أنا أهرب إلي النيل.. في منطقة بشاطئه.. لا يعرفها أحد.. فهي بعيدة عن العمار.. ولا يعرف طريقها أحد غيري.. أهرب إليها عند وداع عام.. واستقبال عام جديد.. سيأتي بعد عشرة أيام قادمة.. ولي مع العام الجديد كل عام رحلة خاصة.. عندما ينشق الزمن.. وأعبر من خلال الزمن إلي لقائي بالتاريخ في صومعته.. كل عام.. جلست هاربا في منطقتي الخاصة.. بشاطيء النيل.. وفي صمت المكان.. وهدوء أمواج النيل.. ولا صوت إلا صوت أفرع البوص الذي يحيط بي.. بسبب الرياح.. هادئة أحيانا.. وقوية أحيانا أخري!! وجدتها تقبل مع أمواج هادئة.. تحملها برفق غريب بردائها الأبيض.. وابتسامة عريضة علي شفتيها.. واشراقة وجه تضئ لها الطريق إلي الشاطئ.. وجلست بجواري.. تتأملني وتنظر إلي.. وأنظر إليها.. ولا كلام.. وللصمت كلام.. انها فراشتي الصديقة!! وانطلقت بعفوية تقول.. أعرف كل ما تريد قوله.. أعرف كل الأحزان.. أعرف ما عانيته كفنان.. أعرف أزمات السينما.. وهبوط المستوي.. وضرورة الاستمرار.. ضياع حرية الاختيار.. ضغط المنافسة.. حصار التوزيع.. والإنتاج.. أعرف تجار السينما.. خناق الإبداع.. أعرف ضرورة أن تدور الكاميرا.. ويعمل الفنيون.. وتفتح بيوت.. وتستمر الحياة.. أعرف قلة دور العرض.. وسوء حالة الاستوديوهات.. وهروب السينما إلي الشوارع.. وهروب النجوم إلي التليفزيون!! وساد الصمت بيننا.. وهدأت أمواج النيل.. وداعبت أطراف فستانها الأبيض بحنان دافئ.. وجاء صوتها هادئا عميقا.. وأعرف يا صديقي كل الأحداث التي مرت بمصر.. وأعرف وأشاهد أحزان الألم.. ونور تحقيق الآمال والأحلام التي تعيش في أعماق كل المصريين.. أعرف.. وشاهدت.. الدماء.. والجرحي.. والموتي.. والشهداء.. وطوفان الخلل الإنساني الذي يواجه الشعب المصري.. أعرف أن الشعب المصري.. بتاريخه الإنساني يبغض المقاومة الدامية لمحاولات ايقاف ذلك الطوفان المظلم العنيف المفاجئ لمصر.. وشعب مصر أعرف أن المصري ابن بلده.. يحبها وياما ضحي من أجلها من أولي التضحيات الإنسانية حتي الشهادة.. التي يرحب بها.. حبا في وطنه.. ومصريته وكل حبة رمل علي أرض مصر!! أعرف.. خفافيش الظلام التي تظهر فجأة لتغطي ضوء الأمل.. والأمن.. والآمان. أعرف أنك وزملاءك رجالا.. وشبابا.. وشيوخا نساء.. وفتيات.. وأطفالا.. تقفون سدا منيعا يبهر العالم ضد أي محاولات.. لتغطية ضوء الأمل.. والقوة.. وحب السلام.. وعظمة التضحية.. وأعرف.. كل قدراتك أنت وشعب مصر.. في حماية أرض الوطن.. ولكن.. دائما أن يكون الصبر الجميل سببا في الأطماع الجاهلة الضعيفة.. ولكن عندما تحين ساعة الخلاص.. تزلزل حركة الشعب المصري.. وتهز أركان الظلم.. والأرض في مصر.. وبلدان العالم.. وقد حدث هذا فعلا مرات عديدة في تاريخ مصر الحبيبة.. أم الدنيا. أعرف أن الجو.. والبرد الذي يسيطر علي المناخ المصري.. ليس غريبا.. فقد تحولت مياه المطر إلي جليد أبيض.. وأنار بياضه بداية الطريق.. وعودة الأمل الأبيض إلي أرض مصر.. مع بداية العام الجديد.. أنتم لديكم كل عناصر النجاح.. تخلصوا من هذه الدوامة.. واخرجوا من حصارها.. واتركوا الذعر.. والتشاؤم واجمعوا عناصر قدراتكم.. والحل في ايديكم.. تجمعوا لحماية دستوركم وفكروا بهدوء الحرية.. والعدالة.. والكرامة.. وانظروا حولكم لتجدوا كل عناصر النجاح تناديكم.. وحدوا كلمتكم.. واستغلوا عناصر نجاحكم في مكانها الصحيح! قلت لها.. يا فراشتي العزيزة.. اتعرفين كل هذا وتبتسمين؟! قالت.. أمازلت تستغرب ابتسامتي.. واشراقتي.. وأملي؟ ولهذا جئت للقائك يا صديق عمري.. وأعز من يعرف ويستحق عمق الصداقة!! ووقفت علي قدميها وأخذت تسير علي الشاطئ.. قلت لها.. إلي أين؟؟ قالت.. أنا معكم.. أنا فراشة عام2014 فراشة بيضاء علي شفتيها ابتسامة.. وفي عينيها أمل.. وعلي وجهها اشراقة نور.. واتجهت إلي أمواج النيل.. التي حملتها بحب وآمان.. وابتعدت بها إلي حيث تعيش وإلي لقاء!! رابط دائم :