«الميدان الرابع».. تجمّع افتراضي يحارب «استقطاب» ميادين الواقع بالسخرية

أطلق عدد من مرتادي مواقع التواصل الاجتماعية، أواخر يوليو الماضي، فكرة ساخرة تحمل اسم «الميدان الرابع»، وذلك في محاولة للتغلب على تعدد ميادين مصر وما تحتضنه من آراء متعارضة، وللتعبير عن رفض «الاستقطاب، والانقسام» الواقع عقب عزل الرئيس محمد مرسي بعد انتفاضة «30 يونيو» الشعبية.
«الميدان الرابع»، ليس «رابعة العدوية» أو «النهضة»، ذوي الصبغة «الإخوانية»، كما أنه ليس ميداني «التحرير» ولا «سفنكس»، فهو ميدان غير موجود على أرض مصر، ووجوده الفعلي فقط بفضاء «فيس بوك وتويتر» الافتراضي.
يعرّف أصحاب «الميدان الرابع» أنفسهم، بعبارات تنبع سخريتها من تناقضها، في إسقاط على الوضع السياسي الحالي، فتقول صفحتهم على «فيس بوك»: «لو اللي في رابعة لا يمثلوك عشان إخوان، واللي في التحرير لا يمثلوك عشان عسكر، واللي في الميدان الثالث لا يمثلوك عشان مش عارفين يقرروا، الميدان الرابع هو ميدانك، وقرر مايقررش، المبادئ مابتتجزأش، الميدان الرابع ضد اللي ضدك وضد اللي ضد اللي ضدك».
ويقول عبدالرحمن القاضي، أحد أصحاب فكرة إطلاق «الميدان الرابع» وأحد مديري صفحتيه على «فيس بوك» و«تويتر»، ل«المصري اليوم» إن «فكرته قائمة على السخرية من (الميدان الثالث) الذي يرفض أي طرف خارج نطاقه، وأصحابه الذين يدعون امتلاكهم للحق المطلق والمثالية والنقاء الثوري، وأنهم أصحاب المبادئ وكل من ضدهم عبيد أو خونة للثورة ودم الشهداء، وكأنهم بهذا يتعمدون السعي للانقسامات وتعطيل أي مسار سياسي للدولة».
و«الميدان الثالث» الذي يتحدث عنه «القاضي» هو فكرة أطلقها عدد من النشطاء السياسيين الرافضين للميادين المؤيدة والمناوئة لكل من النظامين السابق الإخواني والأسبق الخاص بمبارك، رافعين في تحركاتهم وفعالياتهم، التي اتخذوا من ميدان «سفنكس» قاعدة انطلاق لها، شعار «يسقط كل من خان.. عسكر، فلول، إخوان».
وأعلن هذا «الميدان الثالث» الذي تنسب قيادة تحركاته إلى قوى سياسية منها «حزب مصر القوية، وبعض أفراد حركتي (6 أبريل) و(الاشتراكيين الثوريين)» أن هدفه هو «التنديد بحكم مبارك و(العسكر) والإخوان، والسعي لاستكمال أهداف الثورة».
يؤكد «القاضي» أن فكرته وأصدقائه الساخرة «تستهدف الميدان الثالث بالتحديد، لأنه قائم على التخوين والمزايدة على الجميع»، مضيفًا «أفكارنا في (الميدان الرابع) تنتقد الأحداث السياسية بسخرية وكذلك الشخصيات السياسية المشهورة بالازدواجية وإصدار التصريح ونقيضه في نفس الوقت، وأشهرهم الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح. كما أن هدفنا أيضًا إثبات أن أي مجموعة من الشباب لديها وقت فراغ يمكنها نشر أي فكرة حتى لو كانت وهمية ومجرد شعارات فارغة لا تسمن ولا تغني من جوع».
وعن موقفهم من الميادين الأخرى، سواء الخاصة ب«الإخوان» أو المعادية لهم، يقول: «فلول النظام السابق (الإخوان) في (رابعة، والنهضة) يخيرون الدولة بين عودة مرسي أو نشر الفوضى وتعطيل مصالح البلد»، مضيفًا «أما (التحرير) و(الاتحادية)، فنعتقد أن بهم جزء من الشعب المصري يرى أن (الإخوان) يقومون بالتسويق في الخارج لفكرة الانقلاب العسكري، فنزلوا للشارع لتأكيد ان ما حدث ثورة، وليساندوا الأجهزة الأمنية معنويًا».
فكرة «الميدان الرابع» لاقت رواجًا بين مرتادي مواقع التواصل الاجتماعية، حيث بلغ مجموع المشتركين في حسابيهما ما يناهز 30 ألف، وذلك في أسبوع واحد فقط منذ 29 يوليو الماضي، كما أن «الميدان الرابع»، أصبح يستخدم بكثرة ك«هاشتاج»، وعن ذلك يقول «القاضي»: «فوجئنا بتقبل الجمهور لفكرة الصفحة، ووصل عدد مشتركي الصفحة إلى 10 آلاف في 30 ساعة فقط، ونعتقد أن سبب هذا التجاوب هو نفسه سبب تفكيرنا في (الميدان الرابع) وهو نفور كثيرين من (الميدان الثالث)».
«نرى السخرية سلاح قوي للتغلب على الاستقطاب ومحاولات إرباك المشهد السياسي» هكذا يعتقد أصحاب «الميدان الرابع»، والذين امتدت سخريتهم لتطول ميدانهم نفسه، وهو ما بدا من إحدى فعالياتهم، التي حملت عنوان «سلاسل بشرية لدعم الميدان الرابع ورفضه»، وقالوا في بيان دعوتهم هذه «ادع أصدقائك للمشاركة، لنستطيع طرد أكبر عدد ممكن».
عن هذه الفعاليات، يختتم «القاضي» الذي يؤكد عدم انتمائه لأي فصيل سياسي، بالقول إن «فعاليات (الميدان الرابع) وهمية، للسخرية وتقمص فكرة أننا كيان حقيقي، لكننا لن ننفذها لأن وضع البلاد مضطرب، ولا مكان للساخرين في وقت يريد فيه البعض دخول مصر لحرب أهلية».