تتويجًا لصعوده السياسي وارتقائه سلم المناصب الحكومية.. واتخاذه لسياسة "تصفير المشاكل" القائمة على حسن الجوار والتي تعتبر "ماركة مسجلة" باسم البروفيسور أحمد داود أوغلو، والتي أصدرها في كتابه "العمق الإستراتيجي لتركيا"،الذي نشره إبان فترة عمله بالجامعة، وقد تم اتخاذها كسياسة معلنة لحكومة رجب طيب أردوغان التي أصبح وزيرًا للخارجية فيها فيما بعد..وعندما تولي أردوغان رئاسة تركيا اختار داود أوغلو رئيسًا لحزب (العدالة والتنمية) الحاكم وتم تكليفه بتشكيل الحكومة التركية الثانية والستين. فقد ولد أحمد داود أوغلو ببلدة "طاش كنت" الواقعة أعلى جبال طوروس في مدينة قونية بوسط تركيا في 26 فبراير 1959، وفارقت والدته السيدة "مؤمنة" الحياة وهو في سن الرابعة، ثم انتقل مع والده محمد دوران داود أوغلو، الذي كان يعمل إسكافيًا للعيش بحي "الفاتح" التاريخي بمدينة إسطنبول ليتزوج بعدها مرة ثانية، وعندها ولصغر سنه بدأ أحمد داود أوغلو في التعامل مع زوجة أبيه على أنها والدته التي أنجبته. وتلقى داود أوغلو تعليمه الابتدائي حتى الصف الرابع في مدرسة "حاج سليمان بيك" باسطنبول ليكمل تعليمه الأساسي بعد ذلك في إحدى المدارس بمنطقة "بهشلي إيفلار" التي انتقلت إليها الأسرة في وقت لاحق، ثم تلقى تعليمه الثانوي في مدرسة اسطنبول للبنين ليلتحق بعدها بكلية العلوم الإدارية والاقتصادية بجامعة "بوغازجي" بإسطنبول، وتخرج في قسم الاقتصاد والعلوم السياسية في العام الدراسي 1983- 1984، وأتم دراساته العليا وحصل على درجة الماجستير في قسم الإدارة العامة بالجامعة، ونال بعد ذلك درجة الدكتوراة في قسم العلوم السياسية والعلاقات الدولية. وفي عام 1990 عين داود أوغلو أستاذًا مساعدًا في الجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا وأسس بها قسم العلوم السياسية وترأسه حتى عام 1993، وحصل على لقب أستاذ مشارك في عام 1993، وفي الفترة ما بين 1995 و1999 أصبح عضوا في هيئة التدريس بقسم العلاقات الدولية في جامعة مرمرة باسطنبول، كما شارك في إلقاء محاضرات في القوات المسلحة التركية والأكاديمية الحربية. وأظهر داود أوغلو مهارة في تعلم وإتقان اللغات الأجنبية فقد عُرف عنه إتقانه للغات الألمانية والإنجليزية والعربية بالإضافة إلى لغته الأم التركية. تعرف داود أوغلو على الرئيس التركي الحادي عشر عبد الله جول في فترة الثمانينيات من القرن الماضي، وتطورت علاقتهما حتى أصبحا صديقين مقربين، وعين بعد ذلك داود أوغلو كبيرا لمستشاري رئيس الوزراء في الحكومة التركية الثامنة والخمسين التي شكلها رئيس الوزراء في ذلك الوقت جول بعد الانتخابات العامة التي جرت في الثالث من نوفمبر 2002، ثم عُين بعد ذلك بتوصية من جول سفيرا لرئيس الجمهورية في ذلك الوقت أحمد نجدت سيزر، واستمر في أداء هذه المهام في عهد الحكومتين التاسعة والخمسين والستين بعد أن صعد رجب طيب أردوغان إلى منصب رئاسة الوزراء خلفا لجول. وفي عهد أردوغان.. عين داود أوغلو بوزارة الخارجية التركية، وتم انتخابه بعد ذلك نائبا لحزب العدالة والتنمية عن مدينة قونية بالبرلمان، وعين وزيرًا لخارجية الجمهورية التركية في الأول من مايو 2009. تزوج داود أوغلو في عام 1984 بالدكتورة سارة، أخصائية أمراض النساء والتوليد، وله أربعة أبناء، هم "سفورا"، و"ميمونة"، و"هاجر بيكا"، و"محمد"، وابنته الكبرى "سفورا" متزوجة من أحمد أوز أوكور، الحفيد الثالث لصبري أولكار مؤسس شركة (يلديز) القابضة، أما ابنته الوسطى "ميمونة" فمتزوجة من طلحة طوبتشو، ابن دورسون طوبتشو نائب رئيس غرفة تجارة اسطنبول، وتعد زوجته الدكتورة سارة الصديقة المقربة للسيدة وسيلة إلدان شقيقة أردوغان، وهي من أجرت عملية الولادة لابنة أردوغان إسراء البيرق. كادت محادثات داود أوغلو مع الاتحاد الأوروبي حول الشطر التركي من الجزيرة القبرصية، وموقفه من مشروع الشرق الأوسط الكبير، تعصف بعلاقته بأردوغان، بيد أن رئيس الوزراء فضل استمراره في الوزارة بل وأصبح كاتم سره الذي يصطحبه معه في المقابلات المهمة والشخصية. كان داود أوغلو وأردوغان أول من نددا بجرائم ومجازر نظام بشار الأسد في حق الشعب السوري الذي ثار عليه، فالوضع المشتعل في سوريا التي لها حدود بطول 900 كيلومتر مع تركيا، أصبح مقلقا بعد التحرشات السورية بالطائرات التركية وإسقاط طائرة حربية تركية من قبل; الأمر الذي لم يغفله داود أوغلو وندد به وهدد بإمكانية اتخاذ إجراء عسكري ضد النظام السوري.