أكد الدكتور أحمد أبو الغيط، وزير الخارجية المصري الأسبق، أن رئيس الجمهورية السابق حسني مبارك، كان الفاعل الأساسي في السياسة الخارجية المصرية، وهو الذي يضع خطوطها العريضة، مشيرًا إلى أن السياسة الخارجية المصرية في عهد مبارك كانت ترتكز على عدم الاصطدام بالولاياتالمتحدة بصفة خاصة والغرب بصفة عامة، وتجنب الدخول في معارك مع إسرائيل. وأوضح أبو الغيط خلال حواره مع برنامج "الحياة اليوم"، على فضائية "الحياة"، أن مبارك كان يتدخل في أدق التفاصيل الخاصة بالسياسة الخارجية المصرية، بخاصة ما يتعلق منها بالولاياتالمتحدة، مشيرًا إلى أن هدف مبارك من علاقة القاهرة بالغرب استغلالها من أجل تحقيق تسوية للقضية الفلسطينية بالإضافة إلى تحقيق معدلات نمو مرتفعة. ولفت وزير الخارجية الأسبق، إلى أن العواصم العالمية التي تعاملت معها القاهرة بشكل مباشر من أجل تحقيق أهداف مصر الاستراتيجية تتمثل في واشنطن وباريس وبرلين وروما بالإضافة إلى عواصم الخليج الثلاثة الرئيسة وهي الرياض والكويت وأبوظبي. وأضاف: "مبارك كان يردد دائمًا أن الدول الغربية تعنى بالنسبة لمصر 30 تريليون دولار يجب استخدامها لصالح نمو الاقتصاد المصري"، موضحًا أن الرئيس السابق كان ينظر لدول الخليج على أنها بلاد الثروة العربية والتي يجب تقوية علاقتها بمصر واستخدام ثروة الخليج من أجل تحقيق معدلات تنمية لا تقل عن 5 في المائة ويسعى لأن تصل إلى 10 في المائة. وتابع: "رغم ذلك كنا نصطدم مع الكثير من الدول الغربية بالإضافة إلى صدام عنيف مع الولاياتالمتحدة نتج عنه امتناع مبارك عن زيارة الولاياتالمتحدة لمدة تزيد على 5 سنوات رغم توجيه واشنطن له الدعوة أكثر من مرة"، مشيرًا إلى أن الصدام لم يكن يصل إلى حد الصراع. وأشار أبو الغيط أن امتناع مبارك عن زيارة لندن وهي إحدى أهم العواصم الأوروبية يرجع إلى موقف شخصي محض متعلق بتنظيم مظاهرة خلال إحدى زياراته لإنجلترا أمام الفندق الذي كان ينزل به وعدم تدخل السلطات الإنجليزية للحد من هذه المظاهرات، منوهًا إلى أنه رغم ذلك فإن لندن كانت صاحبة أكبر استثمارات أجنبية في مصر. وفجر وزير الخارجية المصري على مدى 8 أعوام مفاجأة عندما كشف عن جملة ذكرها له الرئيس السابق حسني مبارك حول أن الولاياتالمتحدة إذا ما أرادت خلعه من موقعه لفعلت، موضحًا أنه تفاجأ من جملة مبارك، وإن ذلك كان السبب الرئيسي في تدخل مبارك في كل صغيرة وكبيرة فيما يتعلق بعلاقة القاهرةبواشنطن. وشكك أبو الغيط فيما ذكر بأن وزير الخارجية الأمريكي الأسبق كولين بول، اعتمد فيما ذكره حول امتلاك العراق لأسلحة دمار شامل على الرئيس السابق حسني مبارك، مشيرًا إلى أن القدرات الأمريكية لم تكن بحاجة لمعلومات من مصر. وكشف أبو الغيط أنه صاحب المقترح الخاص بالإفراج عن أيمن نور، رئيس حزب غد الثورة، والذي ترشح في انتخابات الرئاسة أمام مبارك عام 2005، مشيرًا إلى أنه اقترح الإفراج عن نور كرد على قدوم إدارة أمريكية جديدة متمثلة في الرئيس باراك أوباما ووزير الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون وسعي واشنطن لتصحيح مسار العلاقة مع القاهرة بعد إفسادها على مدى إدارة بوش الابن. وأضاف: "وجهني الرئيس بعصبية شديدة بسبب هذه الفكرة ولكنه تشاور مع كل من عمر سليمان، رئيس جهاز المخابرات الأسبق، وزكريا عزمي رئيس ديوان رئيس الجمهورية في عهد مبارك، وسليمان عواد، المتحدث الرسمي باسم مؤسسة الرئاسة، وأثنوا على الفكرة وتم بناء على ذلك الإفراج عن أيمن نور". وشدد على أن الولاياتالمتحدة في عهد إدارة بوش لم تكن كما تزعم تريد تحقيق الديمقراطية في مصر، موضحًا أنه بعد القبض على أيمن نور سعت واشنطن لمساومة مصر على غض الطرف عن إلقاء القبض على نور مقابل إرسال مصر قوات للعراق وأفغانستان وهو ما رفضته مصر وبشدة. وأكد أبو الغيط أن اللواء عمر سليمان، رئيس جهاز المخابرات المصرية الأسبق، كان صاحب التأثير الأقوى على رأي الرئيس مبارك وكان قادرًا على تغيير وجهة نظره، موضحًا أن مبارك كان يستمع وبإمعان لكل ما كان يقال له من أي شخص بخاصة تلك المواضيع التي يهتم بها بشكل كبير. ونفى أبو الغيط وجود منافسة بينه وبين عمر سليمان فيما يتعلق بملفات السودان وفلسطين والسودان، منوهًا إلى أنه عندما أسند إليه منصب وزير الخارجية كانت هذه الملفات بيد سليمان ولم يسع للاصطدام برئيس جهاز المخابرات. واختتم بالقول: "ما ساعدني على ذلك أن سليمان كان شخصًا صريحًا ويتحدث بصدق فيما يسأل عنه"، مشددًا على أن سليمان كان شخصية مركبة يهتم كثيرًا بجمع المعلومات عن كل صغيرة وكبيرة يطلب منه جمعها وما لا يطلب منه جمعها فيما يتعلق بالأمن القومي وأن ذلك سر قوته.