عن تجربته كصحفي وكإنسان عاش أحداث ثورة 25 يناير، أصدر الكاتب الصحفي محمد شعير كتابه "هدير الصمت" في صورة اليوميات والتى كان يحرص على تسجيلها أولا بأول منذ اللحظات الأولى للثورة، وقد قرر شعير طبع الكتاب على نفقته الخاصة شأن كتابين سابقين كان أصدرهما من قبل بالطريقة نفسها. وقد جاء أسلوب الكتاب في خطاب مباشر لعقل ومشاعر القاريء، حيث يشركه شعير في الأحداث بتفاصيلها الدقيقة ويدخله إلى دهاليز العمل الصحفي متخذا من جريدته التى يعمل بها "الأهرام" مسرحا للأحداث بجانب مسارح الأخرى التى تناقلت بينها وقائع الثورة وأخبارهاويلاحقها قلم شعير. ويصر شعير في طريقة سرده للأحداث على تسليط الأضواء على انعكاساته النفسية الداخلية في حياته الشخصية،فيجعل من الأشخاص المعايشين معه من الأسرة والأصدقاء والزملاء وآخرين في الدوائر القريبة والبعيدة، فيبدو الكتاب وكأنه رواية أدبية طويلة، لكنها ذات شخوص من الواقع الذي يعيشه البطل. وربما كان هذا ما يجعل الكتاب متميزا ببعده عن ألاعيب الخطاب السياسي، فالمؤلف لم يقدم نفسه كناشط سياسي أو يلعب أي دور في التأثير على الأحداث مثلما يقصد بعض الكتاب الذين يتناولون الأحداث في كتبهم. كذلك وطوال صفحات الكتاب الذى جاء في 430 صفحة من القطع المتوسط، لم يدع شعير أنه يؤرخ للأحداث، أو حتى شاهد على مجرياتها، بل تناول نفسه كشخص يعيش في بؤرة الدائرة التى اقتطعها من تلك الحداث ليعيشها بكل حلاوتها ومرارتها ولا يهتم بإصدار الحكام النهائية مكتفيا بإنارة البقع المظلمة في العمل الصحفي وكشف أسراره وخلفياته التى لا يعرفها كثير من القراء الذين يكتفون يتلقى الخدمات الصحفية والإعلامية دون التطلع لما وراءها من خفايا وأسرار قد لا تهمهم وهي والتى كشف كتاب "هدير الصمت" أنها تبدو في عالم الصحافة كعالم ثان ومواز للعالم الأصلي، لكنه لا يعرف أسراره إلا من عاش فيه كواحد من صناعه. وتناول الكتاب جميع الأحداث التى مرت أمام عينه أو سمعتها أذنه أو استقرأها بمشاعره التى عاشها المؤلف في صالة تحرير جريدة الأهرام والمتصلة بالأحداث وخلفياتها وتفسيراتها، بالإضافة إلى متابعته للصحف ووسائل العلام الأخرى وحتى ردود فعل ساكنى الدائرة الأولى في حياته، ليخرج لنا الكتاب بعد معاناة في الكتابة والترتيب والتبويب والنشر الذي آثر أن يكون على نفقته الخاصة بعيدا عن متاعب الناشرين وتحكمات سوق النشر في مصر.