانة الكبيرة عقيلة راتب, وهي واقفة وسط أولادها تدعو الله أن يرحمها من مصائبهم, عندما تشاهد الأم( لبلبة) في مشهد مماثل من' عائلة ميكي', لكنك ستصدم عندما تكتشف أن المشكلات البسيطة مثل رغبة الابنة في العمل بالتمثيل أو فشل الابن الأكبر في الارتباط تحولت إلي كوارث من نوعية عدم ذهاب أحد الأبناء إلي كليته لمدة عامين كاملين, أو استغلال الأبناء عجز جدتهم الضريرة( رجاء حسين) لممارسة الجنس مع صديقاتهم في بيت الأسرة أثناء وجود الأب والأم في العمل. ويحفل الفيلم بالمبالغات غير القابلة للتصديق أحيانا, مثل وجود صديقة للابن وصديق للابنة في نفس الوقت بالبيت في غياب الأب والأم من دون أن تكتشفهما الجدة, رغم ما يحدثانه من أصوات عالية, ورغم مرور ساعات علي وجودهما, ورغم أنها تستعين بزوجة البواب لمعرفة ما يجري في الشقة.. ومثل أن يغيب كل أبناء الأسرة عن مدارسهم في نفس اليوم وكأنهم متفقون علي ذلك.. ومثل أن تكتشف الأم كل ما كان خافيا عليها من أسرار ومصائب أبنائها في يوم واحد هو نفس يوم تصوير الأسرة واستجوابها في إطار إجراءات مسابقة الأسرة المثالية التي اشتركت فيها.. لكنك بعد الاعتراض علي هذه المبالغات, ستكتشف أنها أحيانا تكون مطلوبة لإبراز المشكلات ومواطن الخلل, علي طريقة الكاريكاتير الذي يضخم كل شيء ليكون واضحا بل صادما فيما يشبه الصرخة.. والصرخة هنا للتحذير مما أصاب الطبقة المتوسطة من تفسخ وتمزق, ومما أصاب الأسرة المصرية بشكل عام من تشوه, وجعلها أبعد ما تكون عن' الأسرة المثالية'. وأفضل مشاهد الفيلم في رأيي, هو ذلك الذي تتلقي فيه الأم مكالمة هاتفية من منسق مسابقة' الأسرة المثالية' وهي تبكي في ذروة مواجهتها مع أولادها بعد اكتشافها كل أخطائهم, فتتمزق بين حرصها علي الظهور أمامه بشكل طبيعي وبين يقينها الدفين بأن أسرتها لا تستحق أي جائزة. كما أعجبتني لعبة الكذب والأقنعة الدائرة في الفيلم, فالأبناء يكذبون علي الأم ويخفون كل شيء عنها, وهي تكذب علي الأب وتخفي عنه, والأب يكذب ويقبل أن يدفع رشوة كبيرة مقابل أن تحصل أسرته علي الجائزة, ومنظمو المسابقة يكذبون علي الناس.. دائرة مفرغة من الكذب أصبحنا ندور فيها جميعا. لي فقط ملاحظة علي شخصية الأب( أحمد فؤاد سليم), التي لم تنل حظها علي الإطلاق من التعميق والرسم الجيد مثل غيرها, فلم نر له مشهدا واحدا في مكان عمله أو في أي مكان آخر يوضح لنا المزيد عنه وعن طباعه وطريقة تعامله مع الناس.. بل إن علاقته بأولاده وزوجته نفسها غير واضحة بالشكل الكافي.. وإذا كان المقصود أنه عمليا غائب عنهم ومشغول بعمله, فإن ذلك ليس واضحا بدوره وكان يجب التعبير عنه دراميا بطريقة أخري. ولي ملاحظات بسيطة علي التنفيذ, كأن يكون أحد الأبناء مصابا ب'بطحة' استلزمت عدة غرز في رأسه, ثم يظهر في اليوم التالي مباشرة, لدي تسلم الجائزة, مصفف الشعر من دون أي ضمادة, أو أن تطلب الأم من ابنها أن يشتري خبزا بعد الغداء, وليس قبله, وهو ما لا يمكن أن يحدث في أي بيت مصري. وفيما عدا ذلك فالفيلم' مهضوم' كما قال لي عدد من اللبنانيين المقيمين في مونتريال, بعد عرضه' يتيما' في القاعة رقم9 بدار سينما الحي اللاتيني, رغم إعلان الشركة المنتجة في مصر عن حضور لبلبة والمخرج أكرم فريد, وربما المنتجة المنفذة بشري, إلي مونتريال, ولم يأت أحد, وليتهم حضروا ليقفوا بأنفسهم علي رد الفعل الطيب الذي أحدثه الفيلم. وفي كل الأحوال أهلا بأكرم فريد في عالم السينما الجيدة!