انعكس عدم مشاركتها بالمؤتمر الذي عقد أمس الإثنين، على موقف المعارضة على موقف تلك المعارضة السياسية والقوى الثورية من المضامين التي حملها الخطاب والمؤتمر الذي رفضت المشاركة، ودعيت إليه قوى وطنية وإسلامية اقتصر الحضور عليهم فقط. بدا ذلك في الانتقادات الشديدة من المعارضة للمضامين التي حملها الخطاب ونبرة الرئيس فيه، إلا أنه داخل تلك المعارضة بدت هناك أصوات أكثر عقلانية، تتحدث عن تقييم مخالف نسبيًا للخطاب بعيدًا عن حالة العداء المستحكم مع جماعة الإخوان المسلمون والرئاسة. فمن جانبه اعتبر سعد هجرس القيادي بحزب التجمع اليساري، أن هناك تطورا حدث في خطاب الرئيس بالتقرب من المعارضة ومد اليد لها ولكن الأمر ينقصه الجدية المطلوبة. وطالب الرئيس بالاعتراف بأن حكومة هشام قنديل فشلت في عملها وعزل النائب العام وتحقيق عدد من المطالب المشروعة للمعارضة ما يعطي مصداقية أكبر للحوار السياسي، وخلاف ذلك سيعيدنا إلي نفس الأمر من الوعود ومحاولة الالتفاف علي المطالب، مؤكدا أن هناك فجوة ثقة بين مؤسسة الرئاسة والقوي السياسية، يجب على الرئاسة جسرها وعبر طمأنة المعارضة لجديتها في الحوار. وقال إن وحدة المجتمع تتطلب قرارات شجاعة يتخذها الرئيس. وحول حديث الرئيس عن سد النهضة الأثيوبي، حذر هجرس من مخاطر الانتقال من التهوين من الأمر، إلي محاولة التجييش والتصعيد، فكلاهما حسب وصفه خطا، ومنتقدًا في ذات الوقت حوار الرئيس في ظل وجود عدد كبير من أنصاره ومؤيديه، داعيا لاتخاذ موقفًا مماثلًا لما حدث مع أزمة طابا بتشكيل لجنة من الكفاءات لبحث الأمر ودراسته. وعن دعوته للمصالحة والوفاق الوطني بالخطاب، أكد الدكتور محمد أبو الغار رئيس الحزب المصري الديمقراطي - الاجتماعي، أن المعارضة وجبهة الإنقاذ لا تريدان من الرئيس أن يأتي إليهما، بل هما اللتان ستذهبان إليه بشرط تحقيق المطالب التي توافق عليها الشعب مثل إقالة الحكومة وتغيير النائب العام، والاستماع للمعارضة السياسية بقدر عال من الجدية في حوارات منظمة والالتزام بمخرجاتها السياسية. ومن جانبه، قال ماجد سامي الأمين العام لحزب الجبهة الديمقراطية: إن خطاب الرئيس حمل نبرة تهديد لإثيوبيا، لكنه تجاهل كيفية تحسين العلاقات مع إثيوبيا وإنهاء حالة الجفاء المتأصلة في هذه العلاقة المهمة منذ عقود، منبهًا إلي ضرورة التحرك الفوري الدبلوماسي، وتقديم شكوى للأمم المتحدة، وتشكيل لجنة من الخبراء الدوليين لتقييم ودراسة آثار بناء هذا السد علي مصر والسودان وإعلان تقريرها بناء علي معلومات سليمة وصحيحة من مكان السد. ودعا الرئيس إلي إبداء حسن نية باتخاذ خطوات ايجابية، وتحقيق مطالب القوي السياسية للوصول لمصالحة وطنية فاعلة تخدم الوطن، وتدفع لبناء مستقبل أفضل للبلاد مؤكدًا أن ما دفع الرئيس للحديث عن هذا الأمر هو تخوفه من مظاهرات 30 يونيه. إلا أن الدكتور عبد الله المغازي المتحدث باسم حزب الوفد خالف هذا الرأي، ووصف خطاب الرئيس مرسي بكونه كان ضعيفًا ولم يأت على مستوى الأزمة الكبرى التي تعيشها مصر حاليًا، مشيرًا إلي أنه كان من المفترض أن يوضح قوة مصر بلا تراجع. وأوضح المغازي أن المفترض أن يكون الخطاب قصيرًا وحاسمًا ومؤثرًا في نقس الوقت، ولكنه للأسف أتى طويلاً وضعيف ومملا أيضًا، حسب توصيف المغازي. وفي نفس الوقت استبعد إمكانية أن يوثر الخطاب علي الداعين لمظاهرات 30 يونيه أو عمليات الحشد فيها. ومن جانبه أكد حسام الدين علي أمين عام مساعد حزب المؤتمر، أن حرص الرئيس على الوقوف بين أنصاره مستقويًا بالتيارات الإسلامية، تؤكد أنه رئيس لعشيرته فقط وليس رئيسًا لشعب مصر بجميع تياراته وطوائفه. وأوضح حسام الدين، أن الخطاب لن يمنع حالة الاحتقان السائدة بين القوي السياسية ورجل الشارع العادي ولن يؤثر الخطاب علي الحشد لتظاهرات 30 يونيه. ومن جانبه، أكد الدكتور محمد نور فرحات أستاذ فلسفة القانون بجامعة الزقازيق، أنه من المفترض أن تكون قضايا الأمن القومي سرية، لا يتم مناقشتها في مثل هذه الأجواء الاحتفالية مستنكرًا الأناشيد التي تم إلقاؤها، مشيرًا إلي أن ذلك استخفاف بقضية كبري تمس أمن مصر، هي قضية المياه. وطالب فرحات الرئيس مرسي بإيجاد خطة عملية للتعامل مع أزمة سد النهضة، لأن أمثال هذه الأزمات لن تحل بالخطب البليغة من الرئيس أو بالكلام المراوغ علي حسب تعبيره. إلا أن أعنف هجوم على الرئيس، أتى من جانب القوى والحركات الثورية، التي رفضت دعوة الرئيس للحوار والمصالحة الوطنية بوصف مؤسسة الرئاسة غير مؤمنة بمبدأ الحوار السياسي من الأساس. فقال محمد عادل عضو المكتب السياسي لحركة شباب 6 أبريل: إن دعوة الرئيس مرسي للحوار غير مقبولة وغير مجدية وليس بها أي نقاط وآليات عمل لتنفيذ ما يتم الاتفاق عليه لحماية الوطن. وأشار إلي أن الرئيس مرسي يحاول امتصاص غضب الشباب نتيجة استمرار فشله في إدارة البلاد خلال العام الأول من حكمه. وأضاف عادل إلي أن الفريق الرئاسي مع الدكتور مرسي، غير مؤمن بالحوار مع المعارضة بالأساس في أي ملف، وهو ما أكده الرئيس مرسي في بداية حديثه في ما سمي الحوار الوطني من أجل نهر النيل، لذا فإن الرئاسة لن يخرج منها أي دعوات حقيقية للحوار. ومن جانبه، رفض محمد عطية عضو المكتب السياسي لتحالف القوى الثورية، دعوة الحوار الوطني موضحا أنها أتت متأخرة تماما كخطوات مبارك المتأخرة قبل الثورة. وقال إنه لا توجد أي آليات للحوار الحقيقي، بعد اتخاذ قرارات مصيرية من دون توافق مثل الدستور وتشكيل الحكومة. وشدد على أن شباب الثورة لن يلبى دعوة الرئيس للحوار الوطني الذي دعا إليه، حتى إذا دعا إليها بشكل يومي، معتبراً أن الرئيس لم يُجب على أي من مطالب الشعب. وأضاف، أن حرص الرئيس على الوقوف بين أنصاره مستقويًا بالجماعات الإسلامية، يؤكد أنه رئيس لعشيرته فقط وليس رئيسًا للشعب بكامل طوائفه، مشيرًا إلى أن مبارك في 23 يناير2011 قد استقوى بقيادات وزارة الداخلية، التي لم تمنع ثورة 25يناير، واليوم مرسي يقف وسط قيادات الجماعات الإرهابية -حسب قوله- والتي لن تمنع أيضًا من حملة تمرد يوم 30 يونيه. وأوضح أن خطاب الرئيس وكلمته عبرت عن الاستخفاف وعدم احترام لأصوات الرافضين للإعلان الدستوري، ولم يلتفت لعمق الأزمة والانقسام الذي تسبب فيه هذا الإعلان، ما يؤكد إصرار الرئيس على موقفه.