لم يكن اختيار المهندس إبراهيم محلب رئيسا للوزراء خلفا للدكتور حازم الببلاوي مفاجأة حيث كان اسم محلب يتردد منذ فترة ليست طويلة بأنه مرشح ليحل محل الببلاوي بعد إخفاق حكومته في مواجهة العديد من الملفات المهمة وذلك بسبب النشاط الملموس الذي كان يقوم به خلال توليه مسئولية وزارة الإسكان وهو ما جعل المواطن العادي يشعر بوجود وزير نشيط داخل وزارة كسلانة. ولكن الموقف الآن أصبح يختلف كثيرا عما سبق فما كان يفعله محلب عندما كان وزيرا لن يستطيع القيام به وهو رئيس للوزراء بسبب المسئولية الكبيرة الملقاة علي عاتقه والتي قد تحول بالطبع دون قيامه بالجولات المكوكية التي كان يقوم بها ورغم ذلك فإنني أعتقد أن وجود المهندس محلب علي رأس الوزارة سوف يؤدي إلي تحريك المياه الراكدة داخل الوزارات والمحافظات التي لا تعرف شيئا عن مشاكل المواطنين. والمؤكد أن المهندس محلب عندما طرح أولويات حكومته وجاء من بينها ضرورة تحقيق الأمن في الشارع ورفع المخلفات وفتح آفاق الاستثمار وعودة السياحة إلي طبيعتها كان يدرك أهمية تلك الملفات الشائكة للمواطن البسيط خاصة في ظل التدهور الأمني الكبير الذي يشهده الشارع المصري ما بين حالات فوضي مرورية كبيرة وبين حالات خطف وسرقات للسيارات واعتداءات علي رجال الشرطة أنفسهم والذي لا يمكن أن نغفل جهودهم وتضحياتهم في مواجهة الإرهاب. ولذا فإن الملف الأمني من وجهة نظري هو الملف الذي يجب أن يحظي بأولوية قصوي لدي حكومة محلب خاصة وأنه الخطوة الرئيسية في تثبيت أركان الحكومة الحالية حيث طفح الكيل لدي المواطن من حالة الانفلات الأمني في مختلف شوارع ومدن وقري مصر بصورة جعلته يفقد الثقة في أي وجود حقيقي للأمن خاصة في محافظة الجيزة والتي أصبحت تشهد أعلي معدلات للجريمة في شوارعها بالإضافة إلي الفوضي المرورية التي تشهدها شوارع القاهرة الكبري بسبب انتشار الباعة الجائلين في كل مكان وغياب رجال المرور بصورة كبيرة من الميادين والشوارع التي تشهد كثافة مرورية عالية. وظني أن المهندس محلب سيسعي خلال الأسابيع الأولي من عمر حكومته إلي كسب ثقة المواطن عن طريق تكثيف الجولات الميدانية من قبل الوزراء والمحافظين حتي يشعر المواطن بأن هناك تغييرا حقيقيا حدث في الحكومة وليس مجرد تغيير وجوه فقط ولكن ليعلم رئيس الوزراء أن مجرد الجولات نفسها ليست حلا للمشكلات المتراكمة في الشارع بل إنه لابد أن يشعر المواطن بتحسن ملحوظ في حياته خاصة فيما يتعلق بوجود بالأمن والاقتصاد. فليس من المعقول أن نتحدث عن عودة السياحة أو الاستثمارات الأجنبية مرة أخري إلي مصر في ظل استمرار حالة الفوضي التي تشهدها شوارع القاهرة فالسائح لابد أن يشعر بالأمان في أي بلد يذهب إليها خاصة إذا كانت تلك البلد مصر التي يسعي ملايين السياح إلي زيارتها ولكن ما يحدث يحول دون ذلك يضاف إلي ذلك حالة الخوف التي تسيطر علي الكثير من رجال الأعمال الأجانب والذين أوقفوا استثماراتهم في مصر بسبب عدم استقرار الأوضاع بها وهو ما ألقي بظلاله الكثيفة علي سوق العمل وزيادة معدلات البطالة بين الشباب. فالأمن ليس رفاهية وإنما هو ضرورة من ضرورات الحياة لا يمكن العيش بدونه وهو ما يتطلب دعم إمكانات وزارة الداخلية وتأهيل الضباط وأمناء الشرطة وضباط الصف وتعاون المواطنين معها بصورة كبيرة لمواجهة قوي الإرهاب الغادر الذي يسعي لضرب أمن واستقرار مصر. والتحدي العاجل أيضا أمام حكومة محلب هو إعادة النظافة والوجه الحضاري لشوارع القاهرة وباقي المحافظات حيث تحولت الشوارع سواء الرئيسية أو الفرعية إلي مقالب للقمامة وأصبح من المشاهد المألوفة أن تري أكوام القمامة في كل مكان ولن يصدق الناس أي تصريحات في هذا الشأن حيث شبعوا تصريحات وسيكون الفيصل في ذلك هو رؤية شوارع نظيفة خالية من القمامة وعودة سيارات رفع المخلفات مرة أخري إلي الشوارع. وليس خافيا علي أحد أن قضية تطبيق الحد الأدني للأجور من القضايا المهمة والتي دفعت بقوة لإعلان حكومة الببلاوي استقالتها وأعتقد أن حكومة المهندس محلب يجب أن تترجم ما أثير في تلك القضية إلي حقيقة ملموسة يشعر بها المواطن في نهاية كل شهر رغم الأعباء المالية الكبيرة التي سوف تتحملها خزينة الدولة ولكن الموقف الراهن يتطلب قرارات جريئة لصالح المواطن البسيط الذي يريد أن يشعر بوجود حكومة حقيقية تمثله وتحس بمعاناته وتلمس مشكلاته.