في مثل هذا اليوم.. الأحد الماضي.. بعد زيارتي التاريخية التي أقوم بها في لقاء ممتع مع التاريخ.. نتبادل معا أخبار العالم التي سجلها التاريخ علي جدران أيام العام.. وكعادتي بعد رحلة كل عام أذهب ليلا إلي جدتي التي تكون دائما علي شاطئ البحر.. في مكان هادئ في مرسي مطروح.. وأمام شاطئ حمام كليوباترا.. وكأني موعود بلقاء التاريخ حتي لو كان جزءا من أحداثه.. وأنا صاحب هذا الاختيار لهذا المكان عند لقاء وحدتي.. وتأملاتي. جلست علي الشاطئ صامتا.. أتبادل حوار الصمت مع أمواج البحر الهادئة.. وبرودة الجو التي تدفئها قطرات زخات المطر وترسم بماء مطرها رسومات لا يراها إلا من كان مثلي يعرف سر جمالها وروعتها.. وكان حوار الصمت يدور حول أيام العام الذي مضي والذي كانت أيامه تحوي الكثير. فجأة.. وجدتها بجواري.. فراشتي الصديقة.. أيقظتني بصوتها المألوف كل سنة وأنت طيب.. فقلت لها ومشاعري لا أستطيع وصفها.. أخيرا ألقاك.. فدقائق بعدك كأنها أعوام.. ولن ألومك.. فأنا المقصر في لقائك.. لقد شغلتني الأحداث واحتوتني الهموم!! ودار أمامي شريط سينمائي عشته مع أحداث السينما ونجومها طوال الفترة الماضية.. السينما تحارب نفسها.. لم تعد هناك تلك الهالة المقدسة التي كانت تحيط بها.. كثيرون ينهشون منها سعيا وراء المكسب دون النظر إلي رسالة أو هدف.. طريق غريب متعرج مليء بالمطبات خطير النتيجة.. يسير فيه كثير من الأفلام. ورد صوتها المألوف.. هذه حال من لا أهل له.. أنتم يا أصحاب السينما تتفرجون عليها كأنكم جمهور.. أنتم يا أهل الفن لا تحاربون من أجل حمايتها.. أنتم جزر متفرقة.. لا تجمعكم أرض واحدة.. كل منكم يعمل منفردا.. وبأسلوب خاص.. فسهل دخول الدمار إلي صفوفكم.. صناعة وفنا.. وعلاقات الحب والتعاون.. والصداقة الحقة توارت خلف مصالح فردية.. وخاصة.. لا تحزن.. وليكن العام الذي مضي نورا أحمر يضيء لكم طريق الصواب.. ولم الشمل الفني وبعد لحظة صمت قلت لها: أحسست في فترة من أيام العام الماضي بأن هناك مؤامرة علي أهل الفن.. شائعات لا تهدأ عن موت نجم ونجمات.. وصراعات لم تكن موجودة.. وفراق الأحبة والأصدقاء.. ولا أنكر أن الخوف ملأ قلوب أهل الفن.. وأن بعض الأوصاف الخاصة والتصرفات الشخصية اتسعت ليوصف بها أهل الفن جميعا.. عذاب أن يتحمل الجميع أخطاء فردية.. عذاب. وجاء صوتها يختلط بصوت المطر علي سطح الماء.. أنت تجلس هنا وحيدا.. وتظن أن أحدا لا يراك.. ولكن الحقيقة في هذه اللحظات يراك الملايين علي الشاشة الصغيرة الكبيرة.. ويلحظون تصرفاتك ودائرة الضوء عليك.. أنت فقط.. فالجمهور يجلس وتطفأ الإضاءة من حوله.. وتسلط كل الأضواء عليك ليروك بوضوح.. أنت الذي اخترت طريق النور.. فلا تخشي منه.. واجعل كل تصرفاتك في النور واضحة محترمة.. قدوة.. رسالة.. ولا تخشي النور.. فهو طريق السلامة.. وعلا صوت موجة كبيرة علي صوت الفراشة وهي تقول.. العام الجديد. عام الأمل.. عام النور.. فتقدم إليه ولا تخف!! نظرت إليها لأقول لها..كل سنة وأنت معي طيبة.. ولم أجدها بجواري.. وانسحب الموج بعيدا ورأيت موجا قادما.. كأنه ابتسامة كبيرة تملأ البحر.