أعلن رئيس الوزراء التركي الحالي ورئيس الجمهورية المنتخب رجب طيب أردوغان أنه تم اختيار وزير الخارجية أحمد داود أوغلو لتولي منصب رئيس الوزراء ورئيس حزب (العدالة والتنمية) الحاكم، مؤكدا - في كلمته بعد انتهاء اجتماع اللجنة التنفيذية لحزبه - أن العزم والحزم اللذين أظهرهما داود أوغلو في مكافحة "التنظيم الموازي"، الذي تطلقه الحكومة على جماعة (هيزمات) أو (الخدمة) بزعامة الداعية الإسلامي الشيخ فتح الله جولن، أسهما في ترشيحه لرئاسة الحزب. ومن جانبه، قال داود أوغلو - في الكلمة التي ألقاها في مقر الحزب الحاكم عقب إعلان أردوغان عن ترشيحه لرئاسة الحكومة القادمة - إنهم "سيواصلون حركة الإصلاحات الكبيرة التي تحققت في تركيا على مدى 12 عاما، وإن كادر حزب (العدالة والتنمية) سيقف في وجه الذين يريدون إيقاف مسيرتهم تحت اسم (باراليل ديفليت) أو (التنظيم الموازي) بزعامة جولن الذي يقيم بولاية بنسلفانيا الأمريكية، وقفة تاريخية كالصخرة وسيستمرون في الوقوف". ومن المقرر أن يرشح وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو نفسه لرئاسة الحزب (العدالة والتنمية) الحاكم خلال مؤتمر الحزب الذي يعقد بالعاصمة التركية أنقرة في 27 أغسطس الجاري، ليتم تنصيب رئيس الوزراء الحالي ورئيس الجمهورية المنتخب رجب طيب أردوغان لرئاسة الجمهورية في 28 أغسطس خلال حفل أداء اليمين الدستورية بالبرلمان التركي، وبذلك تنتهي مهام أردوغان كرئيس للوزراء بعد 12 عاما، وسيعين أحد نوابه فور أدائه اليمين الدستورية لتسيير أعمال رئاسة الوزراء بالوكالة. ومن المنتظر أن يكلف رئيس الجمهورية لاحقا داود أوغلو بتشكيل الحكومة التركية الجديدة، ووفقا لمواد الدستور التركي ينبغي عليه تقديم أسماء الحقائب الوزارية الجديدة لرئيس الجمهورية خلال سبعة أيام، وقد لا ينتظر داود أوغلو انتهاء هذه الفترة ويقدمها خلال ثلاثة أو أربعة أيام ليتم بعدها الإعلان عن برنامج الحكومة ال 62 والحصول على ثقة البرلمان لأداء مهامها الرسمية، وعلى الأرجح سيكون بحلول 11 سبتمبر القادم. واتضحت ملامح خطوات الحكومة التركية ال 62 بعد إعلان أردوغان، داود أوغلو رئيسا لوزراء الجمهورية التركية، فيما توجهت الأنظار في بداية الأمر إلى منصب وزارة الخارجية بعد تولي داود أوغلو رئاسة الوزراء، حيث تشير معلومات إلى أن رئيس جهاز المخابرات هاكان فيدان هو من الأسماء المهمة المحتمل توليها هذا المنصب. ترشيح داود أوغلو لرئاسة الحكومة التركية القادمة ال 62 لم يكن مفاجئا لحزبي المعارضة (الشعب الجمهوري) و(الحركة القومية)، حيث علق مساعد رئيس حزب (الشعب الجمهوري) أردوغان طوبراق على ذلك قائلا "عين رئيس الوزراء أردوغان موظفا لهذا المنصب"، مضيفا "إذا نظرتم على خطوات منسق السياسة الخارجية داود أوغلو في الفترة من عام 2002 حتى عام 2014، فمن الممكن تقدير كفاءته، ويمكن القول إن داود أوغلو هو المسئول عن السياسة الخارجية التي وصلت إليها تركيا اليوم ومع تسلمه رئاسة الحكومة ستشهد تركيا فترة أسوأ لأنها وصلت بالفعل إلى درجة سيئة". أما مساعد رئيس حزب الحركة القومية سميح يالتشن فقال إن "داود أوغلو سيكون مجرد مساعد لأردوغان بالقصر الجمهوري، وإعلانه رئيسا للحكومة ليس مفاجئا لنا، فهو لن يكون في الفترة القادمة سوى مدير المكتب الخاص للرئيس المنتخب أردوغان الذي يرغب في استمرار فرض سيطرته على رئاسة الوزراء والحزب"، مؤكدا أن تولي داود أوغلو رئاسة الوزراء سيمثل "وقتا ضائعا لتركيا"، بحسب وصفه. فيما انتقدت الصحف العلمانية تسليم مهام رئاسة الوزراء لداود أوغلو.. حيث قالت صحيفة (جمهوريت) اليوم الجمعة إنه "من الغريب أن يتولى وزير خارجية فاشل في سياسته الخارجية منصب رئاسة الوزراء، حيث لم يتمكن داود أوغلو حتى الآن من التوصل لتحرير 49 رهينة محتجزين في الموصل من قبل تنظيم (داعش)، فضلا عن عدم تمكن المواطن التركي من السفر إلى سوريا والعراق ولبنان وليبيا وإسرائيل ومصر"، على حد قولها. وأضافت الصحيفة أن "الوزير اعتمد مبدأ صفر مشاكل مع الدول المجاورة في سياسته الخارجية، ولكننا نرى اليوم تركيا في مشاكل وخلافات مع جميع دول الجوار، فضلا عن أن الوزير استخدم السياسة الخارجية كآلة دعائية في أيدي حكومة العدالة والتنمية بزعامة أردوغان". ومن جانبها، قالت صحيفة (يورت) إن "تركيا فقدت دورها في إحلال السلام بمنطقة الشرق الأوسط بعد ابتعادها عن السياسة المحايدة والانحياز لطرف واحد، علاوة على تقاربها مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) والمنظمات الإسلامية الأخرى، فضلا عن إتباعها سياسات طائفية"، على حد تعبيرها. أما الصحف التركية الموالية لحكومة (العدالة والتنمية)، فقد أعربت عن ارتياحها وسعادتها لتولي "صاحب العمق الاستراتيجي رئاسة الوزراء خلفا لأردوغان"، حيث قالت صحيفة (صباح) تحت عنوان "صفر مشاكل بين رئيس الجمهورية أردوغان ورئيس الوزراء داود أوغلو" إن "الأخير أحدث خلال عمله كوزير للخارجية تغييرا كبيرا في السياسة الخارجية التركية وأقر به الجميع بعد الجهود الكبيرة التي بذلها لإعادة مكانة تركيا خارجيا ونقل تركيا من دورها الهامشي إلى بلد محوري ومؤثر دوليا". يذكر أن داود أوغلو قد ولد في عام 1959 في بلدة "طاش كنت" التابعة لمحافظة قونية بمنطقة وسط الأناضول وأكمل دراسته الابتدائية في نفس البلدة وانتقل بعدها إلى اسطنبول. وتخرج داود أوغلو في عام 1984 من جامعة مرمرة في قسم الاقتصاد والعلوم السياسية وحصل على شهادة الماجستير في الإدارة العامة في نفس القسم ثم حصل لاحقا على شهادة الدكتوراه في قسم العلاقات الدولية. وعمل داود أوغلو في الجامعة الإسلامية في ماليزيا في عام 1990 وأسس خلال فترة عمله قسم السياسة الذي تولى رئاسته حتى عام 1993، ثم عاد إلى تركيا وواصل حياته الأكاديمية في قسم العلاقات الدولية بجامعة مرمرة بإسطنبول. كما عمل أستاذ زائرا في الأكاديمية الحربية خلال الفترة 1998– 2002 وأكاديمية القوات المسلحة، ثم عمل مستشارا في رئاسة الوزراء التركية في حكومة عبد الله جول، ثم تولى منصب وزير الخارجية التركية في الأول من مايو 2009 ولم يكن حينها نائبا في البرلمان، واعتمد في سياسته الخارجية مبدأ التوازن بين الأمن والديمقراطية، وسياسة "صفر مشاكل" مع الدول المجاورة، وسياسة خارجية متعددة الأبعاد.