توقع الكثيرون أنه مع نجاح موجة 30 يونيو وعزل محمد مرسي وسقوط الإخوان، فإن حدة الانقسام والاستقطاب ستقل فى المجتمع، إلا أن المؤشر آخذ في التصاعد، ولم يقتصر الأمر على وجود ميدان التحرير الداعم لتحركات الدولة ضد ميداني الإخوان في رابعة العدوية ونهضة مصر، بل ظهر ميدان وتيار ثالث. وأوضح شادي جلال، عضو حزب مصر القوية وأحد المتحدثين الرسميين باسم الميدان الثالث في تصريح خاص ل"بوابة الأهرام" أن "الهدف من المبادرة هو خلق صوت للثورة يرفض عودة الفلول و العسكر والإخوان، ويتمسك بتحقيق مطالب ثورة 25 يناير بعد زيادة حدة الاستقطاب في الشارع والتخوف من عودة القمع". وأضاف" بعيدًا عن الصدام تم اختيار ميدان سفنكس لتنظيم بعض الفعاليات التي توقفت مؤخرا بسبب حظر التجوال وصعوبة التحرك على الأرض، لافتا إلى أن حركة التيار الثالث تظاهرت بعد ذلك فى نفس المكان". وأكد أن " الميدان الثالث" لا يضم كيانات حزبية بقدر ما يضم نشطاء من مختلف الاتجاهات والحركات الثورية مثل حركة 6 إبريل والاشتراكيون الثوريون وشباب من أجل العدالة والحرية وحزب مصر الحرية وحزب الدستور وحزب التيار المصري وحزب مصر القوية، بالإضافة إلى عدد كبير من النشطاء المستقلين مثل سامية جاهين والكاتبة أهداف سويف. وأشار إلى أن هؤلاء اجتمعوا على رفض الاستقطاب وضرورة العودة لمطالب الثورة، كما أن لهم تحفظاتهم حول خارطة الطريق سواء من حيث الشكل أو الجوهر، معربا عن تفضيلهم وجود استفتاء على كل شيء لخلق ضمانات على التحول الديمقراطى عبر آليات ديمقراطية واضحة بعيدا عن وجود الجيش فى المشهد. ورفض المتحدث باسم "الميدان الثالث" ما يتم توجيهه لهم من اتهامات بشق الصف الثوري، مشبها موقفهم بموقف من اختاروا مقاطعة الانتخابات الرئاسية لرفضهم كل المرشحين، متسائلا لماذا لم يتم تشويه هؤلاء وقتها لاختيارهم، بينما يتم تشويه المشاركون في تلك المبادرة الآن، ولماذا تتزايد المزايدات واتهامات شق الصف ضد كل من يختلف مع ما هو مطروح على الساحة من طرفي الصراع الآن، بحسب قوله. ولفت إلى أنهم حتى الآن لا يملكون بديلا أو مخرجا واضح ومحدد للوضع الحالي، وأنهم مازالوا في مرحلة دراسة وبلورة بديل، لأنهم فضلوا اختبار فكرتهم في الشارع أولا ومدى استجابة الناس لها، مشيرا إلى أنه من الصعب الحكم على المبادرة ومدى استعدادها للتطور كجبهة منظمة في الوقت الحالي. وعلى غرار الميدان، برز التيار الثالث الذى يتكون من حركة "أحرار" و"مقاومة" ذوي الصبغة الإسلامية، بالإضافة إلى "مصريون ضد الفقر والتبعية"، وبالرغم من سيطرة حركة أحرار على التيار وما أثير حولها من كونها صنيعة حزب الحرية والعدالة وحركة حازمون، إلا أن الحركة نفت ذلك عبر صفحتها على فيسبوك مرارا وتكرارا، مؤكدة أنها تخطت كل التيارات التقليدية الموجودة ومن الصعب أن يتم تصنيفها ونسبتها إلى أي منها، بحسب قولها. وبسبب مرجعيتها الإسلامية أثارت "أحرار" الشكوك حول كونها غطاء جديد للإخوان خاصة فى ظل تنظيم "التيار الثالث" لمسيرة سفنكس الجمعة الماضية في نفس اليوم الذي أعلنت فيه الإخوان تظاهرها، ولكن الحركة أكدت فى بيان لها أن تحديد الموعد كان قبل إعلان الإخوان للتظاهر بهذا اليوم بأسابيع، وأنها اضطرت لتغيير فعالياتها من ميدان رمسيس لسفنكس لهذا السبب وأن خروجها للتظاهر جاء لإعلان تمسكها بالثورة وأنها لا تدعم الإخوان بأي صورة بل ترفض عودة مرسي . إلا أن هذا تناقض مع ما أصدرته الحركة من بيان في 24 أغسطس أكدت فيه على اعتبارها يوم 30 أغسطس مجرد بداية لانتفاضة ثورية غرضها إكمال الثورة غير معترفة بأي مسار سياسي كان تحت مظلة "العسكر"، وأنها ترجع بالثورة لمحيطها الأول 11 فبراير، متجاهلة الملايين التي نزلت في 30 يونيو ومابعدها ، مضيفة "كما أن اعتبار يوم 30 يونيو هو يوم ثورة شعبية وأنها مصححة لثورة يناير بأي اعتبار من الاعتبارات لا نقبله، وهو يوم مرفوض بعسكره وفلوله وخارطة طريقه"، بحسب قولها نصا. ولم يسلم الأمر من السخرية ؛ فردا على "الميدان الثالث" دشن نشطاء ما يسمى ب "الميدان الرابع" كصفحة ساخرة على فيسبوك تنتقد "الميدان الثالث" وما اعتبروه تناقضا في موقفهم لرفضهم التظاهرات المؤيدة لخارطة الطريق، وتفويض القوات المسلحة ضد العنف، بالإضافة إلى رفضهم لتظاهرات الإخوان دون طرح لرؤى بديلة، وذلك في محاولة للسخرية من تعدد ميادين مصر وما تحتضنه من آراء متعارضة، ولرفض الاستقطاب، والانقسام منذ 30 يونيو. ويقول أصحاب فكرة "الميدان الرابع" ساخرين معرفين أنفسهم: "إحنا ضد الشعب، ومع الشعب..ضد السلطة وضد المعارضة..إحنا ضد السلمية وضد الإرهاب..إحنا ضدك أنت تحديداً؛ ومعاك، و لو اللي في رابعة لا يمثلوك عشان إخوان، واللي في التحرير لا يمثلوك عشان عسكر، واللي في الميدان الثالث لا يمثلوك عشان مش عارفين يقرروا، الميدان الرابع هو ميدانك، وقرر ما يقررش، المبادئ مابتتجزأش، الميدان الرابع ضد اللي ضدك وضد اللي ضد اللي ضدك".