بعد مظاهرات 30 يونيو قام مجموعة من النشطاء باتخاذ موقف وسط ما بين جماعة الإخوان المسلمين ومؤيدي الجيش الذين سرهم قرار عزل الرئيس السابق محمد مرسي، حيث أسس بعض المصريين الذين أزعجهم الاستقطاب ونفروا من كلا الطرفين حركة "الميدان الثالث" للدعوة إلي طريق وسط تجنبا للصراع الذي يعصف بالعديد من المواطنين وبالبلاد.. والحركة الجديدة ترفض عودة ثلاثية العسكر والإخوان والفلول إلي الحكم مجددا. وكشف بيان تدشين حركة »الميدان الثالث« أن هؤلاء الشباب المنتمين إليها لم يجدوا لأنفسهم مكانا في الميدان الأول، ولا في الميدان الثاني، ورأوا أن حق الوطن عليهم أن يقفوا بمفردهم في ميدان جديد، وأضاف البيان أن كل ما جري، وما سوف يجري، يمكن أن نناقشه وتتنوع درجات قبولنا أو رفضنا له، لكن يبقي الأهم، الحفاظ علي حياة كل مواطن مصري بغض النظر عن انتمائه أو موقفه، ونظام مرسي فشل، ويتحمل الفشل مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين، ويجب أن يمثلوا أمام قضاء عادل، لمحاكمتهم، دون انتهاك لحقوقهم أو الاعتداء عليهم. وتابع البيان: لدينا معركة قديمة، طويلة، وأساسية، مع نظام مبارك الفاسد القاتل المجرم، وأي تنازل عن حق الشعب المصري لدي هذا النظام وأعوانه، هو تفريط في حق الشهداء وحق أطفالنا في حياة كريمة حرة. ولدينا معركة مع العسكر، الثورة التي نعرفها قامت لأجل حكم مدني، لا عسكري، لا ديني وقد استطاعت هذه الحركة الجديدة أن تجذب إليها الكثير من شباب الثورة الذي تعرض لتهميش طيلة الفترة التي تلت قيام ثورة يناير ، كما وصل عدد أعضاء الصفحة الرسمية للميدان الثالث علي الفيس بوك حتي الآن نحو 18 ألفا ويقومون بالحشد والتجمع في ميدان »سفنكس« بالمهندسين في محافظة الجيزة وفي مناطق عدة بالمحافظات . ويستخدمون "فيسبوك" و"تويتر" للدعوة لمظاهراتهم الصاخبة في وسط القاهرة بميدان سفنكس، ويعتبرون أنفسهم ورثة الانتفاضة الشعبية التي أطاحت عام 2011 بالرئيس حسني مبارك بعد 30 عاما من حكم استبدادي لمصر. وتعبر الحركة في بيان لها علي الصفحة قائلين الميدان: الثالث ليس مساحة للمحايدين، بل هو مساحة للمنصفين، فارق كبير بين الحياد والإنصاف، ولا يمكن أن نكون محايدين ونحن ضد العسكر.. الفلول.. الإخوان نقف في الميدان الثالث لأن لنا رأيا واضحا، لن تسرقوا ثورتنا ولن تقتلوها، لم ولن ننسي.. عيش.. حرية.. كرامة كما تعبر الحركة عن أهدافها عن طريق رسائل تصدر بصفحتهم علي مواقع التواصل الاجتماعي منها، " مصر دولة مدنية" " نريد إعلاما حرا "، " لا رجوع لأمن الدولة"، " عيش.. حرية..كرامة إنسانية" وتؤكد دائماً علي استمرار الثورة وأهدافها. وتدفع الحركة أنصارها لمظاهرات حاشدة في الشوارع منذ اتخذ وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي قرار عزل مرسي في 3 يوليو الماضي عقب خروج الملايين إلي الشوارع للاحتجاج علي سياساته بعد عام من توليه السلطة. وتضم المظاهرات التي ينظمونها في ميدان سفنكس أكثر 500 ناشط من الليبراليين واليساريين والإسلاميين المعتدلين، حاملين صورا لمرسي والسيسي عليها علامة (*) ورفعوا لافتات كتب عليها "يسقط كل من خان: عسكري أو إخوان" وتطالب بدولة مدنية. ويؤكد النشطاء المنضمون للميدان الثالث أن هذه الحركة الجديدة تقف علي الحياد ضد الاستقطاب العسكري والحكم الديني وضد الفاشية العسكرية والفاشية الثورية وتقف ضد الصراع علي السلطة الحالي ورفض عودة مرسي أو الإخوان أو الفلول للسلطة، وأن الميدان الثالث هو حركة مستقلة تماما ولا تنتمي لأي تيار وتكونت من شباب الثورة ، ليس لها أي أهداف سياسية أخري غير تحقيق مطالب ثورة 25 يناير واستكمالها. وتوضح مني أشرف إحدي المنضمين للحركة (32) عاما: "حين بدأنا الاحتجاج ضد حسني مبارك كنا نتعرض للإهانات. ووصفونا بأننا مخبولون وحالمون "المسألة ليست مسألة أعداد،إنها مسألة قضية، إلا أن الحملة كل يوم ينضم لها أعداد كبيرة والدليل أننا عندما بدأنا فعاليات مظاهرات حركة الميدان الثالث في ميدان سفنكس، توافد العديد من المتظاهرين مرددين هتافاتنا "جابر جيكا مات مقتول ومرسي هو المسئول"، "مينا دانيال مات مقتول طنطاوي هو المسئول"، "عيسي كمان مات مقتول والسيسي هو المسئول". ومن جانبه صرح المتحدث باسم تمرد محمد عبد العزيز "أري في هذه اللحظة أن الميدان الثالث تقسم الشعب. هم يعيشون في الماضي. الآن وقت التوافق. نريد أن نمضي إلي الأمام قدما". إلا أن معسكر الإخوان لم يرفض الحركة ويقول عصمت محمد من مؤيدي مرسي إنهم لن يرفضوا حركات الاحتجاج الأخري ما دامت تعارض تدخل الجيش في السياسة. مضيفا: حتي إذا لم يعد مرسي سيكون هناك ميدانان علي الأقل في مواجهة الجيش، وأضاف: لا يهمني أن يكون هناك من يعارضون مرسي. المهم ألا يخونوا الثورة وألا يسلموا السلطة للجيش وتتحول مصر لدولة عسكرية. ويقول د.جمال زهران أستاذ العلوم السياسية: ربما تكون حركة الميدان الثالث لها أثرها المحدود عن الإخوان المسلمين والجيش وهما أكبر جهتين منظمتين في البلاد. فلا يزال عدد الحركة حاليا قليلا ومتباينا، ومن الصعب الرهان عليها الآن كجبهة كبيرة لها ثقلها السياسي والتنظيمي، حيث بدأ العديد من ثوار التحرير في الانضمام إليها بعيدا عن الجيش وعن مؤيدي مرسي. وأضاف: إلا أنني أعتقد أنهم سيحصلون علي كثير من التأييد، ولكن ليس في وقتنا الحالي حيث إن البلاد في حالة استقطاب شديد. مشيراً إلي أنه إذا كان الميدان الثالث يتكون من عدد من التيارات مثل حزب التيار المصري ومصر القوية وهم مهمشون يبحثون عن دور ، لكن بالفعل يجب علي إدارة المرحلة الانتقالية أن تستمع لقوي الشباب ويجب أن يشاركوا في صناعة واتخاذ القرار ولكن هذا لم يحدث حتي الآن بشكل مؤسسي وهناك مشروعات مقدمة لتشكيل مجلس يضم كافة القوي الثورية بحيث يؤخذ برأيه في المسائل الهامة مثل الدستور حيث إن هناك اتفاقا تاما بضرورة كتابة دستور جديد وهناك دعوات قادمة للحشد وبالتالي يجب علي النظام الحالي أن يستمع لصوت هذه الحشود وإلا سنعود مجددا لما قبل 30 يونيو ويعود الخلاف والتصارع بين النظام وبين قوي الثورة مرة أخري. علي الجانب الآخر يقول أحمد بلال- عضو المكتب السياسي لحزب التجمع، إن من يطلقون علي أنفسهم "الميدان الثالث"، أقلية، ولا يمثلون تياراً واضحاً في الشارع السياسي، كما أنه لا محل لهم من الإعراب، فالشارع السياسي انقسم لتيارين أحدهما مؤيد للتغيير إلي الأفضل، ورافض لتلك الفترة من حكم الإخوان، وآخر ليس له مطالب سوي إعادة عجلة التاريخ الي الوراء، وعودة رئيس عزل شعبياً في حشد فريد من نوعه. موضحا أن الميدان الثالث, يصب بشكل أو بآخر في صالح الإخوان المسلمين، ويجد لهم مخرجاً من المأزق، ويحاولون أن يجدوا مخرجا آمنا، بشكل يحفظ ماء الوجه، والمشاركون في الميدان الثالث منهم جماعات إسلام سياسي مستترة، وآخرون يشاركون علي سبيل النبل وهم جماعات اليسار الرومانسي، مثل الاشتراكيين الثوريين، كما أنهم يضللون الرأي العام، إلي أن مصر مقبلة علي حكم عسكري، مع إغفال أن وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي، نفذ ما طلبته القوي السياسية من خارطة طريق كاملاً دون نقصان، وسلم السلطة إلي رئيس المحكمة الدستورية، وحدد بعد بعد ذلك عمر الفترة الانتقالية والإجراءات التي ستدخل فيها البلاد لحين انتخاب رئيس جديد لها، مضيفاً أن من يدعون أنهم طريق ثالث، لا يستندون في حججهم إلا علي شعور منهم أو تحليل لا أساس له علي أرض الواقع. وأكد أن الجميع يرفض عودة الجيش في المشهد السياسي كحاكم للبلاد، والقوات المسلحة نفسها أعلنت مراراً أنها لن تعود، وأنها لا تطمع في السلطة، ونحن نفترض حسن النية إلي أن يثبت العكس، فليس من المعقول أن أعارض أحدا علي شيء لم يفعله أو يبدي النية لفعله حتي، حيث إن التنبؤ غير مسموح به خاصة بهذه الفترة الحرجة التي تمر بها البلاد ولن نقبل سوي بالحقائق المؤكدة .