جاءت الأرقام التي أعلنتها وزارة المالية في مشروع الموازنة العامة 2011 – 2012 لتحمل التفاؤل في معالجة بعض مشاكل العامة من المواطنين، وإن كان هناك اعتراض كبير على تحديد الحد الأدنى للأجور ب700 جنيه. كما أن بعض رجال الأعمال قالوا إن الموازنة جاءت مخيبة للآمال لهم، ولجذب الاستثمارات بسبب فرض المزيد من الضرائب على الاستثمار، في وقت كان يتطلع فيه المستثمرون لتخفيف عبء الضرائب وإلغاء المصروفات والرسوم الإدارية عند التعامل مع وحدات الجهاز الإداري. يقول إبراهيم الأزهري، الأمين العام لاتحاد العمال، إن قيام وزير المالية بتحديد الحد الأدنى ب700 جنيه هو انفراد منه بالقرار، وإلغاء لدور المجلس القومي للأجور الذي أنشئ لأجل هذا الغرض. مؤكداً أن هذا الحد الأدنى ضعيف للغاية، مقابل ما حدده المجلس منذ عامين ب1200 جنيه، وأن هذا الحد يصل اليوم إلى 1500 جنيه نتيجة ارتفاع أسعار السلع والخدمات عالميًا ومحليًا. ويضاف أن مشروع الموازنة لم يحدد آلية محددة يعهد بها إلى الاتحاد العام لعمال مصر يلزم بها القطاع الخاص لتنفيذ مثل هذه القرارات التي لا يلتزم بها أصحاب الأعمال دومًا، ولكنه يتفق وتعليمات الحكومة بربط إعانة البطالة بالتدريب لحث الشباب على تطوير أنفسهم والبحث عن فرص عمل مجدية. لا.. لزيادة الدعم للأغنياء أما الدكتور حمدي عبدالعظيم، عميد أكاديمية السادات للعلوم الإدارية الأسبق، فيؤكد أن الموازنة تضمنت جوانب إيجابية نحو زيادة الأجور والمعاشات وزيادة الأرقام المخصصة للخدمات مثل التعليم والصحة والبحث العلمي، وهو ما يعني انعكاسا لزيادة المشروعات التي تمس البنية الأساسية التي تستوعب بدورها عمالة وفيرة، وتساهم في زيادة النمو الاقتصادي. بينما انتقد زيادة الدعم للمواد البترولية، حيث يرى أنه يدعم بذلك الصناعات الكبيرة التي يحقق أصحابها عوائد وأرباحا كبيرة، وهذه الصناعات ذات استخدام كثيف للطاقة مثل الأسمنت والحديد والأسمدة والألمونيوم، وبالمثل فإن الموازنة خفضت الدعم للمصدرين لكنها لم تلغه، وهو ما يجب قصره على المصدّر لأول مرة حتى يمكن تثبيت أقدامه في الأسواق العالمية، على أن يرفع عنه الدعم عقب ذلك ومثل هذا الدعم للطاقة والتصدير يعرف بدعم الأغنياء. ويشير إلى أن بند المشروعات من البنود الأخيرة التي يتم وضعها على الأرفف إذا ما توفرت لها أموالا من عدمه، وغالباً لا تتوفر، ويترتب على ذلك زيادة عجز السيولة لشركات المقاولات نتيجة توقف هذه المشروعات في وقت يفرض على هذه الشركات أجور ومرتبات العاملين فيها وسداد أقساط البنوك وشراء الأجهزة والمعدات لتحديثها. ويرى أن فرض ضرائب على توزيعات الأسهم والسندات غير مناسب ويقلل من النشاط الاستثماري ويمكن تأجيل هذا البند حتي تتحسن أوضاع البورصة حتي حلول 2012. كما يؤكد أن صغار المستثمرين كانوا يتوقعوا أن تعفيهم الدولة من الرسوم الإدارية والتسجيل لتشجيعهم في مشروعاتهم وهو ما لم يحدث. ازدواجية في فرض الضرائب أما الدكتور سعيد عبدالمنعم، نائب رئيس جامعة عين شمس وأستاذ المحاسبة والضرائب، فيرى أن أرقام الموازنة خفضت العبء إلى حد ما على المواطن العادي، لكن المشكلة في الطرق التقليدية لتوفير الموارد وهي فرض المزيد من الضرائب وهذا مثار انتقاد كبير للحكومة.. فقد فرضت المالية 10% على توزيعات الأسهم والسندات وهذا يعني ازدواجا ضريبيا وزيادة جملة ما تدفعه الشركات على الأرباح التي تحققها إلى 30%، لأن هذه الشركات تدفع 20% على الأرباح كاملة، ثم 10% على توزيعات الأسهم والسندات لحملة الأسهم والسندات وأعضاء مجلس الإدارة، وهذا منفر للاستثمار في الأوراق المالية على وجه الخصوص، مؤكدا أن الشركات العائلية المغلقة سوف تتحايل على هذا البند بعدم توزيع عوائد توزيعات وإعادة ضخها داخل الشركة سراً. أما الضريبة التصاعدية، فيؤكد دكتور أنها متواجدة ومعمول بها في القانون الحالي على مستوى الأفراد، لذا فلا بد أن يتم رفع حد الإعفاء للأفراد، وتوسيع شرائح تطبيق هذه الضريبة حتى يتم تفعيل جدواها. أما بالنسبة للشركات فيرى أنها ازدواجية، لأن الشركات تدفع 20% وعاء ضريبيا، إضافة إلى 5%، مما يمثل عبئا على الشركات، خصوصاً شركات الأشخاص. ويقترح الابتعاد عن فرض الضريبة المباشرة والاتجاه إلى الضريبة عند الإنفاق، مثل زيادة الضريبة على السجائر والدخان وهكذا على السلع المستفزة مثل السيارات الفارهة والويسكي وصالات الديسكو والقمار بالفنادق، حيث إن ذلك لا يضر بمحدودي الدخل. ويقترح أيضاً أن تلغي الحكومة الضريبة على المرتبات، حيث إن العائد من ورائها 8 مليارات جنيه، ونفقات تحصيلها أكثر من 80% من قيمتها، وهذا البند يكفي لزيادة المرتبات 20% دون توفير الموارد. حلم الوصول إلى 200 مليار جنيه صادرات بينما يري على عيسى، رئيس الشعبة العامة للمصدرين باتحاد الغرف التجارية، أن تخفيض دعم الصادرات في وقت يعاني فيه المصدرون من مشاكل في الأسواق الخارجية كان غير متوقع، لأن الحكومة وضعت خطة للوصول بالصادرات إلى 200 مليار جنيه خلال الأربع سنوات القادمة، ولكن زيادة الضرائب على أرباح الشركات السنوية في مثل هذه الظروف التي يعانيها الاستثمار من انفلات أمني وعدم استقرار سياسي وركود، فإن هذا يعني تدمير نشاط الشركات. لذا فهو يقترح إيقاف تنفيذ هذه الزيادة الضريبية لحين تحسن الحالة الاقتصادية. ويطالب الحكومة بالتوسع في تعميم الخدمات اللوجستية في الموانيء والمطارات والجهات الإدارية التي تتعامل مع حركة التجارة الداخلية والخارجية، ولا مانع من زيادة الرسوم الإدارية مقابل هذه الخدمات. المخزون والفاقد أما الدكتور فريد النجار، أستاذ الاستثمار والتمويل بتجارة الزقازيق، أن الموازنة كان يجب توزيع بنودها قبل إعلانها على الجهات الإدارية والوزارات المختلفة لاستطلاع آرائهم حول كل بند، بل إن كل محافظة من المحافظات يجب توزيع المخصصات المالية لها وفقاً للمشروعات الملحة التي تحتاجها بما يتماشى مع مواردها والمشروعات التي تتطلبها. ويطالب الحكومة بزيادة الموارد غير التقليدية مثل التوسع في المشروعات الضخمة خارج مصر كما هو الحال في المشروعات التي ستنفذها في السودان وإثيوبيا. كما طالب أيضًا التخلص من الركود في مخازن الحكومة وتقليل الفاقد في كل الأنشطة الاقتصادية وتشجيع التبادل السلعي بين الدول.