عزا خبراء الاقتصاد انخفاض أسعار الفائدة على أذون وسندات الخزانة المصرية، خلال الفترة التي أعقبت ثورة 30 يونيو، إلى حزمة المساعدات الخليجية، التي تصل إلى 12 مليار دولار، متوقعين أن يساهم ذلك التراجع في تقليص عجز الموازنة على المدى البعيد. كانت وزارة المالية قد كشفت عن انخفاض العائد على أذون الخزانة بنحو 2.5% وعلي السندات 1.8% خلال الفترة من أول يوليو الماضي وحتى منتصف أغسطس الحالي، مقارنة بالفترة السابقة، مما يسهم في خفض عبء الدين العام علي الموازنة بصورة ملحوظة، فكل خفض في سعر فائدة الأوراق المالية الحكومية بنسبة 1% يوفر 10 مليارات جنيه في تكلفة خدمة الدين العام. وقال الدكتور محسن عادل، نائب رئيس الجمعية المصرية للتمويل والاستثمار، عضو مجلس إدارة البورصة المصرية: إن توفر السيولة لدي البنك المركزي بعد حزمة المساعدات العربية، ساهم بشكل واضح في تخفيف فجوة الاحتياجات التمويلية بالموازنة العامة للدولة. وطرحت وزارة المالية، من خلال البنك المركزي، اليوم الأحد أذون خزانة استحقاق 91 يومًا بمتوسط عائد يبلغ 11.61% وتم تغطيتها 2.1 مرة، بجانب أذون أجل 273 يومًا بمتوسط عائد يبلغ 12.67%، وتم تغطيتها 1.7 مرة. وأضاف عادل أن الفترة الأخيرة شهدت قيام الحكومة بتخفيض طلبها لأذون وسندات الخزانة مما أدي لزيادة فرصة تراجع معدلات العائد علي الأوراق المالية الحكومية، علاوة على مبادرة البنوك المصرية بتقليص العوائد علي الطروحات الأخيرة عقب قيام البنك المركزي بتقليل أسعار الفائدة علي الودائع والقروض الليلة واحدة بمقدار نصف نقطة مئوية، ما أعطي مناخًا عامًا يدفع أسعار الفائدة إلي التراجع وما هو حدث خلال الأسابيع الماضية. وقررت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزى المصرى، فى اجتماعها الأخير مطلع أغسطس الحالي، خفض أسعار الفائدة، على سعرى عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة، بمقدار 50 نقطة أساس، من مستويي 9.75، و10.75%، إلى 9.25%، و10.25%، على التوالى. وبين عادل أنه إذا استمر انخفاض العائد على الأوراق المالية الحكومية علي المدي البعيد، فسيتراجع عجز الموازنة مما سيساعد على إعادة توظيف البنوك لمواردها المالية والاتجاه إلى أنشطة مختلفة كالاستثمار في أنشطة أخرى، الأمر الذي من شأنه تخفيف الضغوط علي الأنشطة الاستثمارية. وطالما اشتكى القطاع الخاص في الشهور الأخيرة من ارتفاع العائد على أذون وسندات الخزانة التي تفتح شهية البنوك للدخول بقوة لتمويلها، ويقلل الفرص أمام المستثمرين في اقتناص الفرص التمويلية اللازمة لمشروعاتهم. ويبلغ عجز الموازنة 204.9 مليار جنيه خلال الفترة من يوليو 2012 وحتى مايو 2013، مقابل 136.5 مليار جنيه في الفترة ذاتها من العام المالي السابق 2011/2012، فيما ارتفعت نسبة الدين المحلي لأجهزة الموازنة لتبلغ 80% من الناتج المحلي في نهاية مارس الماضي ليبلغ 1.38 تريليون جنيه مقابل 1.08 تريليون بنهاية الشهر ذاته من العام المالي السابق. وقال الخبير المصرفي أحمد آدم إن الانخفاض في أسعار العائد على أذون وسندات الخزانة ربما يرجع إلى تدعيم رؤساء البنوك للأوضاع الاقتصادية بالبلاد، حيث كانت وزارة المالية، قد أشادت في يوليو الماضي، بمبادرة البنوك التجارية بتخفيض أسعار الفائدة المطلوبة بعطاءات أذون وسندات الخزانة بنسبة 1%. وأضاف أن المساعدات العربية خفضت الضغط على أسعار صرف الجنيه المصري والاحتياطي النقدي ومولت عجز الموازنة الذي لم تكن البنوك تستطيع تمويله، مشيرًا إلى مساعدات الغاز التي تلقتها مصر من قطر والنفط الخام من السعودية والكويت والإمارات، الأمر الذي حل مشكلة أما وزارة البترول التي كانت لا تسدد مستحقاتها وكانت تضع علاوات سعرية على السعر العالمي لكي تتمكن من الشراء في ظل ارتفاع المخاطر. كانت الدول العربية قد أعلنت عن حزمة مساعدات لمصر تصل إلى 12 مليار دولار تم تحويل 5 مليارات منها بالفعل، كما أن 3 مليارات منها منح لا ترد، بجانب 3 مليارات دولار أخرى فى شكل مساعدات بترولية. وأشار آدم إلى أن تلك المساعدات أصلحت من عجز ميزان المدفوعات الكلي الذي سجل عجز تاريخي في العام المالي الماضي مرجحًا أن يصل لنقطة التعادل خلال العام المالي الحالي، إلا أنه استبعد أن تتوقف الطروحات الحكومية، موضحًا أن وزارة المالية تقوم حاليًا بطروحات لتمويل طروحات أخرى، مشددًا على أنه من المبكر الحكم على الأسباب الكاملة وراء تراجع العائد على السندوات والأذون، حيث نحتاج لربع عام مالي وقياس حجم الطروحات الشهرية خلالها. وارتفع الاحتياطي النقدي لدى البنك المركزي ليصل إلى 18.88 مليار دولار في نهاية يوليو الماضي مقابل 14.92 مليار دولار بنهاية يونيو السابق، بزيادة قدرها 3.9 مليار دولار هو أعلى مستوى للاحتياطيات الأجنبية منذ نوفمبر 2011. وقال الدكتور رشاد عبده، رئيس المنتدي للدراسات الاقتصادية والإستراتيجية:إن تراجع العائد علي أذون وسندات الخزانة منطقي، مشيرًا إلى أنه بعد "زوال" حكم الإخوان ساعدت الدول العربية مصر، ومن ثم تحسن احتياطي النقد الأجنبي، وانخفض سعر الدولار الأمريكي مقابل الجنيه المصري. وشهد الجنيه حالة من الاستقرار أمام الجنيه خلال الأسابيع الأخيرة عند 6.98 جنيه للشراء و7.01 جنيه للبيع، كما تراجع في السوق الموازية ليصل إلى معدلات قريبة من السوق الرسمية وذلك بعدما كسر حاجز ال 8 جنيهات ب"السوق السوداء" في أبريل 2013. وأضاف أنه في ظل حكم الاخوان، عاني الاقتصاد المصري من الانهيار حتى وصل معدل البطالة إلى 13,4% وكذلك احتياطي النقد الأجنبي الذي كان يترنح، مع ارتفاع عجز الموازنة، مضيفًا أن الاقتصاد سيعاني علي المدى القصير، فالإخوان يلجأون إلى أعمال الشغب التي تؤثر بالسلب علي الاقتصاد، مطالبًا الحكومة بإصدار عدد من التشريعات التشريعات والقوانيين التي تحارب الفساد وتوفر البيئة اللازمة حتي ينتعش الاقتصاد المصري مرة أخرى.