حالة من الاستياء والغضب تسود مجتمع الاعمال والمستثمرين بعد إعلان وزارة المالية عن فرض ضرائب جديدة علي الأرباح الرأسمالية بنسبة 10 % علاوة علي زيادة ضريبة الدخل بنسبة تصل ل 25% بدلا من 20 % وأكد المستثمرون أن التوقيت غير مناسب بالمرة لفرض ضرائب جديدة وسيكون لها تداعيات سلبية كبيرة علي الاقتصاد المصري ومناخ الاستثمار وستؤدي لزيادة حالات التهرب الضريبي في ظل تدهور الاوضاع الداخلية وتراجع عجلة الانتاج وإصابة السوق بحالة من الركود والكساد وتراجع الصادرات للخارج نتيجة الاضطرابات السياسية التي تشهدها دول المنطقة وطالبوا بضرورة اعادة النظر في الضرائب الرأسمالية واعطاء الاولوية القصوي لعودة الاستقرار وعجلة الانتاج لما كانت عليه وجذب استثمارات جديد محلية وأجنبية . وأعلنت وزارة المالية عن فرض ضرائب تصاعدية، في إطار العمل علي سد العجز في الموازنة العامة الجديدة لعام 2011-2012 بإضافة شريحة جديدة قدرها 25%، لمن يزيد دخله علي 10 ملايين جنيه سنويا من الأفراد أو الشركات، لتوفر مليار جنيه زيادة في الايرادات وفرض ضريبة أرباح رأسمالية تقدر ب 10%، علي توزيعات شركات الأموال والأشخاص والدمج والاستحواذ وإعادة تقييم الأصول والشركات المقامة بنظام المناطق الحرة ، سواء كانت هذه الارباح دورية أو غير دورية وسواء تم توزيعها نقدا أو عينا علي شكل أسهم أو سندات أو حصص تأسيس أو علي أي صورة أخري ولو بطريقة غير مباشرة. واكد د. سمير رضوان وزير المالية علي أن الضريبة الجديدة لتحقيق العدالة الضريبية وبما لا يحبط المستثمرين فقد تم استحداث شريحة جديدة بهيكل ضرائب الدخل بنسبة 25% تطبق علي دخول الأفراد والشركات التي تزيد قيمتها علي 10 ملايين جنيه سنويا، وأيضا رفع معدلات الضرائب علي السجائر المحلية والمستوردة بنسبة 10% لتصل الضريبة المفروضة علي السجائر إلي 50% وهو ما سيوفر موارد للدولة بنحو 1.2 مليار جنيه. مشيرا إلي أن الموازنة الجديدة ليست موازنة عادية إنما هي موازنة إدارة أزمة ولكنها تستهدف أيضا تحفيز الاقتصاد المصري في مرحلة ما بعد الأزمة حيث تتوخي 3 أمور أساسية وهي زيادة الإيرادات العامة واستخدامها لتحفيز وتنشيط الاقتصاد المصري، والأمر الثاني تحقيق العدالة الاجتماعية من خلال استخدام الإنفاق العام والسياسة الضريبية، والأمر الثالث ضمان استمرارية وديمومة برامج الانفاق العام وتتضمن الملامح الأساسية لمشروع الموازنة، والتي رصدت نحو 287 مليار جنيه للبعد الاجتماعي بزيادة 52 مليارا عن الانفاق الفعلي خلال العام المالي الحالي، حيث تتضمن 55.6 مليار جنيه مخصصات للتعليم مقابل 48.6 مليار العام الحالي بنمو 14%، ونحو 25 مليارا للصحة مقابل 20.9 مليار جنيه للعام الحالي بزيادة 19%. كما تشمل مخصصات البعد الاجتماعي 138 مليار جنيه لدعم السلع التموينية والمنتجات البترولية بزيادة 27.5 مليار عن العام الحالي بنسبة نمو 24% أيضا تمت زيادة مخصصات دعم ومساندة نظم المعاشات والضمان الاجتماعي إلي 40.5 مليار جنيه بزيادة 10.4 مليار جنيه عن العام المالي الحالي بنسبة نمو 34% كما ارتفعت مخصصات قطاعات الشباب والثقافة والشئون الدينية إلي نحو 16 مليار جنيه بزيادة 1.8 مليار جنيه عن العام الحالي، ولأول مرة تم إدراج 10 مليارات جنيه للمشروع القومي للإسكان الاجتماعي، مع زيادة دعم برامج إسكان محدودي الدخل بنحو 500 مليون جنيه لتصل مخصصاتها بمشروع الموازنة إلي 1500 مليون جنيه بنسبة زيادة 50% عن العام الحالي، بجانب 790 مليون جنيه لدعم فوائد القروض الميسرة لمشروعات الإسكان. وأشار الوزير إلي أن ملامح مشروع الموازنة العامة الجديدة تتضمن أيضا عددا من البرامج التي تم استحداثها لأول مرة مثل رصد 7.5 مليار جنيه لبدء إصلاح هيكل الأجور للعاملين بالجهاز الإداري وذلك لتمويل زيادة الحد الادني للأجور إلي 700 جنيه شهريا بنسبة نمو 66% وهو ما سيستفيد منه 1.9 مليون موظف بالجهاز الإداري للدولة والذين يشغلون حاليا الدرجة السادسة، أيضا تحريك الدرجات التالية في هيكل الأجور بنفس قيمة الزيادة في الحد الادني والبالغة 278 جنيها وليس بنفس نسبة الزيادة وذلك لتقليل نسب التفاوت في قيم الأجور للهيكل الإداري للدولة، مشيرا إلي أن هناك إجراءات ضريبية جديدة تم اتخاذها لمساندة الأجور حيث تم رفع حد الإعفاء الضريبي للمرتبات من 9 آلاف جنيه سنويا حاليا إلي 12 ألف جنيه. وأكد الوزير أن زيادات الأجور سيستفيد منها كل العاملين بالجهاز الإداري للدولة والبالغ عددهم 6.2 مليون موظف ، مشيرا إلي أن هذه الزيادات مع تكلفة العلاوة الاجتماعية والتي تم إقرارها في ابريل الماضي بنسبة 15% سترفع حجم الانفاق علي الأجور وتعويضات العاملين إلي 116.5 مليار جنيه في الموازنة الجديدة. وقال إنه من أول يوليو المقبل ستمتد شبكة الضمان الاجتماعي إلي 1.5 مليون أسرة مصرية بعد زيادة المخصصات المالية لمعاش الضمان الاجتماعي بنحو 1133 مليون جنيه ليصل إلي 2733 مليون جنيه وبنسبة زيادة 71% عن العام السابق. والموازنة ايضا ستخصص 2 مليار جنيه للتدريب، وذلك من خلال استحداث نظام جديد لتدريب الخريجين عمليا في المصانع والشركات مع تحمل جزء كبير من تكلفة تدريبهم ، بجانب الاتفاق مع تلك المصانع والشركات علي توفير فرص عمل لهم بمجرد انتهاء تدريبهم، بحيث يتم ربط برامج التدريب بوظائف حقيقية للشباب وزيادة الانفاق علي الاستثمارات الحكومية، خاصة في القطاعات الأساسية، إلي 55.9 مليار جنيه. ومن ناحيته ينتقد عادل العزبي نائب رئس شعبة المستثمرين بالاتحاد العام للغرف التجارية قرار الحكومة بفرض ضرائب رأسمالية جديدة مؤكدا أن المسئولين في مصر مازالوا يسيرون علي ثقافة "طقة دماغ" بمعني تنفيذ أي فكرة أو قرار يأتي علي ذهن المسئول دون التفكير ودراسة القرار بجميع جوانبه والتداعيات الناتجة عن اتخاذه وما يحدث محاكاة لما كان يحدث في الماضي قبل ثورة 25 يناير ومازالت الحكومة تسير بنفس أساليب الماضي ويشير إلي أن الضرائب الجديدة ستكون لها نتائج عكسية وسلبية لانها ستؤدي لزيادة عملية التهرب الضريبي وسليجأ المستثمرون لكل الحيل القانونية للتملص من هذه الضرائب سواء بتقسيم الشركة لشركتين بحيث تتوزع الأرباح عليهما حتي مصانع الحديد والأسمنت بصفتها مصانع ضخمة فمن الممكن تقسيمها من خلال فصل ويقول العزبي بصفتي الشخصية اوافق علي الضريبة الجديدة ولكن كان علي الحكومة دراسة القرار بشكل موسع والتعرف علي جميع ابعاده ونتائجه قبل الإعلان عنه وشدد العزبي علي ضرورة وضع الحكومة لمنهج واستراتيجية تسير عليها خلال الفترة القادمة ووضع خطط قصيرة وطويلة الأجل كما يحدث في جميع دول العالم ولا يكون الأمر عشوائيا واتخاذ أي قرار بهدف حل المشاكل الآنية والتغاضي عن عواقبه ونتائجه علي المدي المتوسط والطويل . شريف البلتاجي رئيس المجلس التصديري للحاصلات الزراعية يؤكد علي أن فرض ضريبة علي الأرباح الرأسمالية أمر غير مقبول وسيكون له تداعيات سلبية علي الاستثمار ولابد من إعادة النظر فيها مرة أخري خاصة وأن القرار يأتي في إطار مشروع الموازنة العامة الجديدة للدولة وليس بالموازنة النهائية ومن الممكن اجراء تغييرات علي بنودها طالما لم يتم اقرارها بعد وبالنظر لمشروع الموازنة سنجد انها قائمة علي محورين أساسيين الأول تنمية النشاط الاقتصاد والثاني التكافل الاجتماعي ولتحقيق البعد الاجتماعي لابد أن تكون هناك زيادة في الإنتاج ونمو في الصادرات والموزانة الجديدة خفضت الدعم ومساندة للصادرات في الوقت الذي كان يفترض زيادة دعم الصادرات لتنشيطها باعتبارها المورد الاساسي للعملة الصعبة وزيادة ايرادات الدخل القومي في ظل توقف القطاعات الاخري مثل السياحة والعقارات بعد الثورة والانفاق علي الصادرات هو نوع من الاستثمار لأنه يوفر المزيد من فرص العمل ويسهم في زيادة ايراردات الدولة وهناك نقطة ايجابية في الموازنة الجديدة وهي تخصيص 2 مليار جنيه للتدريب وهو عنصر مهم وضروري للاستثمار في البشر لأن زيادة كفاءة العمالة تعني زيادة وجودة الانتاج ولكن يجب التاكيد علي جدية التدريب ومستوي جودته لتخريج عمالة مؤهلة وفي القطاعات التي يحتاجها السوق . ويؤكد وليد هلال رئيس المجلس التصديري للصناعات الكيماوية والأسمدة علي أن توقيت فرض الضرائب الجديدة غير مناسب في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها الصناعة وحالة الكساد والركود التي أصابت السوق ولكن مجتمع الأعمال سيتقبلها ايمانا منه بدوره الاجتماعي وضرورة مساندة المجتمع المصري في أزمته الحالية وحتي يمر الاقتصاد الوطني بسلام في المرحلة الانتقالية الصعبة التي يمر بها حاليا . ومن جهته يقول محمد شكري رئيس غرفة الصناعات الغذائية الحكومة لم يحالفها الصواب في فرض الضرائب الجديدة في ظل ما يعانيه السوق من مشاكل في الانتاج والمبيعات والقرار غير صائب بالمرة ويحمل رسالة سلبية لمجتمع الأعمال والمستثمرين علاوة علي أن التوقيت غير مناسب وإصابة السوق بحالة من الركود والكساد وتراجع حجم الإنتاج والمبيعات والصادرات وارتفاع تكلفة الإنتاج وكل ذلك يمثل المزيد من الضغوط والأعباء علي الصناعة بما يضاعف من حجم آلامها ومشاكلها .