سيطرت فكرة مواجهة التطرف بالموسيقي علي أولي جلسات مؤتمر الموسيقي العربية في دورته ال22 التي عقدت أمس بالمسرح الصغير بدار الاوبرا المصرية, فكان العنوان الرئيسي للندوة الموسيقي والغناء في مواجهة التطرف بالاضافة لعنوان فرعي تحدي العصر. قال د. محمد الماجري من تونس أن نشر الوعي الموسيقي هو السبيل الوحيد لنبذ العنف, والبدء لتعريف الالات الموسيقية وسط الفئات المتعددة أمر مهم, كما ان الترويح عن النفوس هو الحل الفعال من الكبت والانغلاق علي النفس, والموسيقي بصفة خاصة توفر جزءا من الترويح والأمل وتجعل الانسان يتعامل بايجابية فيجب الاستفادة منها. وأضاف د. كفاح فاخوري من لبنان أنه لابد لنا أن ننفتح علي الآخر وان ينفتح الاخر علينا حتي يكتشف الاخر من نحن وما ديننا واننا لسنا متشددين, فعندما طرحت بعض الابحاث عن الانشاد الديني في أحدي المؤتمرات الدولية, اختلف تفكير الحضور وفهموا مدي التناغم في الاختلاف, فكل منا له ثقافته التي يجب ان نقترب منها لكي نفهمها. وقال الباحث الموسيقي سليم الزغبي من فلسطين أن الموضوع الاساسي هل الموسيقي اسلوب حياتنا ام لا؟, فمهما كانت انواعها لكن يظل هذا السؤال الاساسي فيجب ان ننمي فكرنا الانساني بالموسيقي لانها هي من تنقلنا للمثل العليا, وبذلك سنتجاوز جزء كبير من المعركة ضد التطرف, ويجب الا ننظر للموسيقي علي انها موضوع علمي لكنها موضوع فكري وانساني, وفي مواجهة التطرف سنجد ان الموسيقي لا تعرف حدود جغرافية لانه كلما اغلقنا علي انفسنا سيكبر التطرف الفكري اكثر, والموسيقي ليست هدف او طريق منفرد او وسيلة هي مزيج بين الاثنين ولابد من ان نخلق توازن بينهما. أما الباحث والناقد الموسيقي د.أشرف عبد الرحمن من مصر فقد طرح بحث بعنوان دور الأغنية في مواجهة العنف والتطرف في مصر أن كان هناك خطر علي الاستعمار الانجليزي من المقاهي لانها كانت مركز اشعاع ثقافي لما كان تضمه عليها من الغناء والنقاشات وغيرها من الفنون, وعندما لم يستطيع الاستعمار اغلاق هذه الاماكن كان الحل هو نشر الاغاني الهابطة لإفساد الذوق العام, وعندما جاءت ثورة1919 اعادت المطربين للأغنية الجادة. كما أن الانحدار في الاغنية لا يأتي فجأة ففي البداية هناك الاغاني الجيدة ثم ظهرت الاغنية الهابطة, حتي وصلت الأن للأغنية المفسدة التي بدأت التأثير علي المستمع بشكل سلبي, وهناك فرق ما بين الاغنية السريعة والصاخبة التي نسمعها هذه الايام التي خرجت عن الجماليات في اللحن والكلمات. وأضاف أن دور الاغنية الان في مصر في تلك الفترة الصعبة لم يكن لها دور فعال علي الارض حاليا لان الفنانين لم يعوا مدي تأثير الاغنية علي المجتمع, ليس من اهداف الفن ان يحاسب احد لكن الفن دوره ان يصحح مفاهيم, وأصبح الوسط الغنائي حلبة صراع وليس طرف للتهدئة, مثل اغنية علي الحجار انتوا ناس واحنا ناس, فالمشكلة انه لا يوجد وعي بالاغنية وفلسفتها حتي في بعض المعاهد الموسيقية الخاصة, لان الأغنية يمكن لها أن تؤرخ لأحاسيس الشعوب فهي التاريخ المغني فينقصنا كثير كفنانين ونقاد يجب ان نصحح مفاهيمنا والا نخلط بين المصطلحات. ولم تتعرض اغنية علي الحجار انتوا شعب للانتقاد فقط في الجلسة الأولي ولكن تكرر هذا في الجلسة الثاني وكان محورها الأغنية الوطنية اذ قالت د. أمل جمال الدين التي قدمت بحث بعنوان الأغنية الوطنية في مصر بين القديم والحديث إن أغنية الحجار تقع تحت بند الأغاني المستفذة للآخر, وتضرب بذلك مثال علي ما وصلت اليه الأغنية الوطنية بعد ثورة30 يونيو, كما استعرضت في بحثها من خلال فيلم مصور الاغاني الوطنية والتي كان لها اكثر من شكل منها في حب الوطن, او الأغاني التي تم غنائها للزعماء مثل جمال عبد الناصر, والاغاني المحفزة علي الحرب مثل اغنية أهلا بالمعارك لعبد الحليم حافظ, وتميزت الاصوات فيها بالزخارف اللحنية وقوة الاصوات والتمكن فيما قبل النكسة, فالاغنية الوطنية هي انعكاس لمشاعر واحاسيس المجتمع, فبعد النكسة ظهر هذا في الاغاني مثل بيوت السويس, وعدي النهار, كما ظهرت الاغاني المحفزة لعدم الانكسار والوقوف امام العدو مثل اغنية فدائي, كما ظهر الشيخ امام بأغانية الوطنية يا مصر قومي وشدي الحيل, اما في فترة حرب اكتوبر كانت اكثر الفترات التي ظهرت بها الاغاني الوطنية نظرا للإنتصار, ولكن لم تختفي الاغاني الحزينة والطربية والحماسية التي تقع تحت بند الاغاني الوطنية. واضافة أنه في الفترة الاخيرة ونظرا للتراخي السياسي قد أثر ذلك علي الأغاني الوطنية والتي تحولت لأغاني اقرب للعاطفية بعيدا عن الحماسة, بخلاف الاغاني الحماسية التي ظهرت لتشجيع المصريين اثناء مباريات كرة القدم, حتي جاءت ثورة25 يناير التي حملت كثير من الألم نظرا لأن العدو لم يكن عدوا خارجيا, بل من أبناء الوطن. رابط دائم :