أكدت حنين الزعبي، النائبة العربية بالكنيست الإسرائيلي، أهمية التغييرات الجذرية التي أحدثتها ثورة 25 يناير في مصر، والتي لاتزال تداعياتها تتواصل داخل البلاد وخارجها، خاصة على المستوى الإقليمي. وفيما يتعلق بانطباعات عرب 48 بشأن مجريات الأحداث في مصر، قالت الزعبي" نحن فرحون ومنتشون مما حصل في مصر ونتباهى بالثورة وكأننا صنعناها! ليس لأننا صنعناها فعلا، بل لأننا تماثلنا مع الشباب والصبايا والنساء والرجال والشيوخ الذين خرجوا، ووددنا لو كنا معهم". وقالت الزعبي اليوم الثلاثاء إن "ثورة الشباب" في مصر "أعادت من جديد الاعتبار للشعب كقوة استراتيجية ناسفة لأنظمة الاستبداد والقمع". وقالت الزعبي: "ما من شك أن تداعيات هذه الثورة ستعيد النظر في الغطاء المصري الذي تم توفيره في مسيرة الخنوع والضعف والتنسيق مع إسرائيل التي سارت بها السلطة الفلسطينية والنظام المصري معا، إضافة إلى محور كامل من الدول العربية يسمى بلغة إسرائيل (محور الاعتدال)". وأضافت "من الواضح أن حسابات إسرائيل والسلطة الفلسطينية ستتغير (بعد سقوط نظام مبارك) حيث اعتمد الطرفان على وجود حليف استراتيجي عربي، وهو النظام المصري، منسجم مع السياسات العدوانية الإسرائيلية من جهة ومع سياسات التنازل الفلسطيني الرسمي من جهة أخرى". وتابعت "أعطى نظام مبارك غطاء عربيا لاستمرار المفاوضات مع إسرائيل في ظل سياسات الاستيطان وتهويد القدس، وقد وضع نفس النظام شروطا أمريكية الصنع للوحدة بين فتح وحماس وضيق على المقاومة الفلسطينية، تماشيا مع سياسات منع الإرهاب وفرض الحصار على الفلسطينيين من الجهة المصرية". "كل هذا الدور المصري المتعاون مع إسرائيل ستنسفه تداعيات الثورة المصرية ورجوع سيادة القرار السياسي لشعب مصر العظيم فالثورة أعادت للشعوب دورها". وأكدت النائبة أن الشعوب العربية "تحمل القضية الفلسطينية في وجدانها رغم أن إسرائيل لم تفهم ذلك بعد وهي تظن أن الشعوب العربية ثارت فقط على قضايا داخلية دون أن تمس الثورة الكرامة الوطنية العامة". وقالت إنه في الوقت الذي يظن فيه كثيرون أن إسرائيل ستقلل من اعتمادها على القوة العسكرية وستحاول استباق تداعيات الثورات العربية، يبدو أن إسرائيل تأخذ المنحى النقيض وهو زيادة الاعتماد على القوة العسكرية ورفع الميزانية العسكرية. وأضافت "نحن نستطيع أن نقول إن المرحلة الجديدة التي تؤسس لها الثورات العربية تستطيع أن تكون مرحلة جديدة أيضا فيما يتعلق بالصراع العربي الإسرائيلي، ومن الطبيعي والمنطقي أن تكون كذلك". وأشارت النائبة العربية بالكنيست إلى أن تطور هذا الصراع ومجرياته "اعتمدا في العقد الأخير تحديدا، وحتى ما قبل ذلك، ومنذ أوسلو، وحتى منذ محادثات مدريد، على عاملين، أولهما ضعف العالم العربي وثانيهما التنصل من القضية الفلسطينية كقضية عربية تتعاطى معها الشعوب العربية". وأوضحت الزعبي أنه عندما "ينبض قلب مصر تنبض معها إرادة العالم العربي بأكمله ونحن-الفلسطينيين- نضعف كثيرا بعالم عربي ضعيف ومتخاذل ومسلوب الإرادة"، مشيرة إلى أن الثورة فتحت أفق الانتفاضة الشعبية من جديد. وذكرت أن نموذج ميدان التحرير في مصر قدم للشباب الفلسطيني ما كان عليهم هم أن "يعرضوه للعالم ضد سلطة فاسدة وغارقة في التنسيق الأمني مع إسرائيل وضد احتلال إسرائيلي غارق في تهويد الأرض العربية". وحول تقييمها للحصار المضروب على قطاع غزة منذ منتصف عام 2007 بعدما جرى في مصر، أوضحت الزعبي أن طبيعة العلاقات المصرية الإسرائيلية ستتغير، وذلك "بغض النظر عن طبيعة النظام الذي سيقوم في مصر باتجاه تخفيف حدة الحصار على غزة سواء كان ذلك بتخفيف الحصار المضروب من جانب الحدود المصرية الإسرائيلية أو بالتأثير على عملية صنع القرار السياسي في إسرائيل.. والذي سيرى أنه من الأجدى له عدم تحمل تبعات الحصار الشديد واستباق الأحداث أو الأزمات السياسية بتخفيف الحصار من جهتها (الجهة الإسرائيلية)". وتابعت "عملية إنهاء الحصار السياسي على غزة تتعلق أيضا بمدى اعتماد إسرائيل على تسوية سياسية شاملة تحميها من عواقب الثورات العربية. لكننا نرى أنه رغم تزايد الأصوات الإسرائيلية المنادية بتسوية سياسية تستبق سيطرة الشعوب العربية على مجريات الصراع وعلى الرغم من أن هذه التسوية السياسية تخضع هي أيضا للشروط الإسرائيلية، فإن الخارطة الحزبية في إسرائيل ونزوح المجتمع الإسرائيلي نحو اليمين ونحو سياسات القوة وفرض الحلول العسكرية بالقوة، تؤيد مواجهة عواقب الثورات العربية عبر زيادة القوة العسكرية الإسرائيلية وليس عبر الانخراط بمسار سياسي ما". وفيما يتعلق بالزعم بأن موجة التغيير التي هبت على العالم العربي بأنها مؤامرة أمريكية ، قالت الزعبي " الإدعاء هذا هو المؤامرة على حرية ونهضة الشعوب العربية.. أما الثورات العربية، فهي أكثر شيء حقيقي وصادق وانساني وتحرري وراق حصل في العالم العربي وللإنسان العربي منذ استقلال الدول العربية". وردا على سؤال حول امكانية مشاركتها في "أسطول الحرية 2 “الشهر المقبل والذي سيسعى مجددا إلى رفع الحصار عن غزة ، قالت الزعبي " سأشارك اذا ما أقر مشاركة وفد سياسي يمثل فلسطينيي48". وحول ما تردد عن تعليق صلاحياتها كنائبة في الكنيست الإسرائيلي عقب المشاركة في أسطول الحرية العام الماضي ، قالت الزعبي " لم يتم تعليق صلاحياتي كنائبة.. تم فقط سحب جواز سفري الدبلوماسي وأنا أقوم باستعمال جوازي العادي لدى تنقلي". وأضافت "هناك تهديد بذلك (تعليق الصلاحيات) كما أن هناك تهديدات بسحب الحصانة والمواطنة لكنها كلها تهديدات تدخل في باب التحريض والملاحقة والهدف هو أولا تخويفنا وتخويف كل من ينتمي للتجمع الوطني الديمقراطي بصفته يمثل تهديدا استراتيجيا، كما تصفه إسرائيل". واختتمت الزعبي بقولها " لكن التخويف لن يفيد.. نحن أيضا كسرنا منذ مدة حاجز الخوف كما كسرته الشعوب العربية، وثانيا، وهو الأهم، الهدف هو نزع الشرعية السياسية عن حزب التجمع الوطني الديمقراطي بصفته حزبا يمثل تيارا قوميا طرح مشروعا يناهض الصهيونية".