بساط أخضر ليس له نهاية، حيوانات برية مفترسة وأليفة هنا وهناك، حيوات مختلفة وعوالم غريبة، وتخييم في وسط الغابات المحفوفة بالخطر والظلام الدامس ليلًا لا يسمع فيها سوى العواء والزئير وكاميرا يحملها إنسان، العدسة تتسع ويبعد مداها ويقترب ليلتقط أخطر اللحظات ويسجل أروع اللقطات. اختار مجدي على المصور الفوتوغرافي الحياة البرية بالقارة الأفريقية ليتجول في غاباتها ويلتقط صورًا رائعة للحيوانات والطيور والنباتات البرية، ليس هذا فحسب بل أصبح أحد أهم منظمي رحلات برية من مصر إلى أفريقيا، لتكون بمثابة ورش تصوير واقعية وتحفها المخاطر. مجموعة كبيرة من الصور الرائعة والتي تنطق بالحياة لحيوانات برية من القارة الأفريقية، تراها في معارض مجدي علي، شاهدة على جولاته ورحلاته. بدأ بمعرض في الجامعة الأمريكية ليكون الأول من نوعه في مصر ثم انطلق بعدة معارض في عدة محافظات كان من أهم ما يميز معارضه هي الإضاءة الغير مباشرة خلف اللوحات وباقي القاعة مظلم مما يجسد صورة الحيوان بشكل ثلاثي الأبعاد يوحي بالواقعية وكأن الحيوان يخرج من إطار اللوحة، وكذلك الموسيقى المصاحبة لأصوات الطيور والحيوانات البرية بشكل يوحى لك بجو حقيقي للغابة. عشق على التصوير منذ أن كان عمره السابعة حينما أهداه أحد أقاربه كاميرا فوتوغرافية، ومنذ ذلك الحين لم يترك شيئًا إلا وصوره. ويقول على ل"بوابة الأهرام": درست الصحافة قسم تصوير بجامعة الأزهر، ثم ارتحلت من مصر إلى السويد بهدف الهجرة وهناك عملت لمدة خمس سنوات في أستوديو صغير للتصوير، ثم سافرت إلى لندن، وهناك عملت في تنظيم المؤتمرات والميديا. كانت نقطة الانطلاق وتحديدًا في أواخر التسعينات حينما حضر على معرضًا ضم صورًا كثيرة عن أماكن سياحية في العالم كله، وكان من بينهم صورعن أفريقيا، بالإضافة إلى عروض للسفر إلى الدول الأفريقية المعروفة بغناها بالحياة البرية. يقول على : في عام 2000 قررت السفر في رحلة برية من القاهرة إلى مدينة كيب تاون بجنوب أفريقيا، استغرقت 77 يومًا، مشيرًا إلى أنه كان يعيش في حلم رغم تعب الرحلة وقسوتها، حيث سافروا عن طريق البر وفى أتوبيس كبير وبعض سيارات الدفع الرباعي، وقد مروا في طريقهم من مصر بالسودان، وأثيوبيا، كينيا، البانيا، ملاوي، زامبيا، بيتسوانا، نامبيا، جنوب أفريقيا. وعن المواقف الصعبة التي واجهته أثناء تلك الرحلة هو وفريقه، قال على وهو يتذكر لحظات من الرعب المضحكة: كنا نسير على الطرق نهارًا ونقوم بالتخييم ليلًا تفاديًا للمخاطر التي يمكن أن نتعرض لها، أو أن تتعرض لنا الحيوانات المفترسة، فقمنا بالتخييم في تنزانيا بأحد الغابات وكان المكان مظلم لنتفاجأ ونحن نائمون بأصوات عالية ودبيب أقدام عملاقة على الأرض قادمة في اتجاهنا لنكتشف بأننا قد خيمنا في ممر تسير فيه الأفيال لتشرب من النهر ليلًا فأصبنا بالذعر الذي تحول إلى ضحك هستيري. ويروى على، عن أهم النقاط التي تعلمها من رحلته الأولى إلى البراري كما كان يوجهه المرشدون، حيث يقوم هو الآن بنفس الدور مع المجموعات التي ترتحل معه، فيؤكد أنه لابد أن تكون الخيام خضراء بلون النباتات والأشجار ولا تحتوى على ألوان ملفتة، حتى لا يسبب ذلك هياجًا للحيوانات. يضيف، أنه عندما يهاجمنا حيوان مفترس كالأسد مثلًا، ففي هذه الحالة علينا بالوقوف في أماكنا ثابتين لا تصدر عن أجسامنا أي حركة، مضيفًا، كذلك ممنوع وضع عطور، مؤكدًا أن حاسة الشم لدى تلك الحيوانات حساسة للغاية، كما أنها لا ترى كل شئ سوى بالأبيض والأسود. ويتابع، كنا ندخل الغابة بسيارات دفع رباعي صغيرة، وفى الشتاء كانت الحيوانات تدخل أسفلها لتتدفأ تحتها، وكنا نضطر للوقوف حتى تخرج وتمشى، ويحكى عن أحد المواقف التي تعرض لها، قائلًا، كان يوجد أسد نائمًا بجوار السيارة التي أجلس فيها، فأخرجت رأسي من النافذة لتصويره وفجأة وقعت منى الكاميرا عند الأسد فأصدر صوتًا مهيبًا مرعبًا، لا أنساه حتى الآن، فقمنا بمغامرة شديدة الخطورة حينها لنحصل على الكاميرا. يؤكد المصور الفوتوغرافي ل"بوابة الأهرام" أن حياة البراري رغم خطورتها إلا أنها ممتعة فهي تعتبر كنزًا كبيرًا للمصور، لا يشبع منه أبدًا، مشيرًا إلى أنه يذهب في تلك الرحلة ثلاث مرات كل عام، مع اختلاف الأمر بأنه أصبح هو قائد الرحلة ومرشدها، حيث سافر إلى 17 دولة أفريقية. يشير على إلى أنه منذ خمس سنوات تقريبًا بدأ في عمل ورش في البراري، لافتًا إلى أن الرحلة الواحدة من القاهرة إلى أي دولة افريقية، حوالي 1200 دولار أمريكي كتكاليف للرحلة كاملة شاملة الانتقالات والإقامة، أما دخول الغابة لمدة يوم واحد من 90-100 دولار أمريكي. ويؤكد على ل"بوابة الأهرام"، أن هناك مصريين يعشقون تلك المغامرات ويتعجب قائلًا: أن الشباب الأقل إقبالًا على تلك الرحلات، ويستطرد بدهشة، كان معي في آخر رحلة لجنوب أفريقيا سيدة مصرية يبلغ عمرها 70 عامًا، وكذلك رجل تجاوز عمره ال60 عامًا، جاءا حبًا في روح المغامرة وتعويض من فاتهما في عمر الشباب. يقوم علي بعمل الرحلات خلال فصل الصيف، عقب انتهاء موسم المطر، حيث يكون الجو ربيعيًا، ولا يقوم برحلات أثناء فصل الشتاء لوعورة الطرق المؤدية إلى الغابات. اختار مجدي على أن يستقر مرة أخرى في القاهرة قاطعًا هجرته إلى الدول الأوربية، قائلًا، الهجرة كانت تجربة أما البقاء في مصر فهو اختيار أخير، متمنيًا أن يقوم برحلات قادمة في الصحراء البيضاء والغربية لتصوير الحياة بها.