قبل أيام من الاستفتاء المقرر إجراؤه السبت على التعديلات الدستورية، التي اقترحتها لجنة شكلها المجلس الأعلى للقوات المسلحة، يتصدر الإخوان المسلمون المؤيدون لهذه التعديلات، فيما ترفضها كل القوى السياسية الأخرى، والمرشحان الأبرزان للرئاسة محمد البرادعي وعمرو موسى. وسيكون على المواطنين السبت التصويت ب"نعم" أو "لا" على تعديلات لتسع مواد من الدستور هي (75 و76 و77 و88 و93 و139 و148 و79 و189)، وهي تعديلات تزيل القيود المفروضة على الترشح لرئاسة الجمهورية وتمنع بقاء الرئيس في السلطة لأكثر من ولايتين متتاليتين مدة كل منهما أربع سنوات. كما تلغي هذه التعديلات المادة 139، التي تتيح لرئيس الجمهورية إحالة المدنيين إلى القضاء العسكري، وتخول مجلس الشعب الذي يفترض انتخابه بعد التعديلات الدستورية، أي في يونيه المقبل اختيار لجنة لوضع دستور جديد للبلاد خلال ستة أشهر من انتخابه. وإذا ما تمت الموافقة على التعديلات الدستورية فإنه يفترض، وفقا للجدول الزمني الذي وضعه المجلس العسكري، إجراء انتخابات تشريعية مطلع يونيه المقبل، على أن تليها انتخابات رئاسية بعد ثلاثة أشهر. وترفض العديد من القوى والشخصيات السياسية هذه الترتيبات، حيث ترى خصوصا أن إجراء انتخابات نيابية في غضون شهرين يعني عودة هيمنة رجال الحزب الوطني، الذي كان حاكما في عهد مبارك، والإخوان المسلمين على البرلمان الجديد. ودعت جماعة الإخوان المسلمين الأحد -عبر موقعها على شبكة الإنترنت- "جموع الإخوان ومحبيهم إلى التصويت بالإيجاب لصالح التعديلات الدستورية المقترحة"، التي وصفتها بأنها "البداية لأي تغيير متوقع، والطريق إلى تعديل الدستور بشكل كامل". وقال القيادي في الجماعة محمد موسى في تصريحات نشرت على نفس الموقع إن "التعديلات الدستورية غير كافية لتلبية مطالب الثورة (التي أطاحت بمبارك) والثوار إلا أن البلاد تمر بمرحلة حرجة تتطلب الخروج من عنق الزجاجة، من خلال تلك التعديلات للخروج من الحالة الانتقالية إلى حالة الاستقرار". لكن "ائتلاف شباب الثورة" مفجر الانتفاضة التى أطاحت بالرئيس المصري السابق حسني مبارك دعا الإثنين إلى التصويت ب"لا" على التعديلات الدستورية. وقال القيادي في هذا الائتلاف شادي الغزالي حرب لوكالة فرانس برس: "لقد حددنا موقفنا، اذهب وشارك وصوت ب"لا"، نريد دستورا جديدا وتمديد الفترة الانتقالية مع تشكيل مجلس رئاسي". وأعلن المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي والأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى، وهما المرشحان الأبرزان لرئاسة الجمهورية إنهما سيصوتان ب"لا" في الاستفتاء على التعديلات الدستورية. وقال موسى في تصريحات للصحفيين إنه يرفض التعديلات وسيصوت ضدها، مطالبا بأن "تشمل تقليص صلاحيات رئيس الجمهورية"، كما دعا لإجرء الانتخابات الرئاسية قبل التشريعية. وأكد البرادعي كذلك في تصريحات متتالية لوسائل الإعلام المصرية أنه سيصوت ب"لا" في الاستفتاء، معتبرا أنه "لا بد من وضع دستور جديد"، ولا جدوى من إجراء أي عملية "ترقيع" للدستور الحالي، ويطالب البرادعي بتشكيل مجلس رئاسي من ثلاثة أشخاص (مدنيان وعسكري)، يتولى إدارة شئون البلاد، خلال فترة انتقالية تمتد إلى عامين، يتم خلالها تشكيل جمعية تأسيسية لوضع دستور جديد. وشدد البرادعي على أنه لا بد من "الانتقال بمصر إلى نظام ديموقراطي حقيقي"، معتبرا أن "أنصاف الحلول هي عودة إلى الوراء". وأعلن حزبا التجمع والوفد رفضهما للتعديلات الدستورية. وأكد حزب التجمع في بيان أصدره الإثنين أن التعديلات "لم تمس سلطات رئيس الجمهورية المطلقة الواردة في نصوص الدستور، وأن بقاء هذه النصوص ستجعل من أي رئيس يتم انتخابه حاكما مستبدا ودكتاتورا رغما عنه". وفي مقال نشرته صحيفة المصري اليوم الإثنين لخص المحلل السياسي حسن نافعة حجج الرافضين للتعديلات الدستورية المقترحة، معتبرا أن هذه التعديلات "كانت ستلقى ترحيبا هائلا لو أنها جاءت قبل ثورة 25 يناير، في إطار برنامج إصلاحي، أما أن تأتي بعد ثورة كبرى لإسقاط النظام وليس إصلاحه، وبعد أن تمكنت الثورة من إسقاط رأس هذا النظام فمن الطبيعي أن تبدو وكأنها محاولة للعودة بالعجلة إلى الوراء". وأضاف أن "التعديلات الدستورية ألزمت مؤسسات الدولة بضرورة وضع دستور جديد، إلا أنه لن يكون نافذ المفعول إلا بعد انتخابات تشريعية ورئاسية تجرى على أساس الدستور القديم، وهنا مكمن الخطر". وأشار نافعة إلى أن إقرار التعديلات الدستورية المقترحة يعطي رئيس الجمهورية، الذي ستفرزه الانتخابات المقبلة الفرصة "لممارسة تأثير مباشر على اللجنة المكلفة بصياغة الدستور الجديد، خصوصا بالنسبة للمواد المتعلقة بصلاحياته ومدة رئاسته". وطالب المحلل السياسي المجلس الأعلى للقوات المسلحة بأن "يشرع على الفور في اتخاذ الإجراءات اللازمة لانتخاب جمعية تأسيسية لوضع دستور جديد".