قال عدد من النقاد ل"بوابة الأهرام" إنه برحيل الكاتبة والناقدة الدكتورة ثناء أنس الوجود، رئيس قسم اللغة العربية بكلية الآداب بجامعة عين شمس، التي غادرت دنيانا بنبل وصمت أمس الجمعة، تفقد الحركة النقدية سندًا مهمًا ونظيفًا، حيث آمنت بالأدب كوسيلة للتغيير المجتمعي. فى البداية، يقول الناقد الدكتور مدحت الجيار: إن ثناء أنس الوجود واحدة من الكفاءات العلمية والخبرة الفنية النقدية. عاشت طوال حياتها فى اجتهاد لجلب المعلومات، سواء داخل مصر بالترقى حتى درجة أستاذ، أو خارج مصر فى الإعارات التى خرجت فيها إلى البلدان العربية لتكتسب خبرة جديدة. وكشف الجيار أنها أيضا اكتسبت خبرات كثيرة جدا قبل دراسة اللغة العربية عبر النقد الأدبى، حيث حصلت على ليسانس الاقتصاد والعلوم السياسية، كما قامت ببعض الدراسات القانونية. وأضاف: عملت أيضا فى الإذاعة المصرية قبل أن تُعين فى جامعة عين شمس، لافتا إلى أنها تزوجت من الراحل الدكتور إبراهيم عبد الرحمن، لكنها لم تنجب أبناءً فعاشت وحيدة، ومن ثم اجتهدت لتقدم كتابتها ومقالاتها الثرية. وتابع: الحقيقة أنها كانت تنجز ما يُطلب منها للمؤتمرات والندوات فى وقت قياسى، ولهذا ستفقد الحركة النقدية العربية سندًا مهمًّا، بخاصة أن عدد الناقدات قليل، وأن الذين آمنوا بالأدب والنقد كوسيلة للتغيير المجتمعى نادرون هذه الأيام. من جانبه، قال الشاعر والناقد شعبان يوسف: "أنس الوجود" من أجمل وأرق الناس بخاصة فى التعامل القريب. إنسانة معطاءة، لا تتردد فى مناقشة أى عمل لكاتب، صغيرًا كان أو كبيرًا. وأكد أنها كانت جادة وواضحة فى المناقشة، جريئة فى تصوراتها فيما تعتقد، لم تكن تلون علاقتها بأى نوع من الزيف، بل كانت صريحة إلى حد كبير، وقادرة على استكشاف العناصر الغائبة فى النصوص بحكم تخصصها فى الأدب الشعبى، وكانت قادرة على إثراء الأعمال الأدبية فى هذه الزاوية. وأردف: كانت تواقة إلى نشر كتابتها فى الصحف، لكنها تولت رئاسة قسم اللغة العربية لدورتين متتاليتين بالجامعة، وبالتالى أخذها ذلك بعض الشيء من ممارسة الدور الأدبى أو الكتابة على النحو الذى تريده. وأكد: لكن أثرها تجلى فيما تقوله فى ندوات ومؤتمرات، حيث تمتعت بمعرفة ثاقبة بالتراث العربى، بخاصة الشعر، بعين عصرية فاحصة. وأضاف: أعتقد أن سيرتها الأكاديمية من السير النظيفة، وهى مثال يحتذى به فى وقت نجد فيه كثيرا من الأساتذة اللصوص، مشيرا إلى وقوفها بجوار طلابها، وعدم سعيها إلى أن تكون موجودة فى وظائف الدولة بأى شكل من الأشكال، بل كانت زاهدة، وعاشقة للعمل الأكاديمى فى حد ذاته. أما الناقد أحمد حسن عوض فقال: "أنس الوجود" من النقاد المهمين بمصر، لم يكن جهدها مقصورا على الحركة الأكاديمية الجامعية فقط، وإنما كانت تشارك فى الحياة الثقافية والعامة بحضورها القوى ومناقشتها المتعددة فى الندوات المختلفة فى أرجاء مصر. ورأى أنها كانت نموذجا للمثقف الذى يرى أن تأثير الأستاذ الجامعى ينبغى أن يتعدى أسوار الجامعة ليلتحم بالتيارات الثقافية والظواهر الإبداعية الجديدة، ويكون له رأيه فى تحليل هذه الظواهر والإبداعات والتعليق عليها وتوجيه شباب المبدعين لتطوير تجاربهم الإبداعية، وتشهد بذلك الندوات النقدية الكثيرة التى كانت تشارك فيها، سواء فى أتيليه القاهرة أو المجلس الأعلى للثقافة أو ورشة الزيتون. يُذكر أن الراحلة د.ثناء أنس الوجود، نشأت في صعيد مصر، واستقرت بالقاهرة منذ حصولها على الدرجة الجامعية الأولى سنة 1977، من جامعة عين شمس، وحصلت وعلى الماجستير عام 1983، والدكتوراه عام 1986. وقد تخصصت د.ثناء في الأدب الشعبى القديم، وتولت رئاسة قسم اللغة العربية بكلية الآداب بجامعة عين شمس، ومن أعمالها: "صورة الصحراء في الشعر الجاهلي"، "رؤية العالم عند الجاهليين"، "تجليات الطبيعة والحيوان في الشعر الأموي"، وغيرها.