أثار تقرير هيئة مفوضي المحكمة الدستورية العليا، بشأن دعاوى بطلان، بعض مواد قانون الانتخابات، وما قد يترتب علي ذلك من تأجيل الانتخابات البرلمانية -إذا ما أخذت المحكمة الدستورية بما جاء فى التقرير وحكمت بعدم دستورية تلك القوانين– الارتباك بين بعض القوى السياسية. واختلف موقف القوى السياسية، بين مؤيد ومعارض لتأجيل الانتخابات، من جهة وحول تقديراتهم لتأثير ذلك على المشهد السياسي داخليا وعلى صورة مصر دوليًا. أكد شهاب وجيه، المتحدث باسم حزب المصريين الأحرار فى تصريح ل"بوابة الأهرام" أن الحزب يفضل إجراء الانتخابات فى موعدها إلا أنه سيحترم أحكام القضاء أيا كانت، مشيرا إلى أن تقرير هيئة المفوضين استشارى يخاطب المحكمة ولا يخاطب الشعب. وأعرب وجيه، عن ثقته فى أن المحكمة الدستورية، ستراعى القانون كما ستراعى الظروف الخاصة التى تمر بها البلاد والتى تحتاج لوجود برلمان فى أقرب وقت. ووصف أحمد فوزى، الأمين العام لحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى المشهد فى ظل قبول الطعن على عدم دستورية قوانين الانتخابات بأنه مربك ومعقد يتحمل مسئوليته من صاغوا تلك القوانين منذ البداية متجاهلين مطالب وتحذيرات القوى السياسية المختلفة خاصة وأنه سيجعل الرئيس يجمع بين السلطتين التشريعية والتنفيذية لوقت أطول. أضاف فوزى "من الصعب أن نبدى رأئيًا محددًا فيما يحدث وقد يسفر هذا عن تأجيل الانتخابات لشهور وربما لعام أو أكثر وسيظل البلد دون برلمان أى دون سلطة رقابية على أداء الرئيس والحكومة وتلك كارثة خاصة وأنه فعليا لم يكن لدينا برلمان طوال 4 سنوات مضت". وتابع: "أعتقد أن هذا الإرباك لتأجيل الانتخابات عبر صياغة قوانين مطعون فى دستوريتها متعمد خاصة فى ظل الحملة التى شنها البعض منذ فترة حول المطالبة بتأجيل الانتخابات والإدعاء بأن البرلمان سيعطل الرئيس ويقلص صلاحياته ووجود مرشحين مثل سما المصرى وكأن البرلمان القادم لن يأتى سوى بها"، على حد قوله. واختتم قائلا: "المشكلة أن رئيس المحكمة الدستورية هو من صاغ قانون الانتخابات وأى قوانين سيتم تعديلها سيتم بنفس الأسلوب دون الاستماع لآراء القوى السياسية لذا اقترح أن تقوم المحكمة الدستورية بصياغة القانون الذى تراه دستوريا حتى لا يتم الطعن عليه مستقبلا". من جانبه قال مدحت الزاهد، القائم بأعمال رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكى أن الحزب حذر منذ البداية من خطورة قوانين الانتخابات وما بها من خلل لذا سعى للطعن على دستوريتها. فضلاً عن كونها ستأتى ببرلمان تسيطر عليه القوى التقليدية والعصبيات ورجال الأعمال، كما حذر من مساوىء القوائم المطلقة غير العادلة وطالب بالقوائم النسبية غير المشروطة بوصفها الأفضل لمصر فى الظروف الحالية لكونها تسمح بتمثيل أكبر للأطراف المتنافسة. واعتبر الزاهد، أن صياغة القوانين بهذا الخلل كانت مقصودة لتعطيل استكمال الاستحقاق الثالث من خارطة الطريق فى ظل وجود قوى من النظام القديم لا ترغب بوجود سلطة آخرى رقابية وتشريعية بخلاف سلطة الرئيس تحت دعوى مبررات الوضع الأمنى. وأشار إلى أن تأثير تأجيل الانتخابات، سينعكس على تغيير خرائط التحالفات الانتخابية الحالية التى سيتم إعادة فرزها، مضيفًا "فمثلا تحالف الوفد الذى جمع أطراف كثيرة ثم انضم لقائمة آخرى بعدد مقاعد أقل واضطر للتضحية بأطراف تحالفه، وأيضَا مابين قائمة الجنزورى وقائمة فى حب مصر وهروله البعض باتجاهها ووجود قائمة لأحمد شفيق كل ذلك يكشف مواقف أطراف تمسكت بمبادئها أخرى تعلقت بأذيال السلطة وأخرى تتحرك بالتعليمات". وأضاف أن وجود البرلمان حتى ولوكان دوره محدود فى الرقابة بسبب غلبة نواب الخدمات سيكون أفضل من عدمه، وأن الفراغ الذى سيخلفه عدم وجود البرلمان يجب أن يسده الأحزاب السياسية والمجتمع المدنى والإعلام الشريف عبر ممارسة دور رقابي لصالح الشعب ولصالح السلطة أيضًا. ولفت إلى أن عدم وجود برلمان سيؤثر سلبًا على صورة مصر فى الخارج وسيفسح المجال لترويج دعايات الإخوان وأنصارها بأن 30 يونيو "انقلاب" وليس ثورة وهو مجال لم يكن ليوجد إذا تم استكمال استحقاقات خارطة الطريق، فضلاً عن كونه عامل مهم لجذب الاستثمارات التى تتطلب وجود استقرار سياسي قائم على نظام يحترم التعددية. يرى الزاهد، أن الحل الأمثل هو، وجود قوانين انتخابات جديدة تتجاوب مع المعايير الديمقراطية وتلبي طموحات الشعب وضرورات المرحلة، مشيرًا إلى أن الرئيس يجب أن يعى خطورة الاحتفاظ بالسلطتين التشريعية والتنفيذية لوقت طويل وكذلك وجود تحديات لا يمكن معالجتها بمنظور أمنى. بدوره أكد د. جمال زهران، منسق تحالف العدالة الاجتماعية، أن التحالف حذر من خطورة عدم دستورية تلك القوانين وسعى للطعن عليها لأنها ستؤدى إلى انتخابات مطعون فى دستوريتها وإهدارا للمال الذى سيتم بذله خلالها، مضيفًا "القوانين غير دستورية وما يحدث فى المشهد من تشكيل القوائم وتدخل أجهزة الدولة يشير بقوة إلى أن اللجنة العليا للانتخابات غير قادرة على إدارة المشهد وهناك من يديره من خلف الستار"، على حد قوله. وأضاف زهران، أنه يتعين للحفاظ على المصلحة الوطنية إعادة صياغة قوانين جديدة للانتخابات بحوار مجتمعى وتوافق حقيقي يضم كل القوى السياسية وتفعيل المادة 115 من الدستور التى تنص على أن على رئيس الجمهورية دعوة مجلس النواب للانعقاد قبل الخميس الأول من شهرأكتوبر. واعتبر أن تأجيل الانتخابات، لحين الانتهاء من صياغة قوانين جديدة لا يربك المشهد السياسي بل سيؤدى إلى انتخابات قائمة على قوانين دستورية تؤدى للاستقرار وليس العكس.