تتزايد الانتقادات الموجهة الي حزب الله والمقاومة وأدائها السياسي الداخلي بشكل متسارع وتصاعدي لأول مرة منذ وقت طويل وسط البيئة الحاضنة للحزب والمقاومة في لبنان, حيث لم تعد قوي14 أذار هي المصدر الوحيد لإنتقاده, بل باتت قوي وطنية قريبة الي قوي8 أذار المعارضة ومستقلة داعمة للمقاومة والحزب وتشكل مظلة رعاية وحماية لهما مصدرا للإنتقادات, وذلك علي خلفية الاشتباكات المسلحة بين عناصر الحزب والمقاومة من جهة وعناصر جمعية المشاريع الاسلامية( السنية) من جهة أخري في شوارع منطقة برج أبي حيدر في بيروت مؤخرا, وتصريحات أمين عام الحزب السيد حسن نصر الله التي حض فيها الحكومة علي تقديم طلب الي إيران لتسليح الجيش اللبناني. فبعد أن حظي الحزب والمقاومة بتأييد واسع في أوساط الرأي العام لحديث نصر الله حول المحكمة الدولية في قضية اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري واتهامها بعدم النزاهة واتهام اسرائيل بالتورط في اغتيال الحريري وفق أحدث استطلاع للرأي أجرته مؤسسة الدولية للمعلومات تراجع هذا التأييد بشكل كبير بسبب ظهور سلاح الحزب والمقاومة في الشارع, والمخاوف من تحويل لبنان الي بؤرة ايرانية عبر سلاحها للجيش, وجعل الجيش هدفا مشروعا لإسرائيل, الي حد تعبير أحد قيادات هذه البيئة الخاضنة بأن هذا السلاح الإيراني اذا وصل لبنان فإنه سيكون بمثابة قنبلة ذرية سيتم القاؤها علي البلد. وقد بدأت بشائر هذه الانتقادات من تجمع اللجان والروابط الشعبية وهو هيئة سياسية تضم قوي وطنية وقومية ويسارية وناصرية وبعثية ومستقلة, بدعوة منسق عام التجمع السيد معن بشور ما أسماه ب الصف الوطني المقاوم الي إجراء مراجعة جريئة لأدائه الداخلي وإعادة النظر في مواقفه من مؤسسات الدولة ومكونات المجتمع وفهم خصوصيته حفاظا للوطن, ووصفه لهذا الإداء بأنها علي غير المستوي المطلوب, ومطالبته بفتح تحقيق في استخدام السلاح المقاوم في الشارع بفتح حوار صريح بعيدا عن النفاق والمجاملات, وبالانتباه لعدم التورط في تفتيت الشعب وانشغاله ب اضراب أهلي وفي رسالة تحذير غير مسبوقة يلفت منسق عام التجمع نظر الصف الوطني المقاوم الي أن هناك قوي لبنانية انهارت في الماضي بسبب استخدام السلاح في الشارع علي غرار ما حدث في برج أبي حيدر. تسارعت هذه النصائح المخلصة وتكاثرت خلال الأيام الماضية من جانب قوي وطنية وقومية أخري, وتجلي ذلك في وسائل إعلامية تعبر عنها بحيث يمكن اعتبار رسائل الإعلام هذه بمثابة صندوق بريد الحزب والمقاومة لتلقي رسائل هذه القوي, كما تجلي ذلك في تصريحات أحد أهم الشخصيات الوطنية الداعمة للمقاومة وهو الزعيم الدرزي وليد جنبلاط الذي أنتقد بشدة استخدام السلاح في بيروت( بالشوارع) ودعا الي فتح تحقيق, كما في تصريحات شخصيات وطنية أخري عديدة دعت الي محاسبة المسئولين عن استخدام السلاح في الداخل أيا كان موقعهم أو انتماؤهم السياسي أو الطائفي. وقد لوحظ في هذا الصدد أن جمعية المشاريع الاسلامية كانت أسرع في التحرك لشرح موقفها من الأحداث وموقعها فيها سواء علي المستوي الداخلي أو الاقليمي, وأعلن في هذا الشأن أن وفدا منها توجه الي دمشق لعرض الموقف والموقع علي المسئولين السومريين. وعلي غرار اعتراف جنبلاط بأنه كان في لحظة تخل عندما هاجم سوريا في تبريره لهذا الهجوم وذلك في مجال الاعتذار لدمشق عن هذا الهجوم يبدو أن عناصر حزب الله في لحظة تخل استخدمت خلالها السلاح قد تؤدي الي لحظة تخلي عنهم ففي الوقت الذي انقضت فيه قوي سياسية, في البيئة الحاضنة للمقاومة علي توجيه اللوم الشديد لقيادات حزب الله لتأخرها عن اصدار قرار لعناصرها غير المنضبطة في برج أبي حيدر بوقف اطلاق النار ألقت هذه التهمة بظلالها علي رفض الحزب اتهام عناصر غير منضبطة فيه بالتوسط في اغتيال الحريري حسب التسريبات التي كشفت عن توجه المحكمة الدولية لإصدار قرار ظني يتهم عناصر غير منضبطة في الحزب بالتورط في الجريمة. فقد اعتبرت بعض الأوساط السياسية أن اعتراف الحزب بأن عناصره أطلقت النار في أحداث برج أبي حيدر بشكل فردي اعترافا بوجود عناصر غير منضبطة في الحزب ابتداء علي ضوء ذلك وبعد تشكيل مجلس الوزراء برئاسة سعد الحريري لجنة لبحث منع السلاح في بيروت, وطرح القوي الوطنية مشروع بيروت منزوعة السلاح يدخل حزب الله في تحد حقيقي علي المستوي الوطني في ظل تأييد هذه القوي من دون استثناء لهذا المشروع والاصرار العام والجامع علي تنفيذه في أقرب وقت ليس فقط من أجل منع تكرار أحداث برج أبي حيدر وإنما من أجل تحصين المقاومة ذاتها وعدم جرها الي اقتتال أهلي. لم يعلن حزب الله رسميا حتي الآن موقفه من هذا المشروع الذي أجمعت عليه كل القوي سواء الأكثرية أو في البيئة الحاضنة للمقاومة ويري مراقبون أن هذا الأمر يشكل تحديا أو امتحانا حقيقيا للحزب, حيث رفضه يعني وقوف الحزب وحيدا ليس فقط أمام خصومه بل أيضا أمام حلفائه, لا سيما وأن شبح أحداث7 أيار2008 يطل برأسه من جديد هذه الأونة. ولا يستبعد المراقبون أن يتعامل حزب الله مع هذا الأمر بجدية ليس فقط لأن بيروت تضم مؤسسات الدولة و75% من مقومات الاقتصاد الوطني ولا توجد فيها قوات المقاومة أو مواقعها العسكرية أو لأن سحب السلاح من بيروت لن يؤثر علي المقاومة من قريب أو بعيد, وإنما من أجل تحصين المقاومة ذاتها وعدم فقدان الدعم والتعاطف الشعبي معها, وتجنب حدوث فتنة أوسع بسبب حادث فردي آخر تتورط فيه عناصر غير منضبطة أو خسارة الحزب مزيدا من الدعم والتأييد. علي مستوي آخر أثارت تصريحات السيد حسن نصر الله بشأن السلاح الإيراني المخاوف حتي داخل البيئة السياسية والإعلامية الحاضنة, ودعته شخصيات وطنية الي مواجهة الحزب موقفه في هذا الشأن باعتبار دخول السلاح الايراني الي لبنان ينذر بتورط لبنان في نزاعات اقليمية أكبر من حجمه وقدرته علي التحمل, ويعني تورط لبنان في نزاعات داخلية وفتن لا تنتهي وكذلك توريط الجيش فيها قبل أن يتم وضع خطة تسليمه اساسا, وهو المؤسسة الوطنية التي يجب الحفاظ عليها وعدم المساهمة في تعريضها للأخطار أو السماح باختراقها. لكن البعض أعلن ترحيبه بتصريحات نصر الله في حالة ما اذا كانت مجرد مناورة هدفها ابتزاز الدول الصديقة والشقيقة للإسراع بدعم الجيش اللبناني مثلما سارعت تلك الدول الي تمويل اعادة اعمار لبنان بعد حرب صيف2006 لقطع الطريق علي ايران. يقف حزب الله أمام تحد كبير حيث اتفق حلفاء وخصوم في انتقاداتهم لآدائه السياسي الداخلي واذا كانت أحداث7 أيار2008 حققت مكاسب فإن تطورات الأحداث هذه المرة قد تسحب من رصيده. نتائج آخر استطلاع للرأي مع حزب الله قبل التحولات في المواقف أعلنت مؤسسة الدولية للمعلومات للأبحاث والدراسات اللبنانية النتيجة الكاملة لاستطلاع رأي أجرته علي عينة من المواطنين من مختلف الانتماءات السياسية والطائفية حول من يعتقدون أنه وراء اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري؟ وذلك في مناسبة مرور4 سنوات علي استطلاع رأي أجرته حول نفس الموضوع كشف عن مدي تأثير المناخ السياسي والتطورات في البلد علي توجهات الرأي العام, حيث مكان استطلاع رأي عام2006 أجري في ظل مناخ معاد لسوريا, وجاء الاستطلاع الأخير في أعقاب إعلان حزب الله ما اعتبره قرائن تشيد بأدلة الاتهام الي اسرائيل. ففيما زادت نسبة من يتهم اسرائيل باغتيال الحريري من11% عام2006 الي34% حاليا, وتراجع نسبة من يتهم أجهزة سورية ولبنانية من39.9% الي3%, وكذلك من يتهم الولاياتالمتحدة من12% الي5% وبينما اتهم7.6% الأجهزة الأمنية السورية في استطلاع2006, لم يتهم أحد سوريا في الاستطلاع الأخير ولم يوجه49% من المستطلعة أراؤهم اتهاما لأحد. وفيما يتعلق بالمحكمة الدولية كشفت نتائج الاستطلاع عن أن60% يعتبرون التحقيقات الدولية في القضية مسيسة وغير نزيهة وغير محايدة, وطالب43% بضرورة بقاء المحكمة مع تعديل أسلوب عملها لتكون أكثر نزاهة وحيدة, فيما دعا17% الي إلغائها. وبالنسبة للوثائق التي عرضها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله واعتبرها تشير بأصابع الاتهام الي اسرائيل اعتبر55% من المشاركين في الاستطلاع أن هذه الوثائق غير مقنعة فيما اعتبرها41% منهم غير مقنعة وبالنسبة لموقف الطوائف اعتبر41 من السنة و39.9% من الدروز الوثائق غير مقنعة بينما اعتبر81% من الشيعة الوثائق مقنعة.