أبدي خبراء الاقتصاد والتمويل مخاوفهم من استمرار عمليات السحب من احتياطي النقد الأجنبي، مؤكدين أن البنك المركزي لعب دورًا محوريًا في الفترات السابقة للحفاظ علي هذا الاحتياطي بما يغطي احتياجات البلاد من السلع الاستراتيجية المهمة كالقمح والزيوت والسكر، وفي ذات الوقت يحافظ علي قيمة الجنيه في السوق المحلية أمام العملات الأجنبية، لكن هذا الاحتياطي انخفض نهاية الشهر الماضي إلى 33.33 مليار دولار بعدما كان قد وصل إلي 36.1 مليار في ديسمبر 2010. ويري الدكتور سعيد توفيق، أستاذ الاستثمار والتمويل بتجارة عين شمس، أنه من الطبيعي أن تلجأ الدولة للاحتياطي في ظل التراجع الملحوظ في مرافق عائدات النقد الأجنبي مثل السياحة وحصيلة المصريين العاملين في الخارج والصادرات وتخوف معظم الاستثمارات الأجنبية. وطالب الحكومة بوضع بدائل سريعة لجذب الاستثمارات ودعم الصادرات خشية أن تتزايد الفجوة في ميزان المدفوعات خصوصًا، وأن السلع الغذائية الاستراتيجية تتصاعد أسعارها عالميًا. ويطالب توفيق البنك المركزي بضرورة الحفاظ علي سعر الجنيه أمام العملات الأجنبية من خلال إصدار قرارات بتخفيض نسبة التعزيزات النقدية لعمليات فتح الاعتمادات المستندية في البنوك لمستوردي السلع الغذائية الأساسية كاللحوم والقمح، وكذا استيراد الخامات الأساسية والوسيطة للإنتاج ويحرص المركزي من وراء ذلك الحفاظ علي استقرار سعر الصرف لهذه العملات حتي لا يعود المجتمع إلى عمليات الدولرة. ويحذر الدكتور صبري أبو زيد، أستاذ الاقتصاد وعميد تجارة قناة السويس السابق، من لجوء الحكومة إلي طرح سندات أو أذون للخزانة بالدولار في الأسواق الدولية ثم استهلاكها في سداد مرتبات العاملين وتحسين الأجور أو لتغطية الاعتمادات المستندية لاستيراد السلع الاستهلاكية؛ لأنها تعد ديون تدر فوائد دولارية تحتسب ضمن الديون علي الدولة فلابد لهذه السندات أن تكون طويلة الآجل وكذا الأذون لإمكانية تدويرها أكثر من مرة وأن تستخدم في مشروعات البنية الأساسية التي تعد أساس التنمية تدر عوائد بالدولار حتي لا تصبح مصدرًا للخطر. ويقترح أبو زيد أن تقوم وزارة التجارة بإصدار قرارات بزيادة الرسوم الجمركية علي الواردات من السلع الاستهلاكية أو التي لها مثيل في السوق المحلية، وهذا من شأنه أن يقلل من حجم فاتورة الاستيراد. ولكن إسماعيل حسن، محافظ البنك المركزي المصري الأسبق، يؤكد عدم وجود داع للقلق؛ لأن إجمالي المتبقي من الاحتياطي الحالي يعتبر عند حد الأمان بل أنه يتوقع أن يتصاعد خلال الفترة القادمة لأن الظروف التي كانت تحيط بالثورة لن تكون متواجدة مرة أخري بل هناك جهود كبيرة تبذلها الحكومة لدعم الاستقرار وإجراء إصلاحات في المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية مشيرًا إلى أن البنك المركزي عندما يتخذ قراراً باستثمار هذه الاحتياطات فإنه لا يضع الربحية من وراء هذه الاحتياطات في المقام الأول بل يراعي أن يكون استثمار هذه الأموال في الأوراق المالية وسندات الخزانة لدي حكومات الدول ذات الاقتصاديات القوية، ويراعي سرعة ومرونة تسييل هذه السندات. فى الوقت نفسه يرى أحمد آدم خبير التخطيط والمتابعة السابق بالبنك الوطني للتنمية بأن إجمالي المبالغ التي سحبها البنك المركزي لمواجهة الالتزمات الوطنية للدولة وتحقيق التوازن في سوق الصرف تقترب من 9 مليارات من الدولارات وليس 3 مليارات؛ لأن المركزي استنفد الاحتياطات التحويطية التي يحتفظ بها بعيداً عن الاحتياطات الرسمية المعلن عنها وأن هذه المسحوبات الكبيرة ناتجة عن الهبوط الحاد في موارد النقد الأجنبي كالسياحة والصادرات وتحويلات المصريين من الخارج علاوة علي سحب الأجانب لاستثماراتهم قصيرة الأجل. ويخشي آدم في ظل تصاعد أسعار السلع الأساسية الغذائية عالميًا نتيجة ارتفاع أسعار البترول أن تضعف قوة المركزي في مواجهة عمليات المضاربة علي العملات الأجنبية. ويلقي أحمد آدم باللوم علي البنك المركزي الذي لم يتخذ القرار السليم لتوسيع استثماراته في مجال شراء الذهب الذي تتصاعد أسعاره عالميًا بصفة مستمرة. لكن الدكتورة فائقة الرفاعي مساعد محافظ البنك المركزي سابقًا تعلق من جانبها قائلة: إن البنك المركزي يضع خطة محددة لتنويع الاحتياطات وفقاً للالتزامات الوطنية المحلية والخارجية بحيث تتميز هذه الاستثمارات بالمرونة في سرعة تسييلها لسداد القروض والالتزامات مثل القروض الخارجية، بل يجب أن تكون في أوراق مالية حكومية قوية أو مضمونة بتعهدات حكومية لدول قوية اقتصادياً أو في بنوك ذات درجة تقيم ائتماني قوية. وتضيف أن القول إن حجم الاحتياطات آمنة من عدمه يتطلب أن نحصي نسبة الواردات في ال 3 سنوات الماضية ثم نحتسب المتوسط لها.