كانت الشبورة علي شاطئ النيل قبل الفجر.. كثيفة.. تتحرك كتلها في ثقل.. البوص علي الشاطئ كتل غريبة الأشكال.. يخيل لمن يراها أنها كتل بشرية تتمايل كالأشباح. الماء ساكن كالزئبق.. لا حركة فيه.. والصمت يلف المكان.. وأنا دائما أختار المكان الذي يحظي بالهدوء وصمت المكان.. وحركة الأمواج في النيل تختلف عن حركة أمواج البحر.. فأمواج النيل في حركتها حنان مياه النيل وعمق تاريخ مياهها.. وأنا صديق للأمواج.. أمواج البحر.. وأمواج النيل.. فهي راحتي النفسية.. التي أحظي بها في لقائهما دائما.. أحيانا يأتي ويمضي نجم في الفضاء.. فيزيد المنظر رعبا وجمالا.. أشباح البوص.. وكتل الشبورة.. وسكون المكان يزيد المكان رعبا وجمالا.. أشباح البوص.. وثقل الحركة يكون منظرا من مناظر شكسبير المأساوية.. وتحرك نجم آخر.. يهبط من السماء إلي السماء.. ويعطي سهما من النور.. وبين الأشباح.. أظهر الضوء شبحا يجلس علي الشاطئ.. في يده سنارة.. ناظرا إلي الماء في شرود واضح من غرابة حركة موج النيل.. وسكون صوت حركته المليئة بالحنان.. والهدوء. اقتربت من هذا الشبح الجالس بين الأشباح.. انتابني خوف ورهبة.. كلما اقتربت.. تبدأ الملامح في الوضوح.. فجأة التفت الشبح إلي الخلف.. كانت هي.. صديقة عمري.. الفراشة. قالت لي.. تبدلت تغيرت ملامح وجهك.. ورد عليها الزمان.. أتيت من جو قاتم والمكان.. يبدو أن حوارنا هو الذي أصاب المكان بهذه الصورة الموحشة.. وبدأ الحوار. قلت قالوا.. السينما تعاني من أفلام المقاولات.. ومطلوب أن تدور الكاميرات.. لتوقظ السينما من السبات.. والسوق تحتاج لأفلام وتعوقها الأزمات * الفراشة يمكنكم تحويل هذا الهبوط إلي نجاح.. مخرج جيد.. قصة جيدة.. ووجوه جديدة فيها الأمل.. أو مقاطعة الهبوط.. ولا تتعاملوا معه.. وتقاوموا بحلول تقدرون عليها.. قلت قالوا النجوم في حالة حرب خفية!! * الفراشة القمة تتسع لعشرات بل لمئات النجوم.. والحرب لاداعي لها.. فالساحة يمكن أن يشغلها كل النجوم.. والمنافسة الشريفة مطلوبة. قلت قالوا.. لم يعد هناك انضباط فني.. فالصغير يستهتر.. والكبير يستنكر والحب ضاع.. والحقوق ضائعة. * الفراشة علي الكبير أن ينير الطريق.. عليه أن يكون قدوة للصغير.. والكبير.. كبير.. والصغير عليه أن يعرف أن الطريق طويل.. وأنه في طريقه إلي النجومية يوما ما.. واليوم قريب.. وعلي كل الأطراف أن يعلموا أن الفن بلا حب.. لا وجود له!! قلت.. قالوا.. السينما في أزمة!! * الفراشة الأزمة في أهل السينما.. وعلي الرغم من وجودها كما يقولون.. فقد ظهرت أفلام رائعة رغم الأزمة بإمكانات بسيطة وتعاون من النجوم ومن الممثلين أجورا.. واخلاصا.. وحبا في فن السينما الساحر.. السابع كما تقولون.. وأقبل عليها الجمهور.. ونجحت هذه الأفلام في جذب الجماهير.. وفي أسواق التوزيع.. وتحقيق الايرادات المرجوة.. وعليكم تأكيد هذا النجاح.. بأفلام تحقق مثل هذا النجاح!! قلت.. قالوا.. المنتج مشكلة هو الذي يتحكم في مصير السينما!! * الفراشة أنظر إلي شركات الإنتاج الآن.. ان معظم شركات الإنتاج يمتلكها سينمائيون.. أو يديرها سينمائيون.. نجوم ونجمات.. واتحادات.. إلي جانب منتجين اخرين نجوم في عالم الإنتاج.. وينتظرون تعاون النجوم والممثلين والوجوه الجديدة للتعاون علي التغلب علي مشاكل الإنتاج المادية.. فالمسئول الأول من يكون.. يا صديقي؟! قلت أهل السينما طبعا.. لأنهم الآن فعلا شركاء في عالم الإنتاج. * الفراشة.. إذا الأمل موجود..!! وتحركت السنارة في يدها.. وجذبتها بحنان غريب.. وفي السنارة كانت سمكة تحاول الخلاص.. مدت يدها.. وأمسكت بالسمكة وأخرجتها من السنارة بهدوء.. وحررتها.. واقتربت من الماء.. ووضعت السمكة في الماء.. ولم تتركها.. بل أخذت تنزل معها إلي الأعماق.. ونظرت حولي.. وانقشعت الشبورة.. وجاء شعاع شمس دافئ يخترق الكثافة القاتمة.. وكأنني السمكة التي تحررت من السنارة.. واختفت الفراشة صديقتي العزيزة.. وغادرت الشاطئ إلي الأعماق.. وهي تلوح لي بيديها بالسلام.. وعلي موعد باللقاء!! رابط دائم :