في عينيها حزن الدنيا.. علي شفتيها إشراقة الحياة.. في صوتها نداء للوجود.. دائما أقابلها عند أزماتي أجدها أمامي.. دون أن أناديها.. فأنا لا أعرف لها اسما.. ولكني أعرفها جيدا.. تربطنا صداقة نادرة الوجود. تسألني دائما هل هناك مانع من ان توجد بيننا صداقة من هذا النوع؟! إنها الفراشة صديقة عمري ومشوار حياتي!! جاء صوتها مفاجأة لي.. وأنا أجلس وحيدا.. أعيش وحدتي أمام مياه النيل الخالد وفي منطقة تخلو من ضجيج الحياة وقسوتها التي أعيش فيها أنا وكل الناس في بلدي نعيشها معا ولم أوجه لها هذا الكلام بصوتي, ولكن هذا الكلام هو وصف للحالة التي أنا عليها وتمر بها كل مصر وشعبها الطيب النبيل.. مع كل أسف!! ونظرت لصمتي وإلي ملامحي التي امتلأت بحزن الأحداث وكأنها حزن سنين طويلة ولم أتكلم وبدأت هي بالكلام لأنها تعرف تماما.. أن صمتي كلام والغريب أنها دائما تسمع كلام صمتي!! تحدثت.. بصوت يحمل كل معاني الود.. والتجارب.. والنقاء البديع يا صديقي.. أنا أعرف كل الأحداث التي أوصتك لهذه الحالة التي لم أشهدك عليها من قبل.. أعرف دم الشهداء في ثورتكم الرائعة أعرف شياطين الظلام التي تدمر كل فترة الإحساس بالأمن.. والأمان.. أعرف أن هناك مؤامرات عديدة من الداخل والخارج تحيط بثورتكم التي أذهلت العالم.. تلك الثورة البيضاء الناصعة البياض أنها تريد أن تشوه تلك الثورة بأحداثها المقيتة.. ولكنها لا تعرف أن الشهداء الذين تسيل دمائهم فداء لثورتهم.. شهداء عند ربهم وشهداء عندكم ولن تشوه دماؤهم ثورتكم.. ولكن دماؤهم هي حب لوطنهم ووطنكم ودماء شهدائكم لن تضيع هباء.. فهي وقود لاستمرار ثورتكم المستمرة في تحقيق أهدافها ولن تهدأ الثورة لوجود هؤلاء أصحاب الظلام وشراذم شياطين الأشرار.. أعرف أن شهداء آخر أحداث هؤلاء الشياطين كان في ملعب كرة قدم لم يمنعهم شرهم من ارتكاب جريمة القتل الجماعي للأبرياء وهم الآن يرتعدون في كهوف شرهم المظلمة.. من تلك الصحوة التي أحدثتها أحداث مباراة لكرة القدم إن غضبة شعبك شبابا وشيوخا أمهات وإخوة وأخوات.. هي لعنة ستسقط كل من ارتكب هذه المذبحة الأليمة.. التي كشفت وعرت تماما أوغاد هذه المذبحة.. والأحداث المؤلمة التي تتكرر علي أيديهم. يا صديقي الدنيا دائما جديدة تطلع شمسها كل يوم.. طالما بها شعب نبيل كشعب مصر بشبابه الثوري وكل طوائفه.. وحضارته ويستطيع أن يهزم كل شياطين الظلام.. بالترابط والتلاحم بينكم بالحب الدائم.. واليقظة الصاحية.. والمواجهة الحتمية.. ومعرفة أن استمرار ثورتكم بإيمانكم بها هي التي ستحقق في النهاية.. آمال الثورة والمطالب التي قامت من أجلها وتعيد لمصر أم الدنيا.. كما تحب أن تلقبها بهذا اللقب الذي تستحقه لحضارة شعبها وحضارتها من آلاف السنين.. ستظل مصر فعلا أم الدنيا.. وساد الصمت بيننا وفجأة وجدتها تغير طريقة ذهابها فقد كانت تسير علي مياه النيل بقدمها حتي تختفي وهي تبتعد ولكنها هذه المرة انطلقت طائرة في الهواء وفي اتجاه قرص شمس فجر يوم.. جديد!!